Site icon صحيفة الوطن

«إضاءات على عُمان» معرض للقطع الأثرية والتراثية … وزيرة الثقافة: يعبّر عن عزم البلدين على حماية وصون تراثه المادي واللامادي .. أمين عام المتحف الوطني العُماني: وقعنا على منحة تتعلق بصون التراث السوري المتضرر

التراث الحضاري ليس حكراً على بلد، بل هو إرث ومُلك لكل أجيال الإنسانية في حضاراتها المتنوعة، هذا الإرث سواء أكان مادياً أم غير مادي، هو الحامل للهوية المحلية التي تتعرف بها الأمم على الآخر، ومن خلالها تتواصل معهم وتتبادل الثقافات المختلفة. ومن أجل الحفاظ على الهوية الوطنية السورية التي سعت أيادي الإرهاب إلى طمسها خلال سني الأزمة الماضية، احتفلت دمشق بضيوفها من سلطنة عُمان، من خلال معرض (إضاءات على عُمان) الذي احتواه المتحف الوطني بدمشق، بحضور كل من: وزيـرة الثقافــة د. لبانة مشوح، وزير السياحة محمد رامي مارتيني، ومن الجانب العُماني بحضور أمين عام المتحف الوطني العماني، والمستشار في سفارة سلطنة عمان بدمشق، إضافة لحضور دبلوماسي وإعلامي ومهتمين بالمناسبة.

هذا وأقيم المعرض الذي سيستمر من 1 تشرين الثاني وحتى 30 نيسان 2022، كي تتمكن أكبر شريحة ممكنة من الزوار من مشاهدة المقتنيات الفريدة، والتي جاءتنا من سلطنة عمان بعدما تمّ تأهيلها. كما تخلل الافتتاح التوقيع على منحة لاتفاقية وقعّت في عام 2019، وتتعلق بشكل وصون التراث السوري المتضرر خلال سنوات الأزمة. وأخيراً تم تكريم مجموعة من الأشخاص العاملين في المتحف الوطني بدمشق وذلك لتفانيهم في عملهم والاستمرار فيه من دون كلل أو ملل من أجل إبراز المقتنيات الأثرية التي يحتويها المتحف بأبهى صورة للزوار.

قائمة التعاون طويلة

بداية أعربت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح عن سعادتها بهذه المبادرة التي تجمع بين البلدين سورية وعُمان قائلة: «يسعدنا أن نستضيف في متحفنا الوطني بدمشق إخوة لنا تربطنا بهم وشائج محبة وتعاون، وحضارات كنّا لها مهداً ومنارة عبر التاريخ، إخوة من عُمان وقفوا إلى جانب الحق في أحلك ظروف مرّت بها سورية في تاريخها المعاصر».

وعن معرض (إضاءات على عُمان) الذي يعكس مدى عمق العلاقة بين البلدين تابعت في تصريحها لـ«الوطـن»: «سيستمر المعرض لستة أشهر كاملة، إذ يحتضن قطعاً أثرية وتراثية زخرت بها أرض عُمان، هذا ودمشق وعُمان تكادان تكونان توأمين لعراقتهما التاريخية، ولموقعهما الجغرافي المميّز على طريق الحرير، الأمر الذي منحهما بُعداً حضارياً، وجعلهما ملتقى للأمم والحضارات. وسيشاهد الزوار للمعرض القواسم الحضارية والمادية واللامادية التي تجمعنا أكثر بكثير مما نظن. كما يعبّر هذا المعرض عن عزم كلا البلدين على تنفيذ المشروع الوطني لكل منهما في حماية وصون تراثه المادي واللامادي، ورغبتهما الحقيقية المشتركة في تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بينهما لدعم هذا المشروع المشترك».

وفي تفصيل أكثر أوضحت وزيرة الثقافة أن قائمة التعاون بين البلدين طويلة ولكنها توقفت بالحديث عن بعض المقتنيات التي تمت إعارتها لسلطنة عُمان ليتم تأهيلها قائلة: «قمنا بإعارة مخطوط ابن ماجد الفريد من نوعه في العالم إلى سلطنة عُمان، لترميمه وعرضه في المتحف الوطني، كي يتعرف عليه أكبر عدد من الزوار، وكذلك إعارتها 175 من المقتنيات الأثرية، وقامت بترميم الجزء الأكبر منها، وأيضاً خلال معرض (إضاءات على عُمان) سيشاهد الزوار مئة مسكوك نقدي برونزي من العملات الرومانية والبيزنطية بعد أن جرى ترميمها في متحف عُمان الوطني، وهناك مجموعة من التماثيل التدمرية التي تضررت في فترة الحرب على الإرهاب، أعيرت أيضاً إلى متحف عُمان حيث يشرف على ترميمها خبراء من متحف الأرميتاج في سان بيترسبرع».

