Site icon صحيفة الوطن

الدراما السورية حافظت على موقعها المتميز في 29 مسلسلاً تناولت يوميات المواطن السوري.. وارتمت في أحضان الكوميديا بحثاً عن الابتسامة

| وائل العدس

رغم تداعيات الحرب، إلا أن شركات الإنتاج السورية تسابقت لإنجاز العديد من الأعمال الدرامية لتنافس بها مثيلاتها العربية.
ورغم الكثير من العثرات، إلا أن الكتّاب اجتهدوا بتأليف مسلسلات تحمل الهم الإنساني الاجتماعي للحياة اليومية، إضافة إلى القوالب الكوميدية، والبيئة الشامية.
الدراما السورية ما زالت تحتل موقعاً متميزاً، رغم الظروف الصعبة، وتساقط القذائف الإرهابية في شوارع عدة من دمشق، ومع كل هذا صورت 29 مسلسلاً هذا العام، ولم يكن أشد المتفائلين يتوقع هذا الكم في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد، هكذا تفوقت على نفسها وعلى الظروف.
لكن وبنفس الوقت، ورغم ما حظيت به من متابعة عالية على شاشات الفضائيات العربية كافة، إلا أنها عانت «أزمة نص» جعلت بعض موضوعاتها مكررة.
ولم يخل بعض الأعمال من الجرأة، وقد اتكأت أعمال أخرى على سمعة الدراما السورية الطيبة السابقة، وراح صناعها يستسهلون العمل، معتمدين على تلك السمعة، في وقت أثبتت أنها قادرة على انتزاع إعجاب الجمهور، إن هي تقيدت بالشروط الإنتاجية الصحيحة المستندة إلى المهنية والخبرات المتراكمة.
المجموع الكلي للأعمال توزع على 12 مسلسلاً اجتماعياً، وعشرة مسلسلات كوميدية، وسبعة أضاءت البيئة الشامية.

الاجتماعي
توجه القائمون على الدراما السورية إلى الأعمال الاجتماعية التي رصد بعضها تبعات الأزمة والحرب.
في «عناية مشددة» (تأليف يامن الحجلي وعلي وجيه، وإخراج أحمد إبراهيم أحمد) دارت الأحداث في 2013-2014، وتناولت يوميات المواطن السوري في ظل ما تشهده البلاد، من تغيرات اقتصادية، واجتماعية، وعنف، عبر الكثير من التفاصيل، التي نقلت صورة الواقع الأليم الذي يعيشه السوريون كالخطف، والنزوح، وتجارة الأعضاء، وتحديّات الحب.
أما «شهر زمان» (تأليف وإخراج زهير قنوع) فتضمن ملمحاً رومانسياً لأبطال العمل الذين يؤكدون استمرار الحياة عند السوريين، إلى جانب الخط الرئيس الذي يحكي عن أولئك الذين أفادوا مما يحصل في سورية لمصالحهم الشخصية.
واستمر «صرخة روح» في جزء ثالث ليتحدث عن قصص الخيانة بطرح جريء وعميق. ولا يختلف مسلسل «الخطايا» عنه إذ دار هو الآخر في الفلك عينه، والعملان من إخراج وتأليف عدة مخرجين ومؤلفين، علماً أن الثاني لم يعرض بعد.
