Site icon صحيفة الوطن

ترامب البغدادي

| عبد الفتاح العوض 

من العبارات التي باتت متداولة بكثرة أن المجتمع مملوء بالدواعش والعبارات الملطفة لذلك.. في كل واحد داعش صغير.. أو في داخل كل منا جزء من داعش.
ويذهب البعض باتجاه أن الإسلام هو داعش. وأن الاعتدال والوسطية في الإسلام ليست حقيقة.
وأيضاً أن الإسلام قتل وقتال، وبمتناول الذاكرة والتاريخ أمثلة كثيرة لحلفاء وصحابة قُتلوا بسيوف المسلمين.
لا أريد أن أتحدث عن الاتهام الجاهز لكل من لا ترضى عنه بأنه «داعشي».
ولنركز على الفكرة الرئيسة هنا وهي هل الإسلام هو داعش، وهو المجتمع المشوه من الداخل لدرجة أن في كل منا داعشياً متخفياً؟!
دوماً أقول: إن المجتمع السوري أفضل من مسؤوليه وأفضل من نخبه ومثقفيه.
والإسلام أيضاً أفضل وأروع من معتنقيه.. الإسلام أفضل من المسلمين.
كيف؟
القتل والقتال الذي حدث بين المسلمين، وراح ضحيته قامات إسلامية ذات خصوصية مميزة إنما أزهقت أرواحهم بخلاف على السلطة وليس بسبب الدين، فهم لم يختلفوا على أحكام دينية بل على أحلام دنيوية.
الآن..
لاحظوا كيف يتحول العالم إلى عقل داعشي وهو العقل الذي يرى أنه على حق والآخرين على باطل ويجب إلغاؤهم، ومن التصريحات المثيرة لمرشح الرئاسة الأميركية دونالد ترامب وما فيها من العداء للمسلمين والعنصرية الوقحة ضدهم ما يُبين لنا أن ثمة نسَب «دم» بينه وبين أبو بكر البغدادي.
الأنكى من ذلك أنه ما زال بعد التصريحات يحصل على نسبة عالية في استطلاعات الرأي.
أيضاً فوز اليمين المتطرف في فرنسا ليس إلا وجهاً آخر من انتشار السلوك الداعشي في عواصم كنا نظنها بمنأى عن سلوك كهذا.. والتنافس الآن بين المتطرف والأكثر تطرفاً.. وفي إسرائيل المسألة محسومة فالأكثر تطرفاً هو القاعدة.. في الغرب وفي إسرائيل «الداعشية» بألوان أخرى.
وعلينا أن نتوقع أن الأفكار المتطرفة سوف تجد لها مكاناً تحت شمس الغرب.
ومقابل خطابها العنصري والمتطرف سيكون ثمة خطابات أكثر تطرفاً من جهات مختلفة وسيكون الخاسر في كل ذلك الاعتدال والوسطية.
لن أغرقكم في توقعات متشائمة.. ففي مثل هذه المناخات من التوتر والتشنج والخوف تصبح هذه الخطابات تقليدية، لكنها تنتهي بانتهاء مناخ التوتر والصراع.. وليس لأحد مصلحة في استمرار هذا «المناخ».
لا شك أن سلوك المسلمين وخاصة العقل الجامد الذي توقف عن الاجتهاد هو المصدر الرئيس للإساءة للإسلام والمسلمين إلا أن سياسات الغرب التي نشرت الفوضى في العالم جعلت من التطرف عملة رائجة حولنا ولن يجدي نفعاً عمليات التجميل الغربية، بل ينبغي أن تعيد النظر بمجمل سياساتها على قاعدة أنها أخطأت وعليها تصحيح أخطائها, وإلا فسنجد في كل دولة نسخة عن البغدادي.

مقبرة
من الغرائب أن تجتمع المعارضة السورية في بلد لا يسمح بالمعارضة ويعتبرها في أدبياته كفراً وخروجاً على ولي الأمر، ومن الأغرب أن وزير خارجية دولة لم تشهد في يوم من الأيام انتخابات يتحدث باسم السوريين عن مصير رئيسهم.
الأكثر غرابة.. أن سوريين كنا نظنهم على قدر من الحس الوطني باعوا أنفسهم في سوق النخاسة السياسي.

بصراحة
اختيار الرياض بما لها من موقف صارخ في تطرفه هو بمنزلة اختيار «مقبرة» للحل السياسي.
بالمقابل الحديث عن مؤتمرات كرنفالية لمعارضة الداخل لا يجدي أبداً, مؤتمر فاشل هنا، ومؤتمر فاشل هناك لا ينتجان مؤتمراً ناجحاً بل يكرران الفشل.

Exit mobile version