Site icon صحيفة الوطن

الترجمة وموقع الأدب العربي منها … هل نقوم بترجمة النتاج الأدبي العربي إلى اللغات الآخرى للتعريف به ونشره؟

حقيقة نقولها للقارئ العربي إن الترجمة العربية قد فشلت فشلاً ذريعاً في إيصال موقع الأدب العربي إلى القارئ الغربي وإلى القارئ الشرقي، فكما أن الغرب من أميركا الشمالية إلى أميركا اللاتينية إلى أوروبا واستراليا لا يعرف شيئاً عن أدبنا فإن الهند واليابان والصين وإفريقيا كلها تجهله ولا تحمل أي فكرة واضحة عن إنجازات الحضارة العربية.

إن هذه حقيقة مؤلمة ومحرجة لكل مثقف عربي ولكل مسؤول عن الثقافة العربية إن هو أدركها فنحن الذين نتوسط العالم، والذين نمثل حضارة عظيمة للإنسانية لا نستطيع أن نجد لها موطئ قدم في حقل الثقافة العالمية المعاصرة بسبب جهل العالم لنا، وأن نجد على رفوف المكتبة العالمية ما يكفي من الكتب الراقية المترجمة لتعبر بإبداع وصدق عن القيمة الإنسانية المنضوية في إنجازاتنا الأدبية والفكرية ورسالتنا الحضارية عبر خمسة عشر قرناً، كيف حدث هذا؟ وكيف يستمر الآن، أن أهم هدف ممكن أن يضطلع به المسؤولون عن الثقافة في الوطن العربي الواسع الكثير الموارد هو أن يعملوا على إيصال هذا الأدب والفكر العربي على أحسن وجه إلى العالم وأن يعرف العالم بالطراز المتميز الذي بنيت عليه حضارتنا ومعمارنا ونقشنا وشعرنا وكتاباتنا، وفكرنا وموسيقانا، أدبنا الشعبي وأساطيرنا، صناعاتنا التقليدية المترفة، رؤيانا للكون والإنسان ومميزات لشخصيتنا الحضارية الخاصة، لذلك كيف يمكن للعالم أن يحترم ويحب أمة لا يعرف شيئاً عن فكرها وعبقريتها الفنية الإنسانية كما يصورها أدبنا الجيد؟

أما أدبنا من ناحية الجودة قياساً بالآداب الأخرى فإنه أدب إنساني عظيم فيه قيم كثيرة عبر تاريخه الطويل من الجاهلية حتى اليوم، فعندنا كتّاب كبار في مجموع إنتاجهم وعندنا كتاب تفوقوا في عدد طيب من إنجازاتهم الأدبية، ولكنهم غير معروفين عالمياً، والترجمات القليلة التي تمت لبعض إنتاجاتهم بقيت محصورة في دوائر تدريس العربية إجمالاً.

لا بد لنا أن نجد هناك مشاكل جمة تعترض الترجمة العربية وخاصة ترجمة الأدب من أي لغة إلى اللغات الأخرى ومنها الصعوبات الفنية وأهمها صعوبة نقل المصطلح الأدبي من لغة إلى لغة. ثم الفجوة الحضارية التي نجدها بين بعض الحضارات كالحضارة العربية والغربية مثلاً، ولذا فإن الاختيار للعمل المترجم مهم جداً، ثم أسلوب الترجمة نفسه، إذ إنه لا يترجم الأدب إلا الأديب في اللغة المترجم إليها، هذا من ناحية العامة أما من ناحية ترجمة الأدب العربي فإن الصعوبات الخاصة بها هو أننا لم ندرك بعد قيمة نقل تراثنا إلى العالم، إن جميع المثقفين العرب على أهمية هذا نظرياً إلا أن هذه الهدف لن يصبح حقيقة إلا عند حدوث الوعي الشامل الذي يلهب الخيال ويثير اللهفة إلى العمل المنظم، المخطط الواسع الجوانب الذي يقوم عليه الأفراد والمؤسسات التي تحمل الأمانة الحضارية اليوم. وإن تقديم أدبنا العربي الحديث إلى العالم هو الدخول إلى ميدان الثقافة المعاصرة وأخذ مراكزنا مع الأنداد والمشاركة لاسيما مع كتاب العالم الثالث في إعلاء صوت الإنسان المعاصر وفي تعبير نحو الوضعية الإنسانية في الظروف الخاصة التي يواجهها الإنسان في العالم الحديث.

إن أمامنا عملاً كثيراً فوضعنا الثقافي حرج للغاية وخاصة في مجالات الترجمة ونقل المعلومة الأدبية إلى العالم والزمن لا زال ضدنا والوقت ثمين يجب ألا يضيع منه يوم دون العمل نحو هذا الهدف السامي.

Exit mobile version