رئيس المجلس العلمي لـ«الوطن»: صعوبات باستيراد المواد الأولية بسبب الحصار والتمويل … أدوية قلب مفقودة في الأسواق … سعر الدواء الأجنبي خمسة أضعاف المحلي!
| محمد منار حميجو - مرام جعفر
ما زالت بعض أصناف الأدوية مفقودة في الأسواق منها العديد من أنواع أدوية القلب والأدوية العصبية مثل «ديبوجت 250» والأعصاب كـ«كاربامازبين زومي دواء الصرع» إضافة إلى العديد من المضادات الحيوية مع غياب البدائل المحلية وتوافر الأصناف الأجنبية «حسب ما أكده مشرف إحدى الصيدليات المركزية».
وجالت «الوطن» على العديد من الصيدليات للتأكد من أنواع الأدوية المفقودة فأكد أحد الصيادلة أن المعمل المنتج لعقار «ديبوجت» لم يوزّعه منذ أكثر من شهرين ولا يوجد بديل عنه، في حين أكد صيدلي آخر أن العديد من أدوية القلب والأدوية العصبية غير متوفرة في الصيدليات لكنها موجودة بالسوق السوداء مرجعاً ذلك إلى غياب الرقابة.
وأضاف الصيدلاني: هناك سوق سوداء حيث لا يحصل الصيدلاني على ما يطلبه من دواء بالسعر المحدد من وزارة الصحة، ويضطر لشراء الدواء بضعف تسعيرة العموم المسجلة.
وحسب الجولة على أكثر من 11 صيدلية في دمشق تبيّن وجود أنواع الأدوية المذكورة سابقاً من الصنف الأجنبي بخمسة أضعاف سعرها حيث بلغ سعر علبة «ديبوجت» 25 ألفاً وسعر «كاربا مازبين زومي« بـ10 آلاف ليرة لظرف يحوي عشر كبسولات فقط والذي من المفترض أن يوزّع مجاناً في الصيدلية المركزية التابعة لوزارة الصحة.
وأشار صيدلاني آخر لـ«الوطن» إلى أن الأدوية متوفرة لكن غياب التسعير المباشر من المعامل رغم وجود الإمكانيات فتح مجالاً للتلاعب بالأسعار حيث يقوم كل مستودع أو صيدلاني بوضع تسعيرة وفقاً للفاتورة التي تصله وغالباً السعر غير موجود على العلبة، معرباً عن تساؤله في حال عدم قدرة المعامل على التّسعير لماذا لا تقوم المستودعات بذلك؟
وأكد وجود احتكار للدواء من المعامل والمستودعات وإجبار الصيدلاني على تحميل مواد راكدة ليس عليها طلب للحصول على جزء مما يحتاجونه من الزمر الدوائية المطلوبة، وبسعر مضاعف عن تسعيرة وزارة الصحة.
وأشار إلى وجود تقصير في موضوع الرقابة، معتبراً أن هناك فوضى في آلية التسعير عند وزارة الصحة، لافتاً إلى أن الجولات سابقاً كانت تتم بشكل مفاجئ وبالتالي كان هناك ضبط لموضوع التسعير والاحتكار، في حين حالياً غابت الرقابة ما أدى إلى نشاط في عمليات التهريب كما أن إدخال الأدوية على ما يبدو سهل وبيعه بثلاثة أضعاف السعر مربح جداً.
نقيب صيادلة سورية وفاء كيشي أكدت لـ«الوطن» فقدان عدد من أدوية القلب والأعصاب من السوق المحلية، منوهة إلى أن عدداً من المعامل ينتج البدائل ويتم بيعها في السوق السوداء.
وقالت: بالنسبة لدواء «ديبوجت» فهو مقطوع لكن البديل المحلي «راندو 250 و500» متوفر منذ ثلاثة أشهر، ». مشيرة إلى أن «دواء كاراباتيك مقطوع لكن بديله تيغريتول لشركة أخرى متوفر ولكن أيضاً بكميات قليلة لا تتعدى العلبتين لكل صيدلية».
