Site icon صحيفة الوطن

الحسكة عطشى..!

حكاية العطش في الحسكة صارت عنواناً ووجهاً آخر لحرب الإبادة الجماعية، حكاية حفظها العالم كله منذ احتلال مدينة رأس العين وعمليات قطع المياه عن الحسكة تتكرر أياماً وأسابيع بشكل دوري وتستخدم ورقة ضغط وابتزاز يمارسها المحتل التركي وعصاباته الإرهابية حيث مئات آلاف الناس يعيشون بلا مياه صالحة للشرب ويضطرون لشراء المياه الملوثة وغير النظيفة على مضض لسد بعض ما يحتاجون إليه من المياه التي يكون مصدرها غير معلوم ومستخرجة من آبار عشوائية لا تتوخى معايير السلامة والفحص والتعقيم، ولو حاول الناس شراء الماء فإن عليهم الانتظار أياماً وأسابيع، لأن الأمر يتعلق بعشرات آلاف العائلات حيث لا توجد صهاريج كافية لتوفير المياه الأمر الذي يتسبب في تعطيل عجلة الحياة ويتحول ذلك إلى كارثة إنسانية وصحية.

إن استمرار انقطاع المياه عن مدينة الحسكة لليوم 17 على التوالي نتيجة تأخر الضخ بسبب ضعف الوارد المائي من آبار محطة علوك بريف رأس العين المحتلة يؤكد من جديد الجريمة المستمرة للمحتل التركي لدرجة أن قطع المياه أصبح أحد أبرز الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال التركي للضغط على المواطنين وجعلهم يعتمدون على صهاريج نقل المياه الخاصة حيث وصل سعر الخزان (5 براميل) إلى 12000 ل.س في أحياء وسط المدينة و7000 إلى 8000 ل.س في الأحياء الأخرى.

لقد أصبح واضحاً لدى الجميع أن تأخر ضخ المياه سببه قلة الوارد المائي من محطة آبار علوك بريف رأس العين المحتلة وانخفاضه إلى 50 بالمئة بسبب التعديات على خط الكهرباء المغذي للمحطة من الدرباسية إلى رأس العين وعلى خط جر المياه الرئيسي من ريف رأس العين مروراً ببلدة تل تمر وريفها وصولاً إلى الحسكة واستخدامه للزراعة وخدمة المسابح والفلل الخاصة، وعلى الرغم من تشغيل عدد من محطات التحلية التي تم تركيبها ووضعها في الخدمة مؤخراً في أماكن متفرقة من مدينة الحسكة لاستخدامها في حالات الطوارئ بهدف تأمين المياه الصالحة للشرب للمواطنين في مدينة الحسكة التي تعاني من صعوبة في تأمين مياه الشرب إلا أن الحل الأمثل والدائم هو أن ينتهي هذا المسلسل الذي بدأت حلقاته منذ بدء الاحتلال التركي لمحطة مياه علوك وهي المصدر المائي الوحيد لتغذية مدينة الحسكة بالمياه.

إن التعديات المستمرة على هذه المحطة وخطوط الكهرباء التي تغذيها أدت إلى انخفاض نسبة الضخ إلى النصف وبالتالي تستغرق تعبئة خزانات الحمّة 48 ساعة كحد أدنى، بينما كانت سابقاً تستغرق بحدود 24 ساعة.

وعلى الرغم من أن العالم كله يعرف أن قطع المياه يشكل جريمة حرب ضد الإنسانية بموجب القانون الإنساني الدولي لكن الواقع أن أكثر من مليون مواطن في مدينة الحسكة والمناطق المجاورة لها يواجهون في كل مرة يتم فيها قطع المياه المعاناة من العطش الشديد في ظل الظروف المعيشية الصعبة نتيجة رفضهم الاحتلال وتمسكهم بوطنهم، لذلك يبقى الحل المنشود هو أن يتم تحييد المياه عن الصراعات السياسية والعسكرية، لكن قوات الاحتلال التركي لا ترد على كل النداءات والبيانات ومستمرة في حربها على المياه من دون أن تتحرك الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، وكأن الموت الذي يهدد أكثر من مليون مواطن لا يعني أحداً أو ربما هذا ما تريده وتشتهيه هذه المؤسسات التي تتحكم بقراراتها وبإرادتها الولايات المتحدة الأميركية.

ولا نغالي أبداً عندما نقول إن الصمت الدولي عن هذه الجريمة هو مشاركة بها وعلى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية العاملة في الحسكة أن يكون لها دور أكبر لإعادة المياه إلى مجاريها وتأمين المياه لأهالي مدينة الحسكة والريف الغربي الذين يعانون من العطش.

Exit mobile version