«في ظروف غامضة» أعاد نسرين طافش وسلوم حداد إلى الدراما السورية وهو دراما اجتماعية بوليسية تروي حكاية عائلة تقع ضحية جريمة ومنها تبدأ رحلة مشوقة وطويلة من البحث والكشف والتقصي عن الجريمة وأسرارها. وكل ذلك يتم عبر مجموعة من الملابسات الغامضة والمشوقة وفي ربط منطقي للأحداث، وهو من تأليف فادي قوشقجي وإخراج المثنى صبح.
أما «حارة المشرقة» (تأليف أيمن الدقر وإخراج ناجي طعمي) فتحدث عن الجاسوسية، والثقافة ومُدّعيها، والتجار وألاعيبهم، والتطرف والفساد، والمشكلات الاجتماعية، وأحلام البسطاء، وجمعها مع بعضها في خطّ واحد يأتي كحالة عامة لا يمكن فصل مكوناتها عن بعضها لأنها تشكل خليطاً من مجتمع قائم بحد ذاته.
وحكى «دامسكو» (تأليف عثمان جحى وسليمان عبد العزيز وإخراج سامي الجنادي) عن حارة دمشقية ممتلئة بالحياة وغارقة في مشاكلها اليومية. وتجري الأحداث عام 2010 بعيداً عن تناول الأزمة، ويحمل المسلسل خطوطاً عدة أبرزها: مهنة الموزاييك والخزف، وهناك خط آخر عن استغلال الفتيات وتسهيل مهنة الدعارة وسبل مكافحتها في إطار أحداث شيقة وبوليسية.
«بانتظار الياسمين» سلط الضوء على حياة مجموعة من العائلات، ودخل إلى منازلها، ونقل تفاصيل معاناتها اليومية وقصص حبّ أفرادها وتضحياتهم وتأثير الحرب ومجرياتها على سلوكهم وأفكارهم وأطباعهم والعلاقات في ما بينهم، وتناول مهجّري الحروب أينما كانوا، ورصد الكثير من تفاصيل العلاقات الإنسانية، والاجتماعية والعاطفية، وأفرد للحب مساحة واسعة، كسبيل وحيد لدحر الحرب وهو من تأليف أسامة كوكش وإخراج سمير حسين.
وحكى «غداً نلتقي» عن مجموعة سوريين تهجروا من منازلهم وهربوا إلى لبنان كما يحكي عن ألم السوريين الذين تهجروا من بيوتهم في رصد إنساني بعيداً عن السياسة وهو من تأليف إياد أبو الشامات وإخراج رامي حنا.
وحكى «امرأة من رماد» قصة امرأة (جهاد) تعاني خللاً نفسياً له مسبباته. لكن هذا الخلل غير واضح المعالم بسبب قدرتها على السيطرة عليه بفضل قوة شخصيتها.
مضاعفات هذا الخلل النفسي يجعلها تنتقم من كل من هو سعيد، وبالأخص من الأطفال في عمر ابنها الذي وافاه الأجل في حادث مؤلم (تفجير) تعرّضا إليه معاً وفقدته على أثره. والعمل من تأليف جورج عربجي وإخراج نجدة أنزور.
ومن باب المصادفة، أنتجت الدراما السورية هذا العام مسلسلين يحملان العنوان ذاته «العرّاب»، وهما مأخوذان عن رواية «العراب» لماريو بوزو، الأول لحازم سليمان والمثنى صبح، والثاني لرافي وهبي وحاتم علي.

