Site icon صحيفة الوطن

الباحث والناقد الراحل يوسف مصطفى بعيون عدد من الأدباء والمثقفين

فقدت الأسرة الثقافية والفكرية في محافظة طرطوس أحد قاماتها المميزين بسعة اطلاعهم وعمق تفكيرهم ودقة وموضوعية نقدهم وغزارة أبحاثهم ومحاضراتهم والثقة بأنفسهم وامتلاك ناصية الكلام على منابرهم

«الوطن» التقت بعض المثقفين والأدباء في محافظة طرطوس وسألتهم عما يودون قوله وبشكل مختصر ووافٍ عن الراحل وعن مسيرته البحثية والفكرية والنقدية فماذا قالوا:

لم ينكسر فكرياً ولم ييئس

الأديب منذر عيسى رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب قال: عرفنا الراحل يوسف علي مصطفى كاتباً وباحثاً ومحاضراً عصامياً، مخلصاً لفكره وانتمائه، خدم قضايا وطنه، وحاول ترميم جراحه بفكره ورؤيته الثقافية.

كلن يمتلك طاقات مميزة، لم ينكسر فكرياً ولم ييئس، لكنه الجسد صاحب الخيانات، فقد خذله وهذه سِنّة الحياة.

ترك أثراً طيباً وسمعة عطرة عند زملائه ومحبيه، وهو باقٍ بما رأى وأنتج وأبدع، وأثاره عصية على الزوال ولن تغادر أذهان المثقفين.

وسيكون لفرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب وقفة تكريمية مع إنتاجه وإبداعه في نشاطاته القادمة. وسنسعى مع الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب لطباعة أي مخطوط لديه وهو على ما أعرفه ممن يكرم الزملاء أحياءً وأمواتاً.

بقي أن أذكر أخيراً أن الراحل يوسف مصطفى من مواليد مدينة دريكيش، طرطوس عام 1945. درس الأدب العربي وعمل بالتدريس سنوات طويلة من بينها عامان أمضاهما بالتدريس في اليمن الشقيق، إلى جانب نشاطه الحزبي الكثيف. تقاعد في العام 2005 وتفرغ بعدها للنشاط الثقافي والتأليف والكتابة النقدية. وضع كتابه الأول «في الميزان» تلاه صدور كتاب «القاع والمحراث» عام 2009 وكلاهما قراءات نقدية لنصوص أدبية معاصرة، وكان له كتاب أخير قيد الطباعة بعنوان «حصاد السنابل». قدم محاضراته النقدية والأدبية في المراكز الثقافية في المدن السورية المختلفة.

محاضر طلق وناقد جاد

الأديب غسان كامل ونوس رئيس الملتقى الوطني للإبداع السوري (مواسم) قال: ربّما بدأ الأديب يوسف مصطفى متأخّراً؛ لانشغاله بالسياسة وأشياء أخرى، ومن ثمّ تأخّر اسمه في التداول، في النشاط الثقافيّ والإعلام، لكنّ خطوة كان حيويّاً، ورؤاه الأدبيّة والفكرية كانت متسلّحة بكثير من المعارف والمعلومات، التي توصّل إليها بتعب وكدّ ودأب وعزيمة وإصرار ورغبة، وأضاف إليها خبرة وسَعة ومديات؛ على الرغم من عدم حصوله على شهادات عالية أو اختصاصيّة، وقد مكّنته من أن يترك أثراً لا يخفى، في الوسط الثقافيّ المحلّي، وفي الإعلام الثقافيّ وعلى الصعيد الحزبيّ، ولدى كثير من المشتغلين بالأدب، ومتابعيه والمهتمّين به، في محافظة طرطوس، وفي محافظات أخرى؛ وكان له حضور على المنابر الثقافيّة فيها، لحوالي ربع قرن من الزمن، تابعته فيها مذ كنت في المكتب الفرعي لاتّحاد الكتّاب العرب في طرطوس؛ أواخر القرن الماضي، وبدايات القرن الحالي؛ إضافة إلى مطالعات فكريّة، في الثقافة وتواشجاتها، والعروبة، والقوميّة، والوطنيّة، وتطوّراتها؛ كما كانت له اشتغالات نقديّة واسعة لكثير من التجارب الأدبيّة لكتّاب مخضرمين ومعاصرين، وقد كان- رحمه الله- مفسّراً وشرّاحاً ومؤوّلاً مهمّاً، ومحلّلاً لكثير من الصياغات والعبارات والمفردات، التي وردت في نصوص وكتب أدبيّة، وتابع نتاجات عديدة وإصدارات، في الأجناس الأدبيّة المختلفة؛ ولاسيما الشعر؛ حيث اُشتهر بحفظه لقصائد وأبيات، وتغنّيه بما كان يعجبه منها، واستشهاده بها في أحاديثه، ودراساته ومحاضراته، ومنشوراته في الدوريّات الأدبيّة، وفي كتب قليلة لا حقاً، وفي مشاركاته الإذاعيّة، التي تواصلت سنوات، حتّى مرضه ووفاته. ومن الشعراء الذين تحدّث عنهم بإسهاب وكثافة، نديم محمد، وحامد حسن، ورضا رجب، وشفيق جبري… وكان حاضراً لتلبية رغبات المؤسّسات الثقافيّة، بمشاركات تغني، وتحفّز.

