Site icon صحيفة الوطن

القراءة وسموّ مكانتها

إن القراءة هي تلك الشعلة التي يجب أن تبقى متوهجة وحاضرة بعطرها البهي من خلال بث هذه الرُّوح روح القراءة وتنشيط العقول ورفد الفكر بما يُزيده جمالاً.

وبما يرفد الفكر ويجعل نوره وهاجاً ويُعزز ما يُسمّى ملكات القراءة التي يجب أن تتوافر بالفطرة وهنا يُقصد «فطرة الشيء الجمالي الذي يجب أن يُستقطب بالعلم والمعرفة»، كما يجب إعلاء شأن هذه الكلمة «إقرأ» وتقدير أهميتها العُليا ومكانتها المثلى.

فعندما نسمع لحن قولها نعرف أن هناك دروباً من الرقي يجب السير عليها ويجب الوقوف على ضفتي نهرها الأغر، حيث روافد الجمال المعرفي الأسمى والأرقى، وحيث الاهتمام بذاك الشيء الجوهري الأبقى.‏

وبذاك الزبد والموج وعالمهما الأرحب، ولغتهما الأجمل على حدٍّ سواء.

وهنا نقصد لغة الكتاب الورقي والعودة إليه، العودة إلى روضه الغناء من حيث الشكل والمضمون، من حيث قيثارة الكلمة الجميلة والعزف على أوتارها، العزف على مبدأ «كتابنا نحن»، من يقرأ معنا الآن، من يشاركنا العبور إلى صفحات الروايات القديمة الجديدة، من يُفضل لغة الثقافة على مغريات هذا العصر، من يهتم بتلك الكتب على اختلاف أنواعها وتنوعها.

وبذاك التفكير القزحي الألوان الذي يمكن أن ينير عقولنا كما يمكن له أن يُنير كل أوقاتنا ويجعلها كتاباً مفتوحاً على كل الاحتمالات..

وهنا نعي احتمالات تطوير الذات أولاً، أو التنشئة الثقافية المُثلى. ‏

«التنشئة المُثلى» التي تقوم بتنوير العقول، وعلى التشجيع لموضوع القراءة وكل المبادرات الثقافية التي تُشجع على موضوع القراءة والاستنارة الذهنية التي تُشكل خطوات ثقافية لا يُمكن إلا المضي على دربها والاستنارة بوهجِ ما يخصُّ مفهوم القراءة وعوالمها الخاصة

هذه العوالم التي تشبه فيما تشبه ذاك البحر الغني بثراء لا مثيل له، حيث الثراء المعرفي الذي ينسابُ عذوبة ً ثقافية، ‏وحيث يجدر الوقوف على نافذة الإبحار والإشراق الورقي، أو الإشراق الفكري الموجود بين دفتي كل كتاب وبين الحلم الأسمى الذي يُبنى في مقتضى أمره، الحلم الذي يأتي إلينا كطائر فينيق ينتفض من بين جمرات العقول، ويُجدد تألقها «ذاك التألق المرتبط به بشكل أو بآخر.

وهذا المفهوم الذي يُختصر بكلمة « التألق المعرفيّ» والذي يرتبط بعادة القراءة، والاعتياد عليها، وبالتالي يُجدّد محاولات الوقوف عند دانيات قطوفها، دانيات جمالها الأمثل الذي يمتد إلى نفوسنا نحن، إذ قطفنا عن وارفات أغصانها، وظلالها الوارفة، ظلالها الباسقة علماً ومعرفةً وثقافة.‏

وهنا تستحضر إلى الأذهان ضرورة الاهتمام بظاهرة وتظاهرة «العودة إلى القراءة» وإلى إقامة أنشطة جماعية تُشجع على القراءة ومشاركة الجميع بما نقرأ ونفكر.

والوقوف عند التقييم والنقاشات لتلك القراءات المشتركة بما يخلق روح التشاركية الفكريّة والثقافيّة.

فنرى الحوار الثقافيّ الذي يدور حول هذا الكتاب أو ذاك وحول تلك الرواية أو تلك.

ما يخلق ذاك الشيء الذي يُسمّى «جمال التفاعل الثقافي»، وهذا يصح تماماً على مبادرة «تُشجع روح القراءة» وتوقد الكثير من قناديلها وتجعلها وهّاجة المعرفة.

وكل هذه المبادرات المهمة يجب أن تساعد على تنشئة جيل مُثقف أو على الأقل يهتم بالكتاب ويعي أهميته وحقيقة قيمته العظمى.

ومن الضروري تعزيز إقامة مثل هذه المبادرات الثقافية التي يجب أن تحمل العديد من العناوين التي تُشجع على القراءة بشكلٍ أو بآخر.

كما يُشجع على إقامة ذلك الشيء الذي يُسمّى «ماراثون القراءة» وهذا بحد ذاته بادرة ثقافية نتمنى أن ينتشر عبيرها الفواح، ينتشر شذاها إلى المدى الذي تصبح القراءة عادة يومية مستحبة لدى الجميع، ‏وفي النهاية نقول: يجب أن نقرأ من أجل الارتقاء، الفكري أولاً وأخيراً..

ومن أجل أن نلتقي عند سموّ الكلمة، عند عطرها الوهّاج، عطر الحروف الجميلة، ‏وعند كلّ من يؤمن بأن الثقافة هي ذاك المفتاح العظيم للارتقاء بالأوطان. ‏

Exit mobile version