الكوميديا
بدايةً، أدرك صناع الدراما هذا العام أن الجمهور بات متطلباً بشكل أكبر إلى الضحك والابتسامة ليبتعد قليلاً عن أجواء الشحن، فما أضيق العيش لولا فسحة «الضحك».
ولأن الحياة لم تنجح في ثني الناس عن الضحك في ظل الواقع العربي المتأزم، فإن السوريين المحبين للحياة لم يتبق لهم سوى الارتماء في أحضان الكوميديا بحثاً عن الابتسامة.
هذا العام أنتجت الدراما السورية عشرة أعمال كوميدية ما يعادل الثلث تقريباً حيث يبدو بعضها متشابهاً شكلاً لكنه مختلف في المضمون.
فاستمر «بقعة ضوء» للجزء الحادي عشر عبر لوحات كوميدية بمشاركة ديمة قندلفت وميسون أبو أسعد واندريه سكاف وأمية ملص وفايز قزق وخالد القيش ووفاء موصللي ومحمد خير الجراح وتولاي هارون وجرجس جبارة ورنا شميس وفادي صبيح وبعض الوجوه الشابة تحت إدارة المخرج سيف الشيخ نجيب لكن التخوّف كان قائماً ومحقاً في ظل غياب أبرز نجومه المعتادين أمثال باسم ياخور، وشكران مرتجى، وأمل عرفة، وأيمن رضا. وكان الرهان على هذا العمل صعباً جداً علماً أن اللوحات التي قدمها في الموسمين الأخيرين لم تصل إلى المستوى المطلوب، ولم تختلف كثيراً في هذا الموسم، فاتسمت معظم أفكاره بالسطحية والمباشرة.
أمل عرفة عادت وأحيت «دنيا» بعد 15 عاماً من الغياب بمشاركة الكاتب سعيد حناوي وإخراج زهير قنوع، لتشكل مع شكران مرتجى ثنائياً ناجحاً بشخصيتي «دنيا» الهاربة من ضيعتها للمدينة وصديقتها «طرفة».
واستطاع العمل منذ حلقاته الأولى أن يجذب شريحة كبيرة من المشاهدين، وشكّلت بطلتاه ثنائياً متجانساً وجذاباً، ولعل أهم ما دفعها إلى القيام بجزء ثان، الشعبية الكبيرة التي حققتها في الجزء الأول، واعتبار «دنيا»، شخصية حقيقية من لحم ودم يشتاقها الجمهور ويصدقها ويضحك معها.
إذاً، عادت من جديد الخادمة الفضولية التي تتسبب دائماً في مشكلات لا تنتهي، والتي غالباً ما يسببها فضولها وثرثرتها الزائدة، وكذلك بسبب طيبتها وحبها للخير، فدائماً تنصر الضعيف، وتحاول مساعدة المحتاج، ولا ينقصها السذاجة والطرافة التي تصنع بشكل غير مفبرك مواقف مضحكة لا تنتهي.
وبمزيج من الفنانين الشباب والخبرة، مضى مسلسل «أبو دزينة» من تأليف وإخراج فادي غازي لتتمحور تفاصيله حول رجل لديه 12 بنتاً ينتقل بهن من الفقر إلى الثراء إثر ربحه ورقة يانصيب، لكنه لم يحظ بالمتابعة المأمولة.
أما «وعدتني يا رفيقي» (تأليف رازي وردة، وإخراج نذير عواد) فحكى قصة أربعة أصدقاء يجمعهم عهد منذ الطفولة على الزواج في يوم واحد، فيتجدد العهد عندما يقرر أحدهم الزواج، وهنا يواجهون مفارقات وصعوبات في جمعهم في عرس واحد.
واندرج مسلسل «العيلة» (تأليف سعيد حناوي، وإخراج سالم سويد) ضمن سلسلة الأعمال الكوميدية المنحسرة بأحداثها وحبكاتها منذ الحلقة الأولى حتى الأخيرة ضمن مكان تصوير واحد.
وجرت أحداث «أهلين يا جارتنا» في بناء سكني مسلّطاً الضوء على مجموعة من الظواهر الاجتماعية في حياتنا اليوميّة تحت عناوين متنوّعة، وهو من تأليف أكثم ديب، وإخراج المعتصم بالله مارتيني.
ولم تنل أعمال عدة فرصة العرض خلال رمضان لأسباب، منها معلنة وأخرى غير مكشوفة، وقد وصل عددها إلى أربعة أعمال.
وتألف «مآسي على قياسي» من الغموض وخاصة مع اسمه الغريب، إذ يتألف من لوحات كوميدية اجتماعية ساخرة تلامس هموم المواطن وحياته الاجتماعية، وهي من تأليف وإخراج فادي غازي.
بدوره، فإن «فشة خلق» عبارة عن لوحات درامية كوميدية ناقدة، هدفها تسليط الضوء على هموم المواطن اليومية والصعوبات التي يتعرض لها في سبيل تحقيق أحلامه خلال الأزمة التي تعصف بسورية ضمن إطار كوميدي، وهو فكرة وتأليف محمد قبنض، أما السيناريو والحوار والإخراج هو لمحمد زكية.
«فارس وخمس عوانس» (تأليف أحمد سلامة، إخراج فادي سليم) جمع جميلات الدراما كجيني إسبر ورنا أبيض ولينا دياب ومديحة كنيفاتي ليسلط الضوء على فتيات تأخرن في الزواج بسبب متطلبات أهلهن، إضافة إلى الصعوبات التي يعانيها الشباب في اختيار الشريك، بسبب تدخل الأهل الدائم في قراراتهم.
وأخيراً فإن «فتنة زمانها» (تأليف وإخراج عماد سيف الدين) الذي عرض بعد الشهر الكريم فقد أعاد سامية الجزائري إلى الكوميديا بعد عامين على الغياب بمسلسل تدور أحداثه حول أسرة سورية في الإمارات.

