Site icon صحيفة الوطن

مواجهة نصف النهائي الأولى.. ثأرية للألبيسيليستي أمام الناري … خبرة داليتش الكرواتي مقابل سكالوني بطل الأرجنتين … «ليو» البرغوث الساحر في مواجهة «لوكا» الموسيقار الثائر

انحصرت المنافسة على لقب النسخة الثانية والعشرين بين أربعة منتخبات تمثل ثلاث قارات للمرة الثانية فقط بتاريخ المونديال بعد نسخة 2002 والتي شهدت منتخبين من أوروبا وثالثاً من أميركا الجنوبية ورابعاً من آسيا، أما في مونديال قطر فتغيرت الخريطة بدخول منتخب أسود الأطلس على خط مربع الكبار كأول منتخب إفريقي، وعليه فلم يتبق سوى أربع مباريات لتحديد بطل العالم آخر طبعة وآخرها سيكون لقاء التتويج يوم الأحد القادم ويسبقه لقاء المركزين الثالث والرابع، وبالطبع فإن المواجهتين اللتين سترسمان صورة هاتين المباراتين ستقامان ضمن نصف النهائي اليوم وغداً.

ففي مساء الغد سيعيش العرب والمغاربة على حلم أكبر بمواجهة أبطال العالم الفرنسيين أما الليلة فتقام المواجهة الأولى والتي تجمع منتخبي الأرجنتين الطامح للعودة إلى منصات التتويج بعد 36 عاماً وكرواتيا وصيف النسخة الأخيرة الحالم بمجد فاته في روسيا 2018، وتقام القمة الثأرية لليونيل ميسي ورفاقه من لوكا مودريتش وزملائه بداية من الساعة العاشرة في استاد «لوسيل» ويديرها الحكم الإيطالي دانييل أورساتو الذي يقود المباراة الثالثة في أول مشاركة مونديالية وسبق أن قاد مباراة الافتتاح وكذلك مباراة الأرجنتين مع بولندا في الدور الأول.

حظ وأشياء أخرى

بلغ المنتخبان الأرجنتيني والكرواتي دور نصف النهائي مطابقاً لبعض التوقعات التي سبقت المونديال، وإن كان تأهل الأخير جاء بشكل مفاجئ لأنه تخطى السيليساو البرازيلي بركلات الترجيح إلا أن من شاهد تلك المباراة أيقن حقيقة قوة الفريق الناري الذي جارى أبناء السامبا في مراحل كثيرة بل تفوق عليهم بنسبة الاستحواذ على الكرة وإن كان البرازيليون أخطر على المرمى، وهنا لا بد من الإشادة بالحارس ليفاكوفيتش الذي ظهر بطلاً حقيقياً كما كان في مباراة اليابان أثناء الوقتين الأصلي والإضافي وكذلك خلال ركلات الترجيح والتي أكمل فيها تألقه أمام رفاق نيمار، ودخل المنتخب الكرواتي البطولة مرشحاً للعب أدوار مهمة ولاسيما أنه وصيف بطل العالم ومازال مدربه داليتش يحتفظ بأوراق كانت في المونديال الروسي وبالتالي كان الإنجاز بتكرار التأهل إلى مربع الكبار.

على الجهة المقابلة توقع الكثير من المراقبين طول الإقامة في قطر للمنتخب الأرجنتيني الذي وصل الى المونديال بسجل رائع من سلسلة عدم الخسارة التي وضعته على رأس المرشحين للمنافسة على اللقب، وعلى الرغم من خسارته الافتتاحية المفاجئة إلا أنه صحا وعاد وأكمل مسيرته نحو نصف النهائي مع بعض الحظ في نصف النهائي وخاصة عند الوصول إلى ركلات الترجيح أمام الطواحين الهولندية، ولعل ما يؤخذ على المدرب سكالوني ولاعبيه أنهم أخفقوا بالحفاظ على تقدمهم بهدفين قبل 10 دقائق من انتهاء الوقت الأصلي، إلا أنه يحسب للفريق ككل أنه كان الأفضل في الوقت الإضافي وكان قريباً جداً من تجنب ركلات الأعصاب.

