ارتفاع أسعار النفط عالمياً يؤثر في محفظة النقد الأجنبي … «المركزي» ينفي لـ«الوطن» أي إجراءات جديدة حول تمويل المستوردات … تجارة ريف دمشق تقترح إيقاف المستوردات غير الأساسية لـ6 أشهر.. ووزارة الاقتصاد لـ«الوطن»: إيقاف الاستيراد غير وارد
| عبد الهادي شباط
نفى مصدر مسؤول في مصرف سورية المركزي لـ«الوطن» وجود أي إجراءات جديدة حالياً فيما يخص تمويل المستوردات وأنه مستمر في آلية التمويل الحالية عبر شركات الصرافة والأولويات التي تم تحديدها بما يتلاءم مع المتطلبات الأكثر ضرورة وحاجة للمواطن.
موقف المركزي جاء بعد ما تم تداوله في الأوساط الاقتصادية بأن ارتفاع أسعار النفط عالمياً كان له تأثير كبير على محفظة سورية من النقد الأجنبي المخصص للاستيراد والمكون من الحوالات الخارجية وإعادة قطع تصدير، وهو الأمر الذي يتطلب ترشيد التجار والصناعيين لمستورداتهم حفاظاً على سعر صرف مستقر.
وفي متابعة أجرتها «الوطن» أوضح مصدر في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أن إيقاف الاستيراد بالمطلق غير وارد وغير منطقي وأنه لا يمكن وقف الاستيراد وهناك حاجات ومتطلبات لا بد من تأمينها عبر الاستيراد خاصة المواد الأساسية مثل الأغذية وحليب الأطفال ومتطلبات الإنتاج المحلي والزراعية وغيرها، وأوضح أن الوزارة تدعم تعزيز الإنتاج المحلي عبر تأمين متطلباته عبر الاستيراد لأن تعزيز الإنتاج ورفع معدلاته وزيادة دورة الإنتاج كله يصب في دعم الليرة السورية والحفاظ على قوتها ويخفف فاتورة المستوردات من المواد المصنعة والجاهزة، منوهاً بأن وزارة الاقتصاد لديها دراسات دائمة لتحديد قوائم المواد والحاجات التي يمكن الاستغناء عن استيرادها وهي غير ضرورية.
ويأتي كل ذلك على التوازي مع كتاب مجلس إدارة غرفة تجارة ريف دمشق الموجه لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الذي حمل اقتراحاً بتوقيف كل المستوردات غير الأساسية لمدة ستة أشهر حفاظاً على سعر صرف العملة السورية.
وجاء في الكتاب الذي حصلت «الوطن» على نسخة منه «نظراً للظروف الاقتصادية الحرجة التي يشهدها العالم والمنطقة، وبعد أن كنا نطالب الحكومة سابقاً بفتح أبواب الاستيراد أمام التجار، وفي سياق السياسة الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة في ترشيد الاستيراد بهدف تخفيف فاتورة المستوردات والحد من الضغط على موجودات القطع الأجنبي للحفاظ على استقرار سعر الصرف، وبما أن قائمة المستوردات تتضمن أكثر من 3000 بند جمركي وهي قائمة متغيرة حسب الاحتياجات التي يفرضها واقع الإنتاج المحلي والظروف الاقتصادية.
وبعد أن ناقش مجلس إدارة غرفة تجارة ريف دمشق في جلسته المنعقدة بتاريخ 17 آذار/2022 الواقع الاقتصادي والتحديات الكبيرة التي يشهدها العالم في الوقت الحالي تقرر الموافقة على رفع مقترح لسيادتكم بإيقاف الاستيراد لمدة ستة أشهر للسلع المدرجة ضمن الدليل الإلكتروني للمواد المسموح باستيرادها، باستثناء المواد الغذائية غير المصنعة محلياً وكل مستلزمات الإنتاج الزراعي ومستلزمات الصحة والطاقة والمواد والسلع التي ترونها أساسية في تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين.
كما ناقش المجلس ضرورة التركيز على إيجاد مخزون إستراتيجي من المواد الغذائية ومستلزمات قطاع الصحة والطاقة تكفي لنهاية العام على الأقل، ريثما يستقر وضع الاقتصاد العالمي بهدف تخفيف وطأة هذه التحديات على الاقتصاد السوري والدفع نحو اقتصاد مبني على تعزيز الإنتاج الزراعي بشكل أساسي ومعتمد على قدراته الذاتية. وإن غرفة تجارة ريف دمشق تثمّن جهود الحكومة في العمل على تأمين مستلزمات المواطنين وحاجاتهم وفي الحفاظ على استقرار سعر الصرف ضمن هذه الظروف الصعبة
وفي غرفة تجارة دمشق بين رئيس لجنة المصارف مصان نحاس أنه لا يمكن تعميم وقف الاستيراد لأن لذلك محاذير أهمها توقف النشاط الاقتصادي وحركة الإنتاج في حين ما يمكن التوجه له اليوم هو ترشيد الاستيراد واقتصاره على السلع والمواد الضرورية ومستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي بما يسمح في استمرار حركة الإنتاج وأن معظم المخازين من المواد الأساسية وخاصة الغذائية جيد ويكفي حتى 4 أشهر وأن حالات الاحتكار في السوق لا تتعدى 10 بالمئة ويجب مكافحتها، على حين اعتبر أن الآلية الحالية لتمويل المستوردات جيدة وتضمن عدم التأثير على سعر الصرف واستغلال تمويل المستوردات للمضاربة والتلاعب بالقطع الأجنبي، مقدراً متوسط الحصول على التمويل لإجازات الاستيراد بحدود الشهر وهي مدة مقبولة وسط الظروف الحالية.
وفي المقابل أوضحت بعض المصادر المصرفية لـ«الوطن» أن المحفظة كانت قبل ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته عالمياً تكفي لتسديد ما تحتاجه سورية من كميات بالحدود الممكنة إضافة لتمويل مستوردات التجار والصناعيين وذلك وفقا للأولويات وما يصدر عن وزارة الاقتصاد من لائحة للمواد المسموح باستيرادها، لكن منذ ارتفاع سعر النفط عالمياً وكذلك القمح ومختلف المعادن، لم تعد هذه المحفظة تكفي لتلبية كل الطلبات التي تتلقاها شركات الصرافة المرخصة، الأمر الذي تسبب بتباطؤ عمليات الاستيراد.
بينما يرى بعض المتابعين للوسط الاقتصادي أنه حتى الآن لا يمكن الحزم تجاه موعد لانتهاء العملية العسكرية في أوكرانيا وإعادة الاستقرار إلى أسواق النفط العالمية، وهذا ما يتطلب أخذ الحيطة والحذر من التجار والصناعيين لإيجاد معادلة لا بد منها بحيث يبقى الإنتاج مستمراً، وكذلك توفر السلع الأساسية في الأسواق، ووقف استيراد كل ما هو غير ضروري بالوقت الحالي وذلك حفاظاً على ليرتنا ومنعاً لأي انزلاق قد تتعرض له.