Site icon صحيفة الوطن

الأخطاء المستمرة تشير إلى أن رياضتنا ليست بخير! … ألعاب القوى اصطادت الغزال والسلة انكشفت عوراتها

حملت فترة العيد الكثير من الأحداث الساخنة على صعيد العديد من الألعاب الرياضية وعلى صعيد العديد من الأندية التي تدل على أن رياضتنا ليست بخير على كل الصعد الفنية والإدارية والتنظيمية، ونخشى أن نقول: إن زمام الأمور قد أفلتت من عقالها، أو إن الرياضة تعيش مرحلة تصفية الحسابات بدل أن تعيش مرحلة البناء الحقيقي.

ولم تكتمل فرحتنا ببعض الميداليات المتوسطية التي حاز عليها (طفرات) رياضتنا حتى وقعنا بنكسات لا تعوض زادت من حالة التشاؤم التي يعيش في أجوائها أغلب الرياضيين والتي تدور في فلكها كل التفاصيل الرياضية اليومية المتعبة.

ولم يكن تخلف مجد الدين غزال عن بطولة العالم لألعاب القوى هو المحزن فقط، فقد يفوز وقد يخسر، وقد ينجح وقد يفشل، فهذه رياضة، لكن الحزن الأكبر، يكمن في شيئين، الأول: غياب العلم السوري عن أكبر محطة عالمية في ألعاب القوى وسط السماء الأميركية، والثاني: طريقة التعاطي في بطل عالمي (فلتة) من اتحاد اللعبة، وكأنهم يقولون له: لا نريدك!

الأعذار الواهية بالمواضيع الخاصة بالحجوزات و«الفيز» لم تعد مقبولة، والسقوط في مستنقع الأعذار هذه والأخطاء الإدارية والتنظيمية أسوأ من السقوط الفني، وإذا كان اتحاد ألعاب القوى مشغولاً عن البطولة العالمية بأسبوع أمضاه في لبنان ببطولة غرب آسيا فإنها (هزلت) هذه التقديرات، وخصوصاً أن مثل هذه البطولات لا قيمة لها أمام غيرها من البطولات الأكثر أهمية ومستوى، وإذا كنا نتغنى بميدالية بين أربعة متسابقين وكانت مبلغ طموحنا، فهذا هو السقوط الكبير الذي يجعل من ألعاب القوى عقيمة عن صناعة أبطال خلدهم التاريخ.

خسرنا مجد الدين غزال، وبمثل هذه العقليات، التي نفكر بها لن نستطيع تعويضه حتى تلد لنا سورية موهبة جديدة، ستكون طفرة جديدة لأننا عاجزون عن صناعة البطل الأولمبي والبطل العالمي والبطل الموهوب.

ألعاب القوى رياضة أرقام، لذلك لا يمكن لأحد أن يضحك على الذقون، وهنا نسأل: لماذا أغفلت أرقام لاعبينا المشاركين بدورة غرب آسيا؟

كل الميداليات المحققة والتي يتفاخر بها اتحاد ألعاب القوى إن لم تكن مترافقة مع رقم جيد على الصعيد العربي على الأقل هي ميدالية لا تسمن ولا تغني من جوع، والإنجاز بالصدارة هو إنجاز خلبي لا يقدم ولا يؤخر.

سوء إدارة

الخسائر الكبيرة والمتتالية التي يتعرض لها منتخب السلة توحي بأمور غير طبيعية تحدث في سلتنا، الموضوع لا يتعلق برقم معين، فالرياضة هي فوز وخسارة، وأن تخسر أي مباراة فهو أمر طبيعي جداً، لكن غير الطبيعي ألا تجد فريقاً على أرض الملعب قادراً على أن يحفظ ماء وجه جمهور عشاق اللعبة واسم البلد وتاريخه الرياضي.

وبعيداً عن هذه النتائج المخجلة فإن اتحاد كرة السلة يكرر أخطاء اتحاد كرة القدم السابق ولجنته المؤقتة دون أن يعتبر من هذه الأخطاء ويتجاوزها ويتفادى الوقوع بهذه المطبات المزعجة والمؤلمة.

قضية اللاعب المجنس فيها سرّ عجيب والموضوع ليس سوء تنظيم وتخلف عن موعد الطائرة وغير ذلك من الأوهام، إنما موضوع أكبر من ذلك، وهو يشبه قضايا محترفي كرة القدم الذين كانوا يغيبون عن المنتخب الوطني لأسباب نعرف بعضها ونجهل أكثرها.

وفي موضوع المدرب الأجنبي فإن اتحاد كرة السلة لم يوفق بهذا الاتجاه على صعيد المستوى الفني وعلى صعيد تبديل المدربين المستمر كحال اتحاد كرة القدم، وإذا استثنينا المصالح الشخصية الضيقة فإن كل هذه التبديلات والتغييرات التي لا تستند إلى أي منطق رياضي تساهم بهدر المال العام بطريقة قانونية شكلاً وغير ذلك مضموناً.

