Site icon صحيفة الوطن

صفقةُ الحماية مقابل الاحتلال.. خسارةٌ ثنائية

محاولة أميركية جديدة ومشبوهة، تندرج ضمن إطار صفقة مقايضة مكشوفة ومزدوجة الأهداف بين الاحتلال الأميركي من جهة، وميليشيات «قسد» والقوى الأمنية الكردية في شمال الشرق السوري من جهة ثانية، لخدمةً الجانبين الأميركي والكردي في آن معاً، فالأميركي يسعى من جهته ويعمل من أجل إطالة احتلاله لأراضٍ سورية بزعم حمايته لـ«قسد» وقواها الأمنية «الأسايش» من الجيش التركي، ومن تنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات الإرهابية الأخرى ذات البنية التركية، على حين يوظف الجانب الكردي صفقة المقايضة تلك، في استمرار تلقيه الحماية الأميركية التي من دونها تنهارُ قواه وتسقطُ رهاناته القديمة والحديثة وتُحبِطُ آمالُه مرة جديدة على غرار ماحلَّ به على يد الأميركيين سابقاً وسيحصل حاضراً، حسب ما تشير إليه الوقائع، وربما في المستقبل أيضاً، في حال استمر الكرد في المراهنة الخاسرة على الوعود الأميركية.

في السياق ومن أجل إطالة الاحتلال الأميركي لبعض الأراضي السورية، تواصل واشنطن العمل على تأجيج الصراعات المسلحة ووضع حدٍ للوضع الراهن المستمر الذي ربما يمكن من خلاله التوصل لتسوية سياسية للمسألة، آملة امتلاك أوراقٍ تفاوضية وقوة إضافية في إطار تلك التسوية تدعم نفوذها في شمال الشرق السوري عبر أدواتها في تلك المنطقة والمتمثلة بتنظيم داعش الإرهابي وقوات سورية الديمقراطية «قسد» وقواها الأمنية، ما يعني في النتيجة، أن الولايات المتحدة الأميركية عازمة على تعزيز وجودها العسكري اللاشرعي في سورية حتى إشعار آخر، والمضي في سرقة ثروات سورية من النفط والغاز والحبوب في تلك المنطقة.

وعلى حين صدرت عن دوائر رسمية أميركية في أوقاتٍ سابقة، تصريحات تشير إلى أن القوات الأميركية ستنسحب من سورية، يؤكد واقع الحال أن لا نية لدى الإدارة الأميركية بسحب تلك القوات في المدى المنظور، وأن لا أحد من العسكريين الأميركيين يعرف متى وكيف سيتم هذا الانسحاب، وهل سيتم نتيجةً ظروفٍ ميدانية قَسْرِيَّة معينة، أو رهناً بشروطٍ أميركية قاسية ستكون مرفوضة بالمطلق، ولعل الأمر الأول هو الاحتمال الأكثر واقعية وفاعلية، والمتمثلُ بمقاومةٍ شعبيةٍ للاحتلال الأميركي وموجِعَةٍ للجنود الأميركيين أدوات هذا الاحتلال.

لو توقفنا عند الواقع الراهن في المناطق السورية المحتلة من قبل القوات الأميركية و«قسد» و«داعش» في شمال الشرق السوري، والقوات التركية والتنظيمات الإرهابية التابعة لأنقرة، وتنظيم «هيئة تحرير الشام» في شمال الغرب السوري، لوصلنا إلى قناعة تامة بوجود تنسيق كامل بين واشنطن وأنقرة، الهدف منه إطالة أمد الاحتلالين الأميركي والتركي لشرق الشمال السوري وغربه، وافتعال صراعات دامية بين التنظيمات الإرهابية المتناحرة في تلك المناطق، تشكل الأرضية لذريعة يتخذها الجانبان الأطلسيان الأميركي والتركي لمواصلة احتلالهما لبعض الأرض السورية لأطول مدةٍ ممكنة خدمة لأهدافهما العدوانية المشتركة المعهودة.

خلاصة القول: في صفقة الحماية مقابل إطالة الاحتلال، خسارة بامتياز للاثنين معاً.

Exit mobile version