Site icon صحيفة الوطن

مخالب تركيا القذرة

استهدفت تركيا الشمال العراقي ليل الـ17 من نيسان 2022، بقصف مدفعي وجوي، وبتوغل للقوات الخاصة التركية و«الكوماندوس» مدعومة بمسيّرات ومروحيات هجومية، مخترقة الأراضي العراقية بعمق وصل إلى ثلاثين كيلومتراً، ممتداً على مساحة 7000 كيلومتر مربع في انتهاك صارخ للأراضي العراقية، بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني «P. K. K».

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أعلن أن قواته «بدأت عملية مخلب القفل ضد الأهداف الإرهابية بغية منع الهجمات الإرهابية على شعبنا». وبينت وزارة الدفاع التركية في بيان لها، أن الهجوم تم بالتنسيق مع «أصدقاء تركيا وحلفائها»!

وزارة الخارجية العراقية استدعت السفير التركي لدى العراق علي رضا كوناي، وسلمته «مذكرة احتجاج شديدة اللهجة»، دعت فيها إلى «الكفّ عن مثل هذه الأفعال الاستفزازية والخروقات المرفوضة»، مجددة «تأكيد الحكومة العراقيّة مطالبتها بانسحاب كامل القوات التركية من الأراضي بنحو يعكسُ احتراماً ملزِمَاً للسيادة الوطنية». كما اعتبر الناطق باسم رئاسة جمهورية العراق، أن تكرار العمليات العسكرية التركية «أمر غير مقبول»، وأن «الممارسات الأحادية الجانب في معالجة القضايا الأمنية العالقة أمر مرفوض».

بالمقابل، قال رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني خلال استضافته في معهد «تشاتام هاوس» في بريطانيا في الـ20 من نيسان الحالي: «إن حزب العمال جاء إلى مناطقنا ولا يحترم الكيان الدستوري للإقليم»، وهم «بدلاً من أن يقاتلوا على أراضيهم جاؤوا إلينا»، مؤكداً أن «أفضل خيار هو أن يغادر الحزب أراضينا وليمارس نشاطه في مناطقه وأن يحل مشاكله هناك بعيداً عنا».

الخبير الأمني والعسكري التركي عبد الله آغار، قال إن عملية «قفل المخلب»: «نفذها الأتراك والأكراد كإخوة»!

وخلال اجتماع لنواب حزبه في الـ20 من نيسان الجاري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن «بغداد وقادة إقليم كردستان يدعمون الحملة العسكرية التي تشنها تركيا براً وجواً»، شاكراً «الحكومة المركزية في العراق والإدارة الإقليمية على دعمهما للمعركة التي نخوضها ضد الإرهاب».

إلا أن وزارة الخارجية العراقية، نفت «وجود تنسيق واتفاق» بين تركيا والحكومة، معتبرة أن «ما يعلن عنه الجانب التركي بشكل متكرر بهذا الصدد»، هو «ادعاء محض».

في منتدى الطاقة العالمي المنعقد في دبي في الـ28 من آذار 2022، قال رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور البارزاني في كلمة له: إن الإقليم «سيصبح قريباً مصدراً مهماً للطاقة للطلب المتزايد في العالم، وسنصبح مصدراً للغاز إلى بقية العراق وتركيا وأوروبا في المستقبل القريب، وسنساعد على تلبية احتياجاتهم من أمن الطاقة»، مؤكداً: «لدينا الآن القدرة على تعويض جزء من النقص النفطي الحاصل في أوروبا على الأقل»، مضيفاً: «أريد أن أوضح شيئاً واحداً بشأن الحكم الأخير الصادر مؤخراً عما يسمى المحكمة العليا في بغداد، والذي طعن في حقنا في تطوير صناعتنا النفطية. إن هذا الحكم غير دستوري وسياسي بشكل صارخ»!

مما يُشار إليه، أن عبد الله القاضي مدير الاستكشاف والإنتاج في شركة نفط الهلال الإماراتية المسؤولة عن استكشاف وتنقيب الحقول النفطية الجديدة في إقليم كردستان، قال في لقاء مع شبكة «رووداو» الإعلامية الكردية في الـ2 من نيسان الحالي: إن «إقليم كردستان غني بالثروات الطبيعية وخصوصاً الغاز»، مشيراً إلى أن «حجم الاحتياطيات الموجودة لدى الشركة الإماراتية في الحقول، يبلغ ما يقارب 15 مليار قدم مكعب من الغاز الممكن إنتاجه، إلى جانب موارد طبيعية أيضاً تتجاوز الـ80 مليار قدم مكعب».

عملية «قفل المخلب» التي حُددت أهدافها منذ زمن بعيد، جاءت عقب لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني في إسطنبول بيومين، الذي قال بعد اللقاء: إنه يرحّب «بتوسيع التعاون لتعزيز الأمن والاستقرار» في شمال العراق، والعملية تهدف بشكل رئيس إلى «قفل» الشريط الحدودي بإنشاء منطقة آمنة بعمق 40 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية لإبعاد خطر حزب العمال الكردستاني، وتأمين خطوط نقل النفط والغاز باتجاه تركيا، وهي في الأساس استكمال للعمليات التركية السابقة، «المخلب 1» التي انطلقت في الـ28 من أيار 2019، و«المخلب 2» في الـ12 من تموز 2019، و«المخلب 3» في الـ23 من آب 2019، ثم «مخلب النسر» في الـ15 من حزيران 2020، و«مخلب النمر» في 17 حزيران 2020.

تركيا بمخالبها القذرة غير المكترثة بردود الفعل العراقية الرسمية والمُحتجة عليها! اختارت توقيتاً مريباً لعمليتها، مستغلة الفراغ الحكومي، وانشغال العالم بالأزمة الأوكرانية.

والبارزانيون، استغلوا حاجة الغرب إلى مصادر بديلة عن النفط والغاز الروسي، واعدين بتعويض ذلك، مقدمين فروض الطاعة لتركيا، لتهيئة الظروف المستقبلية لانفصال إقليم كردستان عن العراق.

العراقيون من جانبهم، اكتفوا بالتنديد في خرق السيادة، من دون فضح ومواجهة من يسرق نفطهم وغازهم بالمخالب التركية.

Exit mobile version