عرفناه نزيهاً وشريفاً

الأديب أيمن أحمد شعبان قال: لا نرثي اليوم رجلاً عادياً أو شخصاً عابراً يوسف علي مصطفى واحد من الكتاب الذين أنجبتهم سورية في القرن العشرين، ووهبتهم شمائلَ، وحبَتهم بقدرات وطاقات متميزة ارتقت بهم إلى قمة المجد وذرا العمل والتضحية والعطاء… إنه رجل ليس ككل الرجال، ورمز ليس ككل الرموز، فما تركه الرجل بين دفتي كتاب حياته الذي تتقاطر من صفحاته المضيئة كل صور النقاء ومحبة اللـه والإنسان يجسِّد حقيقة تفكيره وانتمائه لبلده وشعبه وقضايا وطنه ليس عبر اسمه المجرد، بل عبر مسيرة حياته العامرة وتاريخه الحافل الذي لم يعرف يوماً معنى التلون والتقلب أو اليأس والإنكسار.

مدير ثقافة طرطوس كمال بدران قال: يوسف علي مصطفى من كتّاب سورية الذين مثلوها خير تمثيل فقد جمع في حياته وخصاله النزاهة والشرف والقدوة الحسنة، فكان أديباً مرموقاً وناقداً فذاً، ستذكره منابر مراكزنا الثقافية ومنابر محافظات الوطن، فقد كان وبقي حتى وفاته قامة ثقافية شامخة كسنديان هذا الوطن، وقامة إنسانية غنية بالأفكار ومتنوعة الملامح ومترعة بالمفردات الاستثنائية، وكانت له إطلالة ودودةٌ ونمط مميز في الطرح والكلام جمع به حوله العديد من الرفاقٌ والمحبين.

وتأخذني ذاكرتي إلى ندوة نقدية حضر فيها الراحل لإجراء دراسة نقدية لأدب الراحل نديم محمد حيث كان النقد مجهراً يظهر جماليات هذا النتاج الأدبي وعظمته.

وقد كرمت وزارة الثقافة الراحل في مهرجان طرطوس الثقافي كقامة متميزة من قامات محافظتنا.

كان ينتظره الكثيرون

الباحث والصحفي عبد اللطيف شعبان قال: لقد عرفت المفكر الأديب البحاثة الناقد عضو اتحاد الكتاب العرب الصديق الوفي المخلص الأستاذ يوسف علي مصطفى… منذ سنوات من خلال قراءاتي له لمواده الفكرية السياسية العالية المستوى وطنيا والتي كانت تنشرها له الدوريات الإعلامية الرسمية، وسألت عنه هادفا زيارته الشخصية لأشكره على أفكاره النيرة، وقد تحقق لي ذلك. وكم كان يتملكني السرور الكبير عندما أسمعه يتحدث بلسانه ما يتفق مع ما يكتبه قلمه، وحبذا لو يعمل ذووه لجمع مواده الصحفية الفكرية في كتاب.. وسيكون هذا الكتاب مرجعا فكريا قيماً لجميع الوطنيين.. لقد كانت الحالة الوطنية العامة هي السكة الأساس في قلمه ولسانه.

Exit mobile version