وأما بالنسبة لدواء «كاربامازبين» بينت كيشي أن وزارة الصحة عممت بوجود مستحضر «كارابامازبينو» أدوية التّصلب اللويحي في الصيدلية المركزية التابعة لها «يعطى مجاناً بموجب وصفة طبية
كيشي أردفت بأن المعامل اشتكت سابقاً من أن رفع سعر الأدوية لأول مرة لم يغط خسائرها ما أدى إلى توقف عدد منها عن العمل، وأخرى قنّنت إنتاجها ولم تنتج بكامل طاقتها ومعامل أخرى باعت إنتاجها في السوق السوداء.
وحول توقيت توّفر كل أصناف الأدوية، أشارت كيشي إلى حديث رئيس المجلس العلمي الدكتور رشيد الفيصل بلقاء تلفزيوني في كانون الأول من العام الماضي الذي وعد حسب قولها بأنه «بعد رفع أسعار الدواء للمرة الثانية بنسبة 30 بالمئة سيؤمن خلال فترة ثلاثة أشهر إلى حين وجود المادة الأولية وتحريرها بالمرافئ وتصنيعها، حيث ستتوفر الأدوية بالسعر النظامي».
وأكدت نقيب الصيادلة أن وزارة الصحة عممت على جميع مستودعات الأدوية بأنها ملزمة ومجبرة تحت طائلة المسؤولية بتوزيع كل الأصناف وبالسعر النظامي.
أما فيما يتعلق بالرقابة على أداء فروع الصيادلة فاعتبرت كيشي أن كل فرع مسؤول عن أدائه ونقابة الصيادلة عممت على كل فروعها بتتبع المستودعات ومعالجة التقصير وفي حال حدث طارئ إعلام النقابة بذلك وأكدت قائلة: كل فروعنا بالمحافظات تمارس دورها وعملها على أكمل وجه.
من جهته كشف رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية في سورية رشيد الفيصل أنه تم توفير بعض الأدوية المقطوعة في الأسواق رغم الصعوبات التي تواجهها المعامل في استيراد المواد الأولية الداخلة في إنتاج الأدوية، مشيراً إلى أن المعامل مستمرة في العمل لإنتاج الأدوية وتأمينها بشكل كامل.
وفي تصريح لـ«الوطن» أرجع الفيصل أسباب انقطاع بعض الأدوية الأخرى حتى الآن إلى صعوبات في استيراد المادة الأولية الداخلة في إنتاج الأدوية وذلك بسبب الحصار الاقتصادي على سورية إضافة إلى صعوبات في التمويل، مشيراً إلى أن الأدوية ليست خارج الحصار الاقتصادي، وبالتالي ونتيجة هذه الصعوبات فإن استيراد المادة الأولية يحتاج إلى وقت ومن الممكن أن يستغرق مدة ثلاثة أشهر لتأمين المواد الأولية.
الفيصل أشار إلى وجود صعوبات أخرى في إنتاج الدواء منها الصعوبة في تأمين الطاقة من كهرباء ومشتقات نفطية، وخصوصاً أن الاحتلال الأميركي يسرق النفط السوري في المنطقة الشرقية وهذا ما يشكل صعوبة في تأمين هذه المشتقات للمعامل لإنتاج الأدوية بشكل مستمر.
ولفت إلى أن هناك أزمة عالمية في موضوع ارتفاع الأسعار وهذا ما ينعكس أيضاً على تأمين المواد الأولية وبالتالي فإن الأزمة هي عالمية وليس في سورية فقط.
وكانت وزارة الصحة قد رفعت أسعار الدواء نهاية العام الماضي إلى 30 بالمئة وكان الرفع الثاني في ذات العام وبذات النسبة بعدما رفعته في الشهر السادس أيضاً إلى 30 بالمئة ليشمل تعديل الأسعار نحو 12 ألف صنف دوائي، وذلك بعد نداءات من أصحاب معامل وشركات الأدوية، بالتوقف عن الإنتاج في حال عدم تعديل سعر الأدوية.