صراعات عائلية تغزو أعمال الدراما الرمضانية لعام 2021 … فهل هي بحث عن حالة تشويقية أم تسليط على حياة الواقع؟
| هلا شكنتنا
تنتظم الأعمال الدرامية مجموعة من القصص والحكايا التي تجعل منها نسيجاً متجانساً، وفي دراما رمضان السورية والمشتركة لهذا العام برزت قضية وجود صراعات أسرية عديدة ما جعلها ظاهرة تستحق الوقوف عندها لرؤية أثرها في البنية الدرامية والحكاية.
«على صفيح ساخن… والصفعة بين الإخوة»
صراعات أسرية تشتعل مباشرة بين أفراد عائلة واحدة، هي فكرة كان لها الحيز الأكبر في سيناريوهات الدراما الرمضانية السورية لعام 2021، وبدايتها كانت في مسلسل «على صفيح ساخن» للكاتبين يامن الحجلي وعلي وجيه والمخرج سيف الدين سبيعي، حين بدأ لقاء الإخوة بصفعة قوية من باسم ياخور الذي جسد دور «هلال» لشقيقته «هند» التي لعبت دورها الممثلة الجزائرية آمال بشوشة، حيث حظي المشهد بنسبة مشاهدات عالية وجعلت العمل يحدث نقلة نوعية منذ بداية عرضه ما شكل نوعاً من التشويق والحماس لدى المتابع، وجاءت هذه الصفعة نتيجة حدوث خلافات أخوية تتعلق بالميراث العائلي بعد عودة «هلال» من السفر.
ولم يكتف على «صفيح ساخن» بهذا المشهد، بل تابع أحداثه ليعرض مشاهد أكثر قوة ليدخل في المشاكل العائلية أيضاً التي تجلت في توضيح تعامل شخصية الطاعون «سلوم حداد» مع ابنته «تمارا» التي جسدتها الشابة «جنا عبود» التي أوضحت كيف يتعامل الأب مع ابنته عندما تقع في حب شاب «نباش» يعمل في مكب القمامة، حيث ظهرت قسوة الأب من خلال ربطه لابنته وحبسها في غرفة صغيرة لكي يعيد تربيتها ولكن بطريقة قاسية.
«صراعات عائلية وشكوك في خريف العشاق»
ولم تكن الصراعات العائلية فقط تتمحور حول المال فقد شهد الموسم الدرامي لعام 2021 نوعاً من الصراعات التي تتمحور حول المشاكل الزوجية التي تم طرحها في مسلسل «خريف العشاق» للكاتبة ديانا جبور والمخرج جود سعيد، وذلك حينما عاد «بدر» الذي يلعب دوره الممثل «محمد الأحمد» إلى بلده، ليفاجأ بعدها بأن زوجته «جولييت» التي قامت بدورها الممثلة «حلا رجب» قد أنجبت طفلة دون علمه بخبر حملها قبل أن يسافر إلى أحد البلاد ما جعل الشك يسيطر عليه لتنشب بينهم صراعات عائلية وفتور عاطفي.
«النزاعات والبيئة الشامية»
وهذه المشاهد والصراعات العائلية لم تكن فقط في الأعمال الاجتماعية، بل جُسّد الصراع العائلي في أعمال البيئة الشامية ومنها مسلسل «سوق الحرير» للمثنى الصبح، حين بدأت شخصية عمران التي جسدها «بسام كوسا» بالتحايل والأكاذيب على شقيقه ما جعل شقيقه «غريب» يدخل إلى سجن ظلماً وبهتاناً والذي قام بتجسيدها الممثل سلوم حداد.
كما عرض العمل أيضاً صراعات زوجية نشأت بين شخصية «قمر» للممثلة «كاريس بشار» بسبب تواصلها مع أحد الأساتذة في مدرسة ابنتها والتي كانت تربطها به علاقة عاطفية، ما جعل شخصية «قمر» تتعرض لبعض المشاكل مع زوجها بسبب إخفائها هذا الأمر عنه، إضافة إلى كشف زوجته بتآمره على شقيقه التي جعلها تقوم بفضح زوجها أمام عائلته، وبالتالي نتيجة هذه الصراعات كان الطلاق بين الشخصيتين.