الطريق نحو المربع

كما ذكرنا فقد كان الفريقان من ضمن لائحة المرشحين للتتويج بالكأس أو على الأقل المنافسة في أدوار متقدمة من البطولة، وقد بدأ الألبيسيليستي بطريقة لم تكن بالحسبان عندما خسر أمام الأخضر السعودي بنتيجة 1/2 على الرغم من تقدمه بالنتيجة لتصبح المواجهة أمام المكسيك مصيرية وفيها خرج ميسي ورفاقه بنتيجة مثالية ففازوا بهدفين، وجاءت المباراة الحاسمة والفريق مازال مهدداً بالخروج، وبثبات نجح بتخطي نسور بولندا بهدفين نظيفين مرة أخرى ولعبت النتائج الأخرى في المجموعة الثالثة في تصدره لترتيبها في نهاية الدور الأول ليواجه المنتخب الأسترالي أقل منتخبات دور الـ16 (نظرياً)، وهناك احتاج راقصو التانغو لكل خبرتهم وللحفاظ على تقدمهم بهدفين قبل أن يقلص أبناء الكنغارو النتيجة، وكادوا يذهبون إلى ركلات ترجيح لولا تألق خاص من الحارس إيمليانو مارتينيز في الفرصة الأخيرة من المباراة ليتخطى رفاق ميسي هذا الدور بصعوبة ضاربين موعداً مع الطواحين في واحدة من الكلاسيكيات المونديالية والتي تخطاها راقصو التانغو بالترجيح.

بالمقابل كان الفريق الكرواتي يخوض منافسات المجموعة وبدأها بتعادل مع المغربي من دون أهداف لكنه كان إيجابياً على اعتبار أن أسود الأطلس كانوا قريبين من النقاط الثلاث كما الفريق الناري، وجاء الفوز الكبير على الضيف الكندي منطقياً واضعاً الفريق على حافة الدور الثاني شريطة الخروج دون هزيمة في قمة هذه المجموعة أمام المنتخب البلجيكي وقد آلت إلى التعادل السلبي مجدداً وبه انتزع رفاق مودريتش بطاقة الدور الثاني مطيحين بشياطين بلجيكا خارج البطولة، الحلول في المركز الثاني وضع فريق داليتش أمام المنتخب الياباني إحدى مفاجآت الدور الأول وقد استطاع الخروج من المغطس الآسيوي بركلات الترجيح بفضل تألق من الحارس ليفاكوفيتش الذي تصدى لثلاث ركلات.

لقاء ثأري

وتعود بنا الذاكرة عند الحديث عن مواجهة الألبيسيلستي والناري إلى 24 عاماً عندما تقابلا في الدور الأول لمونديال فرنسا 1998 في مباراة هامشية بعدما ضمنا التأهل عن المجموعة الثامنة وفاز الأرجنتيني بهدف ماوريسيو بينيدا، وبعد 20 عاماً تقابلا في الدور ذاته لكن هذه المرة في الجولة الثانية وفي توقيت سيئ لراقصي التانغو الذين تعادلوا في مباراتهم الأولى مع آيسلندا، على حين الكرواتي فاز على النيجيري بهدفين وبالتالي كانت مواجهة لضمان بلوغ الدور الثاني للناري الذي تألق وهزم منافسه بثلاثية جاءت في الشوط الثاني عبر ريبيتش ومودريتش وراكتيتش، وكانت مؤشراً لمصير أسود ينتظر رفاق ميسي وهكذا كان.

وسبق هذين اللقاءين الرسميين لقاء ودي انتهى سلباً في 1994 وبينهما تقابلا كذلك ودياً مرتين، ففي 2006 فاز الكرواتي بثلاثة أهداف لهدفين وردّ الأرجنتيني في 2014 بهدفين لهدف، وهذا يعني أن الكفة متوازنة تاريخياً مع أفضلية من ناحية الأهداف لمصلحة الناري.

قوة الناري

بنظرة سريعة إلى مشوار الفريقين في البطولة نجد أن الكفة متوازنة تقريباً رغم أن المنتخب الكرواتي لم يخسر حتى اللحظة لكنه تعادل في ثلاث مباريات وأثبت أنه يتمتع بدفاع قوي ووسط خبير وهجوم عادي مع غياب المهاجم القناص والدليل أنه سجل 6 أهداف منها 4 في مباراة كندا الأضعف نظرياً وعملياً، ولا ننسى دور الحارس دومينيك ليفاكوفيتش الذي يلعب في دينامو زغرب المحلي والذي ذاد في الدفاع عن مرماه ناهيك عن ركلات الترجيح.