البيئة الشامية
في كل موسم درامي، تتبوأ أعمال البيئة الشامية مركز الصدارة وتحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة لتدرّ على المنتجين أموالاً طائلة باعتبارها تجارة رابحة ومضمونة. ورغم نجاحها، إلا أنها تبقى مثار جدل بسبب محتواها وقصصها التي تسرد وتتناول أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ.
البداية من «باب الحارة7» (تأليف سليمان عبد العزيز وعثمان جحى، وإخراج عزام فوق العادة) الذي لم يحمل أي جديد سوى أن القائمين عليه أماتوا شخصيات وأحيوا أخرى في إطار درامي على طريقة «بوليوود»، وأخطؤوا بالكثير من المشاهد، علماً أن الجزء الجديد حافظ على نجومه وعلى رأسهم عباس النوري، وصباح الجزائري، وأيمن زيدان، وميسون أبو أسعد، ومصطفى الخاني، وأمية ملص.
بالانتقال إلى «حرائر» الذي ألفته عنود الخالد وأخرجه باسل الخطيب تحدث العمل عن نساء ناضلن من أجل الحرية عبر شرائح ضمت الأديبة والكاتبة والمرأة المجاهدة حتى وإن كانت بسيطة في درجة تعليمها، ليتحدث عن الشام ليس من خلال القصة والشخصيات النمطية التي تقدم الابتسامة فقط، إنما كان مشروعاً معنياً بالتاريخ الدمشقي وإظهار الجوانب الحضارية فيه.
ودارت أحداثه في دمشق على حين كان الفرنسيون على الأبواب، عبر حكايةٍ من شقيّن، الأول تاريخي وتوثيقي، والثاني افتراضي، يتناول الأول شخصيات نسائية دمشقية معروفة، مثل نازك العابد (1887-1959)، وماري عجمي (1888-1965) اللتين كان لهما دور رائد في النهضة الاجتماعية وحركة التنوير مطلع القرن العشرين، وثمّة شخصيات درامية أوجدت، لتكون الحامل الرئيس للأحداث والعلاقات، والتمازج بين الخطيّن التوثيقي والافتراضي.
وحافظ مسلسل «الغربال» بجزئه الثاني من تأليف سيف حامد وإخراج مروان بركات، على معظم نجوم الأول أمثال بسام كوسا، وعباس النوري، وأمل عرفة، وكندا حنا مع حضور نجمات جديدات كنادين خوري، ووفاء موصللي.
أما الجزء الثاني من «طوق البنات» فحمل اسم «كيد النسا»، وألفه أحمد حامد وأخرجه إياد نحاس، ودارت قصته حول طوق نسائي مكون من أربع حبات خرز. وهذا الطوق يفرّق عائلة ويجمع أخرى من خلال حباته الأربع التي تكون كل حبة منها في عنق فتاة من بطلات العمل.
وأجاب الكثير من الأسئلة المعلقّة في أذهان متابعي الجزء الأوّل، حول مصير شخصيّاته الرئيسية، كزواج «الكولونيل فرانس» من «مريم»، وعودة «مال الشام» إلى حضن أهلها.
وفي الجزء الثاني، واجه «أبو طالب» العديد من الأزمات، بسبب قبوله لزعامة حي «القنوات»، بتكليفٍ من الحكومة الوطنية، بعد نيل سورية استقلالها، سنة 1946، ويسهم بإذكاء الصراع حول الزعامة، دخول شخصيات جديدة على خط الأحداث، كـ «مراد آغا»، وزوجته «لمعات» التي عادت لتنتقم، كما حمل «حسّان» رسالةً أخيرة لـ«مريم» من «رانس»، وفتحت هذه الرسالة، أبواب قصّةٍ جديدة، تعيشه بطلة العمل، مع بطله الجديد.
أما «حارة الأصيل» فاحتوى على 14 شخصية أساسية، وهو عمل بيئي شامي، درامي الأحداث، متصل القصص، عالج قصة رجل اتهم بقتل زوج أخته، وهو من تأليف مروان قاووق وإخراج محمد معروف.
وروى «بنت الشهبندر» قصة حبّ تجري أحداثها في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وتحديداً مع بدء انهيار الاحتلال العثماني، وقبل بداية الحرب العالمية الأولى، وهو من تأليف هوزان عكو وإخراج سيف الدين سبيعي.
أخيراً، فإن صدر الباز للمخرج تامر إسحق فلم ينل فرصة للعرض بعدما تأخر تصويره إلى ما بعد رمضان، وهو من تأليف رامي المدني وبتول ورد، وتدور أحداث العمل في دمشق، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، في منطقة كانت تسمى «صدر الباز»، وهي كناية عن منطقة «ساحة الأمويين» في دمشق المعاصرة.

Exit mobile version