ونحن سعداء جداً بما تم إنجازه من صالة أو صالات سلوية وهذا أمر مهم جداً ويصب في خانة اتحاد اللعبة إيجاباً، لكن هذا وحده لا يكفي، لأننا بتنا نكتشف أن البيت السلوي الداخلي (فاضي) فبماذا نفسر غياب الساحل والعروبة عن كأس السيدات وخسارة العروبة الثقيلة أمام قاسيون بفارق 82 نقطة؟

وهذا يدل على أن البيت الداخلي لكرة السلة خرب، فلا يمكن لهذه اللعبة الأنيقة أن تقوم بجهد أربعة أندية أو خمسة وعندنا مئات الأندية، ولا يمكننا أن نرى كرة سلة (تبيِّض الوجه) على صعيد المنتخبات إن لم تكن تملك القواعد العريضة المملوءة بالمواهب على مستوى أغلب المحافظات وليست محصورة بجزء بسيط من الخارطة الرياضية السورية.

لا نقول مثل ما قالوا: على اتحاد السلة أن يستقيل، فالمشكلة ليست بالأشخاص، إنما المشكلة بالفكر الذي يقود منظومة العمل، وربما نصيحتنا تقول: اتجهوا إلى القواعد، وأعيدوا بناء السلة من جديد، فاليوم خسرنا مع البحرين، وإن بقيت سلتنا على الشاكلة هذه سنخسر مع اليمن والصومال وجزر القمر.

على حافة الهاوية

في الحديث عن الأندية فإن الشغل الشاغل اليوم هو موضوع التعاقدات وبناء فرق الموسم الجديد، وهذا الأمر يشمل أغلب الأندية ولنا فيه ملاحظات بعضها إيجابي والكثير منها سلبي، وهو متعلق بالشكل العام بالمنظومة التي تقوم عليها رياضتنا، وبفكر كل إدارة، وكيف تنظر إلى العملية الكروية، وأهدافها المستقبلية، سواء أهداف موسم واحد أم لمواسم متعددة.

الحالة الإيجابية التي نشاهدها في أغلب فرقنا أنها بدأت بضم العديد من لاعبيها الشبان إلى فرق الرجال، هذه هي الخطوة الأولى، أما الخطوة الأهم فهي برعاية هؤلاء الشباب رعاية مسؤولة مع توفير كامل الدعم لهم ومنحهم الفرص الحقيقية لإثبات ذاتهم.

وربما هذه الحالة الإيجابية فرضها منطق (مكره أخاك لا بطل) فمع الفقر الكروي، كان لابد من ترميم الفرق باللاعبين الشباب، وخصوصاً أن الدوري في المواسم السابقة لم ينتج لنا المزيد من اللاعبين، وخصوصاً مع الهجرة، ومع اعتماد الأندية على اللاعبين الجاهزين، الذين (داروا) في السنوات السابقة على الأندية إن لم يكن كلها فمعظمها، والكثير منهم إما بلغ سن الاعتزال أو مرحلة (التعجيز) بالمبالغ الفلكية المطلوبة مقابل التوقيع، وعلى كل حال على الأندية استثمار هذه الفرصة خير استثمار، وعلينا أن نتذكر أن الدوري السوري (شاخ) ولابد من دماء جديدة تعيد إليه روح الشباب.

من خلال المتابعة اليومية لأخبار أنديتنا الكروية خاصة، نشعر أن أنديتنا تعيش على فوهة بركان، والسبب أنها لا تقوم على قواعد ثابتة أو ركائز أساسية قوية، فضلاً عن أن أغلب أنديتنا غير مستقرة إدارياً وتهب عليها رياح التغييرات بشكل دائم.

وإن لم تتم إقالة الإدارة (أي إدارة) نجد أن بعض الأعضاء من هذه الإدارات مستقيل أو يهدد بالاستقالة كما يحدث اليوم مع حطين والوحدة، فضلاً عن إدارات مهزوزة ولجان مؤقتة تقود أندية، وإدارات بالأصل ناقصة العديد، وهذه سلبية خطيرة لأنها ستنسف يوماً ما عمل الحاضرين بوجود القادمين الجدد.

هذه الحالة غير مستقرة لا تصنع كرة ذات أهداف بناءة، لأن الجميع هنا يغني على ليلاه، ولا يعمل وفق إستراتيجية عمل يتابعها القادمون، فضلاً عن أن القادمين ينسفون عمل من سبقهم، لأن فكرنا الكروي شخصي وناتج عن تصرف شخصي وفكر محدود، ولو أن العمل كان مبنياً على أسس رياضية منطقية لما تأثرات الأندية بالتغييرات مهما كانت أسبابها.

