Site icon صحيفة الوطن

دروس من اليوم السادس للذئب!

لعـل قصص كليلة ودمنة المأخوذة عـن الفارسية؛ عـلـّمت المسؤول عـن إدارة ما دروساً شتى.

ولطالما رويت الحكمة عـلى ألسنة الحيوانات؛ نراها في «أساطير لافونتين» الفرنسية منذ ثلاثة قرون. ولا ننسى قصص إيسوب اليوناني التي سبقت الميلاد بستة قرون!

يحكى أن ذئباً قد هرب من حديقة الحيوان، واختفى في أزقة البلدة. بعد أن هرب من مطارديه اكتشف أنه جائع. بحث في الحاويات فوجد أن قطط الحارة قد سبقته والتهمت كل بروتين ممكن. فنام جائعاً.

في الصباح قام يعـضـّه الجوع، فهجم على أقرب مبنى يراه. دخل الذئب، وانقض على أول موظف يشاهده-على اعتبار أنه يدخل قبل وصول المراجعين- وقتله، ثم جرّه إلى مكمنه خلف الحاوية، وبقي يأكل منه هنيئاً مريئاً حتى صباح اليوم التالي.

صباح اليوم التالي تسلل الذئب، خوفا من يكون أحد ما قد افتقد الموظف، لكن تبين له أن الأمور عادية تماماً، ولم يشعر أحد بأي نقص في الكادر الوظيفي. فانقض على أقرب موظف إليه، ثم جرّه إلى مكمنه، واستمر يأكل منه حتى الصباح.

في اليوم الثالث، قام الذئب جائعاً، فانطلق ودخل بحذر أكبر، على اعتبار أنه قد افترس موظفين اثنين، ولا بد أن الإدارة شعرت بغيابها، ولا بد أن المراجعين هاجوا وماجوا، لإحساسهم بنقص الكادر، لكنه اكتشف أنهم هناك لم يعرفوا بالموضوع بعد، ولم يشعروا بالنقص. فانقض على موظف ثالث، وجره إلى مكمنه، وظل يزدرد بجثته، حتى صباح اليوم التالي.

في اليوم الرابع، تخلى الذئب عن حذره، ودخل كأنه مراجع عادي، وشاهد أول موظف يتحرك في الممرات، وانقض عليه، وسحبه إلى مكمنه، وطفق يأكل منه حتى صباح اليوم التالي.

ما لم يعلمه الذئب أنه كان قد ازدرد أكثر العاملين أهمية هناك، وهو الآذن الذي يعمل القهوة والشاي ويبيع الطوابع وينقل المراسلات (وينقل أحاديث الموظفين)، ويسرّع في المعاملات مقابل أجر. أدرك العاملون والمراجعون أن شيئاً خطيراً يحدث، وأفاد بعض الموظفين بأنهم لمحوا ذئباً يتجول في الدائرة، فتم الإبلاغ عنه، ونصبوا له كميناً.

ارتاح يوماً، وفي اليوم التالي دخل الذئب بكل هيبة ووقار، لما اعتبره مخزن طعامه الخاص، لكنه شعر بالخدر فور دخوله، فقد شاهد الناس يتجمعون حوله… ولما اختفى تأثير المخدر، صباح اليوم التالي، فتح عينيه، فوجد نفسه في القفص.

نتساءل ما الدروس الإدارية المستقاة؟!

الأهم: إن أي تصرف يخالف الأنظمة؛ سيكشف – ولو بعـد حين-!

ثانيها: إن الحرام لا يشبع؛ وإن أشبع.. لا يدوم.

ثالثها: إن الجائع المفهور قادر حتى عـلى الافتراس!

رابعـها: إن رؤساء الدوائر وكبار الموظفين؛ ليسوا الأهم في بنية مؤسسة ما!

خامسها: إن اهتمام الناس ينصب عـلى من تحتك به «كلنا نعـشق أغـاني (شادية) وننسى من كتبها ولحنها»!

ولا بد في هذه العـُجالة من وقفة عـلى دور «الآذن» المهم تغـذوياً! ذهاب الموظفين إلى شركاتهم، يشمله الكثير من مظاهر الإفطار في العمل مع زملائهم، حيث يوجد الموظف الذي تجده في كل مكان عمل وقت الإفطار، نتعرف عليه بمناسبة أن اليوم هو يوم الاحتفال بـ«الإفطار في العمل» في بعض دول العالم ويطلق عليه DESKFEAST DAY.

هذا النوع من الموظفين يذهب إلى شركته يومياً ومعه حافظة طعام، وقد وضع فيها كمية من الطعام الذي يرغم زملاءه على تناوله، وغالباً ما تقوم بهذا الدور إحدى الموظفات.

«خلصنا الاجتماع.. يلا نفطر بقى» جملة يومية تسمعها من الموظف الذي يفكر في الأكل بمجرد أن يستيقظ من نومه، فهو لا يفكر إلا في الطعام طوال الوقت، وهذا إذا لم تجعله يتناول وجبة الفطور فلن يتمكن من القيام بعمله طوال اليوم بسبب قلة تركيزه.

الخلاصة: الجيوش تزحف عـلى بطونها!

Exit mobile version