وظهر أيضاً الصراع العائلي في مسلسل «حارة القبة» للكاتب أسامة كوكش والمخرجة رشا شربتجي، حينما قام «أبو العز» الذي لعب دوره الفنان «عباس النوري» بضرب زوجته «أم العز» التي جسدت دورها « سلافة معمار» عندما قامت بالخروج إلى الحارة وهي لم ترتد «الملاية» بسبب تعرضها لموقف صعب جعلها تفقد وعيها، وحصل المشهد على نسبة عالية من المشاهدات نتيجة تجسيدهم للدور بشكل متمكن بحسب رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
«نصيب الصراعات العائلية في الدراما المشتركة»
أما بالنسبة لأعمال الدراما العربية المشتركة فقد كان لها نصيب من هذه الفكرة، وذلك في مسلسل «2020» للمخرج فيليب أسمر والكاتب بلال شحادات، من خلال مواجهات تمت بين شخصية «صافي» للممثل «قصي خولي» وشقيقه في العمل «يزن» للممثل «جنيد زين الدين»، وهذه المواجهات كانت بسبب حب الشقيق «يزن» بالخروج عن سلطة شقيقه وسرقته عندما قام بأخذ بعض الأكياس من المادة المخدرة.
كما سلط العمل الضوء أيضاً على الصراع العائلي من خلال تصويره لمشهد بين «صافي» و«يزن» عندما أراد «صافي» توقيف شقيقه عن تعاطي المخدرات من أجل حمايته ولكن المشهد عرض بطريقة العراك والشجار العنيف ما سبب حالة حزن شديدة للأم عندما شاهدت أبناءها بهذه الحالة وبالتالي كانت نهاية المشهد موت الأم التي سببها صراع الإخوة.
وتحدث العمل أيضاً عن المشاكل التي تحدث بين النساء وبين والدة زوجها المتوفى، وذلك من خلال عرضه لقضية شخصية النقيب «سما» للممثلة « نادين نسيب نجيم» التي أرادت والدة زوجها أن تأخذ ابنتها منها لكونها تعمل في مجال يصعب عليها الاعتناء بابنتها.
ومن خلال متابعة «الوطن» لردود أفعال المشاهدين نجد أن هذا الصراع الذي تم استخدامه قد حقق هدفه التشويقي، وذلك من خلال تعليقات المتابعين على مواقع السوشيال ميديا بعد عرض حلقات العمل التي حملت نوعاً من الحماس لمعرفة المجريات الحاصلة في الحلقات القادمة ومن ضمن التعليقات كانت: «المشاكل بين الإخوة في منها حقيقة» وتعليق آخر كانت «الأحداث متصاعدة جداً…….. تشوقنا نعرف النهاية بعد كل هذه الصراعات».
كما عبر بعض المتابعين عن أن هذه الأفكار التي تم عرضها هي مستقاة من الحياة الواقعية التي تشهدها العائلات في الوقت الحالي، ولاسيما التي تتعلق بالميراث العائلي والمشاكل الزوجية المتعلقة بالأكاذيب والخيانة والشكوك، إضافة إلى المشاكل التي تحدث بين الآباء والأبناء نتيجة اختلاف الأجيال وتغيير وجهات النظر مع مرور السنين خاصة في مواضيع الحب، ومن ضمن التعليقات التي أكدت هذه الفكرة «هذه الأفكار فعلاً حقيقية….. الكره والصراعات أصبحت واقعاً…. وهذا هو هدف الدراما الحقيقية تجسيد الواقع عن طريق الإبداع».
وإذا أردنا الخوض وتحليل هذه المواقف من جانب درامي وجانب آخر علمي، نرى بأنها طريقة مثالية لتشويق المتابع وزيادة حماسه لكي يتابع العمل ويعلم ماذا سوف يحدث في تتمة الحلقات، كما تساعد الصراعات العائلية أيضاً على زيادة خيال المتابع الذي يبدأ بعد مشاهدة الحلقة بالتفكير وتخيل الأحداث التي من الممكن أن تحصل، وهنا نستذكر التعريف الشهير للصراع الدرامي الذي يعد عنصراً أدبياً مهماً في القصص والبنايات الدرامية، إذ إنه يخلق عدة تحديات في القصة تجعل القارئ يشكك في ما إذا كان الهدف المنشود سوف يتحقق في النهاية أم لا، وإذا كانت هذه الصراعات تقتصر فقط على حدث واحد أم ستتبعها صراعات أخرى.