Site icon صحيفة الوطن

محاولات كردية لفرض أمر واقع جديد

ترفض حكومة إقليم كردستان تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العراقية العليا الصادر في الـ15 من شباط 2022، الذي حكم بـ«عدم دستورية قانون النفط والغاز في حكومة إقليم كردستان رقم 22 لسنة 2007، وإلغائه»، وإلزام الإقليم «بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في إقليم كردستان والمناطق الأخرى» إلى الحكومة الاتحادية.

وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار فجر قنبلة من العيار الثقيل في اجتماع هيئة الرأي في وزارة النفط العراقية في الـ7 من أيار 2022، بشأن ملف النفط والطاقة مع إقليم كردستان، مشيراً إلى أنه «بعد أكثر من 75 يوماً من النقاش والمبادرات وكل محاولات بغداد والمرونة في التعاطي مع الإقليم والرغبة في تجسير الثقة لم تؤدِ إلى نتيجة»، مؤكداً أن حكومته ذاهبة «نحو التطبيق الحرفي لقرار المحكمة الاتحادية بخصوص نفط الإقليم»، مبيناً أن «إدارة النشاط النفطي في إقليم كردستان غير صحيحة، إذ إنه من غير الصحيح أن يكون البيع بأسعار أقل بكثير من أسعار نفط سومو «الشركة الوطنية العراقية لتسويق النفط»، ولا نعرف ما السند القانوني لأن يقوم جزء من البلد بتصدير مادة للطاقة، على حين جزء آخر من البلد يحتاجها، ولا يوجد بالعالم كله دولة لديها سياستان لإدارة الطاقة»، ما انعكس سلباً على عدم تمكن العراق من الالتزام بمحددات «أوبك».

وبلغة التسويف والعنجهية، رد رئيس ديوان رئاسة مجلس وزراء إقليم كردستان أوميد صباح على كلام وزير النفط العراقي في تصريح صحفي في الـ9 من أيار الجاري، قائلاً: إن «حكومة الإقليم لا تزال منشغلة بدراسة المقترحات التي أرسلتها وزارة النفط الاتحادية»، وإن حكومة الإقليم «سترد على هذه المقترحات بصورة رسمية في أقرب وقت»!

بينما قال رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع مجلس وزراء الإقليم في الـ11 من أيار 2022: «إذا كانت وزارة النفط الاتحادية حريصة على شعب كردستان يتعين عليها ألا تهدد الجهات المشترية»، وأنه «ليس من حق أي شخص أو جهة إصدار قرار نيابة عن شعب كردستان. نحن لدينا دستور ولا يمكن خرقه».

كتب سكرتير الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني محمد حاجي محمود المتحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، على صفحته في الفيسبوك: «يجب عدم العودة إلى الوراء، هذا الموضوع ليس للمناقشة، لا المحكمة محكمة، ولا قرارها سيُنفذ، لأن الكرد لن يعودوا إلى نقطة الصفر، ويتعين على الكرد اتخاذ مزيد من الخطوات لضمان حقوقهم»، داعياً الأكراد إلى «المضي قدماً فيما يتعلق بنفط وغاز الإقليم، ويجب ألا ينسحبوا، ولا بد أن يردوا بقوة على كل المحاولات الرامية لتقويضه»!

التصريحات المتعالية تلك، ترجمت باعتداء سافر على حقول نفط الشمال، حيث أعلنت شركة نفط الشمال التابعة لشركة النفط الوطنية العراقية في بيان لها في الـ14 من أيار الجاري، أنه «استمراراً للانتهاكات على الحقول النفطية التابعة لشركتنا، تجاوزت قوة مسلحة تابعة لحكومة الإقليم يرافقها فريق عمل فني على آبار وحقول إضافية شمالي محافظة كركوك»، وأن الانتهاكات طالت «بئر حقل باي حسن، وبئر داوود»، بـ«غرض استغلال الطاقات الإنتاجية لهذه الآبار لمصلحة حكومة الإقليم»، مؤكدة «وقوع عددٍ من التجاوزات والانتهاكات علــى الحقول النفطيـة التابعـة لشركة نفط الشمال مـن جانب حكومة إقليم كردستان، في السابق، مثل حقل خورمالة وآفانا وصفية وكورمور»، وبأنّها قدّمت «دعاوى قضائية لدى المحاكم العراقية المختصة، وهي ما زالت منظورة أمام القضاء العراقي»!

حكومة إقليم كردستان نفت في بيان لها، حدوث ذلك، مشيرة إلى أن «شركة نفط الشمال تعمل منذ سنوات في ظل غياب قانون النفط والغاز، منتهكة بذلك الدستور، وإذا كانت حريصة على حل المشاكل، فلا بد من تشريع قانون النفط والغاز على أساس الدستور»!

في العام 2014، استغلت البيشمركة الكردية، انشغال الجيش العراقي في مواجهة تنظيم داعش، وقامت باحتلال حقول النفط في كركوك، لفرض أمر واقع، حيث يسعى الإقليم دائماً إلى ضم كركوك للإقليم بسبب وفرة النفط، إلا أن الجيش العراقي تمكن في الـ16 من تشرين الأول 2017 من استعادة محافظة كركوك والسيطرة على جميع المنشآت والحقول النفطية ومحطات الضخ والأنابيب في المحافظة، بطرد البيشمركة منها.

حكومة إقليم كردستان التي ينفرد بها الحزب الديمقراطي الكردستاني، تتعامل مع حكومة المركز في بغداد وكأنها دولة بحد ذاتها، تتحدى وترفض تنفيذ قرار أعلى سلطة قضائية في العراق البات والملزم، وغير القابل للطعن، وتعيد احتلال بعض الحقول النفطية في محافظة كركوك، مستغلة حالة الانفلات والانسداد السياسي الحالي في العراق، وهي بكل ذلك ليست أكثر من محاولات غبية لفرض أمر واقع جديد.

Exit mobile version