Site icon صحيفة الوطن

أوروبا.. بيدق واشنطن في مواجهة موسكو

يا ترى هل تتحمل أوروبا ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية تبعات اشتعال الحرب وإثارة نزاع مسلح مع موسكو التي تتصرف بحذر بالغ مع سيل من البروباغندا المجنونة والإجراءات العملية الاستفزازية الأميركية في المجال الحيوي للأمن القومي الروسي؟

افتعال الحماقة وارد جداً من قبل أحد الأطراف التي تأتمر بأوامر واشنطن التي هيأت الأجواء السياسية والعسكرية والرأي العام العالمي لحدوث النزاع ولم يبق سوى إشعال الفتيل، ودونباس حاضرة لتكون برميل البارود الذي سينفجر شرق القارة العجوز التي لا ناقة لها فيها ولا جمل.

في احتمال ارتكاب الحماقة ومحاولة كييف حل مشكلة دونباس بالقوة فإن روسيا من دون أدنى شك ستلجأ لحماية المواطنين من أصل روسي في تلك المنطقة باستخدام القوة أيضاً، هذا إذا ما تطور الأمر واحتاجت موسكو لفرض سيطرتها على كامل الأراضي الأوكرانية بهدف توسيع دائرة الحماية وتلبية لمطالب الأمن القومي الروسي، وفي هذه الحالة فإن روسيا لا تحتاج إلا إلى 48 ساعة لتحقق أهدافها، ولن يفيد كييف في هذه الحالة أحد، وجل ما تستطيع واشنطن تقديمه هو فرض عقوبات أوروبية أميركية على موسكو، لأن هدفها من الأساس هو فرض القتال بالوكالة للوصول إلى تمزيق العلاقات الاقتصادية بين أوروبا وروسيا على أقل تقدير، أو اندلاع حرب بين روسيا وأوروبا على الأكثر.

المكنات الألمانية والفرنسية تحاول رأب الصدع، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ارتمى بالحضن الروسي وبرلين تنصلت أمام كييف حتى بضخ السلاح في السر والعلن، فالاقتصاد الأوروبي برمته مهدد بالانهيار الكامل إذا ما حدث المحظور وقطعت خطوط الغاز الروسية، ولن تستطيع واشنطن تعويض نقص الطاقة في القارة الأوروبية وسيصبح القرار- لاقتصادي الأوروبي بيد الولايات المتحدة كما هو القرار السياسي، أوروبا التي تستشعر الخطر من انهيار اقتصادات دولها ستشارك واشنطن رغم أنفها بالعقوبات التي توشك الأخيرة على إقرارها ضد روسيا، تحت وعود أميركية بالتعويض لأوروبا من خلال النفط والغاز الأميركي، أما روسيا التي استبقت كل هذه المخاوف وعقدت مع الصين شراكة إستراتيجية وتحالف قوي أمّنت من خلاله انسياباً سلساً للغاز الروسي إلى الصين ليكون الخاسر الأكبر أوروبا التي ستكون بمنزلة الجسم المضيف للطفيليات الأميركية اقتصادياً.

تحت هذا السعار الغربي وتحديداً البريطاني الأميركي تتظاهر لندن وهي الحليف الأقرب لواشنطن والعدو اللدود لروسيا أنها راعية جهود سلام لمنع حدوث النزاع شرق أوروبا، حتى أنها وصلت لدرجة عدم الاعتراف بسيادة روسيا على أراض روسية تنتشر فيها قوات روسية على الحدود مع أوكرانيا وهي مناطق «روستوف وفورونيج» وذلك أثناء اجتماع وزيرة الخارجية البريطانية إليزابيث تراس ونظيرها الروسي سيرغي لافروف في موسكو، عندما سألها «ألا تعترفون بسيادة روسيا على هذه المناطق التي تنتشر فيها القوات الروسية» ليكون جواب تراس بعدم الاعتراف، حينها كان خروج لافروف عن حدود الدبلوماسية ووصف المناقشات «بحوار الطرشان».

للأسف العجرفة الأميركية الغربية وصلت إلى هذه الحدود والتي تريد فك العلاقات الاقتصادية الروسية الأوروبية على حساب كييف، حتى لو وصلت إلى الحرب وقتل الأبرياء وكل ذلك لإنقاذ اقتصادها المتهالك فهل ستنجح، أم إن هناك صحوة أوروبية تمنع هذا السيناريو؟

Exit mobile version