Site icon صحيفة الوطن

إلغاء قانون «سلطات الحرب الرئاسية»: ترتيب أوراق أم استعادة سلطات!

على الرغم من أن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة حاولوا عند كتابة الدستور الحرص على عدم تحول السلطة التنفيذية أي الرئاسة إلى دكتاتورية من خلال ربط القرارات المصيرية بالسلطة التشريعية أي الكونغرس، إلا أنه مع مرور الوقت حصلت تعديلات على الدستور أعطت الرئاسة حرية أكبر في اتخاذ القرارات المصيرية كإعلان الحرب أو تحريك القوات المسلحة، لكن يبدو أن المشرع الأميركي قد قرر أخيراً سحب التعديلات الدستورية التي أعطت الرؤساء الأميركيين منذ خمسينيات القرن الماضي حرية تحريك القوات المسلحة من دون العودة إلى الكونغرس، ففي الأسبوع الماضي صوت مجلس النواب الأميركي بأغلبية عظمى على إلغاء التعديلات الدستورية على قانون «سلطة الحرب الرئاسية».
لقد صوت النواب الأميركيون على إلغاء قانون عام 1991 الخاص بحرب الخليج وقانون عام 1956 المبهم الخاص بالوجود العسكري في الشرق الأوسط خلال فترة الحرب الباردة. وسيتم التصويت خلال هذا الشهر لإبطال تفويض حرب العراق لعام 2002، كما يعمل المشرعون الأميركيون مع البيت الأبيض لإعادة صياغة قانون 2001 الخاص بعمليات مكافحة الإرهاب الأميركية.
ولعل ما دفع الحزب الديمقراطي إلى تمرير قانون لإلغاء قانون «سلطة الحرب الرئاسية» هو خوفهم من بقائهم متورطين في صراعات الشرق الأوسط التي لا نهاية لها حسب تعبيرهم، وخاصة بعد أن أمر الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي بتنفيذ ضربات جوية أميركية على مواقع على الحدود السورية العراقية، أما الرئيس الأميركي فقد اعتبر أن هذه الضربات تأتي تحت البند الثاني من الدستور المتعلق بحماية الجنود الأميركيين لا علاقة لها «بسلطة الحرب الرئاسية» الخاصة.
صوت 366 نائباً من كلا الحزبين لمصلحة القانون الجديد وينتظر القانون الآن تصويت مجلس الشيوخ الذي بدوره يريد إلغاء مجموعة أخرى من «سلطات الحرب»، ويرى المشرعون أن هذه خطوة ضرورية لتحديد «سلطات الحرب» لضمان عدم استغلال السلطة في المستقبل، إضافة إلى إلغاء قوانين «سلطات الحرب المطلقة» التي لا تزال موجودة يرى المشرعون من كلا الحزبين ضرورة تعديل التفويض الخاص لعام 2001 الذي يحدد أغلبية العمليات العسكرية ما بعد هجمات 11 من أيلول 2001 بما فيها حرب أفغانستان.
دعم الرئيس بايدن الجهود التشريعية الرامية لاستبدال قانون «سلطات الحرب» بسلطات قانونية تتلاءم بشكل أفضل مع الصراعات الحالية من دون أن يذكر تفاصيل معينة.
هل ما يحدث في «الكابيتول هيل» هو محاولة المشرع الأميركي استعادة سلطته التي خسرها لمصلحة البيت الأبيض؟ أم أن البيت الأبيض يعمل على ترتيب أوراقه الخارجية لتلائم أجندته السياسية الجديدة التي على ما يبدو ستبتعد عن الشرق الأوسط لتركز على محاربة التهديد الصيني؟
ببساطة يرتب كل من البيت الأبيض والكونغرس أوراقه وقوانينه لتتناسب مع أجندته الجيوسياسية الجديدة من دون أن يكترث بما فعلت قوانينه السابقة بشعوب الشرق الأوسط على مر عقود من التدخلات السياسية والعسكرية والاقتصادية، ولعل الانسحاب الأميركي من أفغانستان خير دليل على ذلك.

Exit mobile version