وكرة القدم لعبة جماعية تقتضي العمل الجماعي من جميع أركان اللعبة، لكن أغلب الأندية تعتمد الفكر (الديكتاتوري) فرئيس النادي أو الداعم الحقيقي، هو من يختار المدرب واللاعبين وأسلوب اللعب أحياناً دون النظر إلى آراء أعضاء الإدارة أو المعنيين عن كرة القدم، أيضاً نجد أن المدير الفني (مجازاً) هو ديكتاتور، وإلا فلن يكون مديراً فنياً، فهو الآمر الناهي بالفريق ومساعدوه عبارة عن منفذين سواء اقتنعوا بالأسلوب والتشكيلة أم لم يقتنعوا وهذه حقيقة لا تحتاج إلى دليل وشرح وتبسيط.

وبعيداً عن هذه الجزئية، فإننا لا نجد أي ناد قد وضع كتلة مالية معلومة لينفذ عقوده التي أجراها مع اللاعبين، وكل عقد هو بمنزلة الدين المستحق على النادي سواء سينفذه القائمون عليه الآن أم الذين سيخلفونهم كما هو متوقع ومعروف عند أي تغيير.

هذه الإشكالية ليست جزئية بسيطة يمكن حلّها بسهولة، لأن النادي عندما يوقع مع أي لاعب بات مسؤولاً عن توقيعه ومطالباً بالمبلغ عاجلاً أم آجلاً، لكن أغلب أنديتنا تبرم عقودها على ما ستستقبل من أموال في الزمن القادم وليس الحاضر، لذلك تعيش كل تفاصيل الدوري على (السين وسوف) عندما تتأخر بدفع الرواتب الشهرية أو عندما يحين موعد تسديد أقساط العقود، هذه الحالة غير المستقرة مالياً تدفع أنديتنا ضريبتها باهظة الثمن وخصوصاً في القسم الثاني من الدوري، ورصدنا هذه الحالة في السنوات الماضية فوجدنا التالي: إذا كان النادي منافساً على اللقب رضخ لطلبات لاعبين وأحضر لهم المال بوقته ولو من خلال الاستدانة أو الاستجداء من الغير، وإذا كان النادي آمناً (بعيداً عن الهبوط) فإن (المماطلة) ديدن الإدارات و(الحرد) سبيل اللاعبين لتحصيل حقوقهم، وهنا نجد أن العلاقة في هذا الجانب غير صحية، وهي حالة نتفرد بها عن كل الدوريات العربية والعالمية.

المفترض أن يكون هناك وضوح في العلاقة المالية، وأن تبني أنديتنا تصوراتها وفق مبدأ (على قد لحافك مد رجليك) والمشكلة التي تعيق أنديتنا أن أغلبها يضع قبل كل موسم هدفه بطولة الدوري، والبعض الآخر هدفه إثبات الوجود، وبين هذين الهدفين صراع لا ينتهي وهو بكل الأحوال غير مجد فنياً لأنه لم يستند إلى الأسس الكروية الصحيحة، وكم نتمنى أن نسمع من نادينا أن هدفه بناء كرة القدم مهما كانت النتائج والعواقب.

حتى الأندية الأربعة الهابطة إلى دوري الدرجة الأولى لم نعد نسمع عنها خبراً وكأنها وجدت في دوري الظل فرصة لتخلد في نوم عميق، بل هي بادرت بتوزيع لاعبيها المميزين إلى أندية الدرجة الممتازة في حالة سخاء نادرة، والمفترض أن نسمع تصريحاً من هذه الأندية أن هبوطها كان درساً لها وأنها تعيد بناء فرقها لتعود إلى الدرجة الممتازة أقوى مما كانت، وهذا لم ولن يحصل!

الحالة الصحية التي نتمنى وجودها في أنديتنا أن يكون لكل ناد راع رسمي وأن يبني كل ناد كرته وفق إمكانياته المتاحة، وهذه الخطوات هي الأهم لأنها منطقية وواقعية ويمكن أن تنتج عنها كرة سليمة صحيحة لأن تسير وفق منظور صحيح لا وفق منظور خيالي.

أخيراً

عندما قال المدرب البرازيلي المرشح لتدريب منتخبنا الوطني (باكيتا) إنه سيعتمد في المنتخب على اللاعبين المحترفين فقد أشعرنا أنه يعرف (شمس بلدنا) وإن تم هذا الأمر، فإننا سنجد هوة كبيرة بين المنتخب الوطني وبين الدوري، كما إننا سنجد هذه الهوة شاسعة بين اتحاد كرة القدم الذي يقدم على خطوات احترافية (ولو على الورق حالياً) وبين أنديتنا التي ما زالت أسيرة الهواية والخطط العشوائية والارتجال.

بكل الأحوال رياضتنا ليست بخير، والآمال بنهوض ألعابنا الرياضية الجماعية والفردية تضعف يوماً بعد يوم، ونأمل أن نجد الحلول الكفيلة بوقف استنزاف رياضتنا لأموالها المهدورة ولطاقاتها البشرية والفنية في القريب العاجل.

Exit mobile version