وشددت في ختام حديثها على التقدير الكبير الذي يكنّه الجانب السوري للدعم الذي تقدمه سلطنة عمان ولمساندتها للحق والأخوة والحضارة، مشيرة إلى أن هذا الأمر ناتج عن رؤية عربية وإنسانية حضارية، تقدّر التراث الحضاري ليس كمُلك لبلد واحد ينتمي إليه، بل ينتمي للإنسانية جمعاء.

اهتمام وتأهيل للأثر السوري

من جانبه تحدث د. جمال الموسوي أمين عام المتحف الوطني العُماني عن أهمية معرض (إضاءات على عُمان) كمظهر من مظاهر ترسيخ العلاقة ما بين البلدين، مشيراً إلى أن المقتنيات تعود للعصر البرونزي، متابعاً في تصريحه لـ«الوطـن»: «هذا المعرض هو أول معرض يقام بدمشق منذ عام 2007، ويهدف لتعريف المشاهد السوري بالتجربة الحضارية العُمانية التي تعود بجذورها إلى العصر البرونزي، هذا من جهة ومن جهة أخرى للمعرض أهمية كبيرة من خلال تسليط الضوء على ملامح العلاقات التي تجمع بين البلدين، والتي هي متجذرة بعمق التاريخ، ومبنية على أسس ومبادئ وقواعد أساسها الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وأيضا مبنية على الإخوة الصادقة والمحبة الخالصة».

وعما يتضمنه المعرض من قطع أثرية وعصرها الذي تنتمي إليه أضاف: «تعود القطع الأثرية التي يحتضنها المعرض لحضارة (مُجان)، وهي حضارة ظهرت في عُمان في الألفية الثالثة قبل الميلاد، أي قبل خمسة آلاف عام. حينها ارتبطت عُمان بمحيطها الخارجي عبر أسطول بحري عابر للبحار وصل إلى حضارة وادي السند وإلى بلاد الرافدين والقرن الإفريقي وإلى مصر الفرعونية. هذا ويضم المعرض مقتنيات تتعلق بحضارة أرض اللُبان التي تجارتها الدولية ازدهرت بالعصر الحديدي، وبنت جسوراً ما بين عُمان بالعالم القديم، والحواضر العريقة في سورية مثل حلب وتدمر وبصرى الشام، الأخيرة التي كانت جزءاً من مسالك اللُبان البرية، وفي هذه المرحلة التاريخية تبلورت العلاقة التي تربط البلدين بشكل مباشر وعميق».

وأخيراً حول الاتفاقية التي تم توقيعها قبل افتتاح المعرض، عّلق أمين عام المتحف الوطني العُماني قائلاً: «تم التوقيع على منحة لاتفاقية وقعت في عام 2019 تتعلق بشكل وصون التراث السوري المتضرر خلال سنوات الأزمة، هذه اتفاقية فريدة بنوعها وأتاحت لنا الشرف بأن نقوم بتأهيل هذه المقتنيات في مسقط بدعم حقيقي من الحكومة السورية الشقيقة، كما تم تسليم مئة قطعة بيزنطية ورومانية تم تأهيلها بمسقط، والعمل جار على ترميم خمس وسبعين قطعة، وأيضاً تم التوقيع على تسليم الدفعة الثانية من هذه المقتنيات، وهي ثلاثون قطعة تعود للعصور الحديثة والإسلامية، وأضيف هنا إن التحضيرات قائمة لإتمام تأهيل القطع وترميمها لتنظيم معرض مؤقت، لإتاحتها للجمهور العُماني وللسياح في عُمان، من أجل التعرّف على عمق التجربة الحضارية السورية، فسورية هي مهد الحضارات الإنسانية، وبالتالي سيكتشف الزوار في مسقط قساوة الظروف التي حاولت تشويه هذا المقتنى السامي الذي يدل على الحضارة الإنسانية».

Exit mobile version