وبالتفاصيل نجد أن الفريق الكرواتي مازال يعتمد على خبرة لوفرين في الدفاع إلى جانب الشابين جاسكو جفارديول ويوسيب يورانوفيتش ومعهم بورنا سوسا وهذا الرباعي خاض كل الدقائق مع الحارس وبالطبع فإن التفاهم بينهم كان له دور كبير في الحفاظ على تلقي ثلاثة أهداف فقط، ويعتبر خط الوسط هو البوصلة التي يعتمد عليها داليتش وخاصة بوجود القائد لوكا مودريتش وكوفاسيتش وبيريسيتش وإلى جانبهم البدلاء بازاليتش وسوسيتش وياكيتش وبشكل أقل ماجر، وفي الخط الأمامي هناك كرماريتش الذي سجل هدفين وبريسيتش وليفيا وبيتكوفيتش وبودمير.

ويمكن القول إن مودريتش هو القائد الفعلي أو أهم محركات المدرب في قيادة الفريق على الأرض فمن شاهد حركة هذا العجوز (37 عاماً) وتمريراته وحسن تصرفه وسط الملعب يدرك مدى أهميته ويكفي أنه الشعلة التي يستوقد منها الفريق قوته معنوياً وعلى المستطيل.

شغف التانغو

وإذا كان الكرواتي الذي ذاق حلاوة خوض النهائي ويطمع لإعادة الكرّة ووضع اسمه على الكأس كتاسع الأبطال فإن الأرجنتيني لا تنقصه الرغبة في بلوغ النهائي بل التتويج بالكأس في وداعية ساحره ليونيل ميسي، ولم يقدم الفريق في البطولة أداء ثابتاً لكن لدى المدرب سكالوني كل الأدوات اللازمة لتقديم وجبة كروية دسمة تصل بمنتخب أرض الفضة إلى النهائي بداية من الحارس إيمليانو مارتينيز وانتهاءً بالبديل الذي يستعمله بعد باولو ديبالا مروراً بأوتاميندي وروميرو ومانويل مولينا وتاليافيكو ودي ماريا ويوليان ألفاريز ودي بول وماكاليستر ولاوتارو مارتينيز ويغيب عنه غونزالو مونتيل وماركوس أكونا للإيقاف، ويبقى ليونيل ميسي هو القائد والمفكر والملهم وعليه يتعكز الفريق وعندما يكون بالفورمة فإن الفريق يكون بخير، ومع اقتراب حلمه بالتتويج بطلاً للعالم يعتقد الكثيرون أنه قدم حتى الآن ما يجعله على بعد خطوات من المجد الناقص في لوحة إنجازاته وبالتأكيد لن يفرط بهذه الفرصة الأخيرة.

معركة أفكار

ويقود دفة الفريقين من على الخط مدربان طامحان ولديهما الدافع لتقديم كل الأفكار الكفيلة بتفوق فريقيهما، الأول هو زلاتكو داليتش المدرب الذي قاد الكرواتي إلى أفضل إنجاز بتاريخ بلاده في المونديال الماضي ويبلغ من العمر 56 عاماً وقد تسلم مهمته عام 2017 وقاد الناري في 68 مباراة (33 فوزاً و18 تعادلاً و17 هزيمة) ومنها 12 مباراة في المونديال فاز بـ5 منها وتعادل بـ6 ولم يخسر سوى نهائي 2018، وقد أشرك في البطولة الحالية 18 لاعباً كأقل منتخبات دور ربع النهائي.

ويعتبر ليونيل سكالوني من المدربين الشباب وهو الأصغر سناً بين مدربي المونديال وقد تسلم تدريب المنتخب عام 2018 وقاده إلى الفوز بكوبا أميركا 2021، وخاض المنتخب تحت إمرته 55 مباراة ففاز بـ37 منها مقابل 13 تعادلاً و5 هزائم، وقد دخل البطولة وفي سجله رقم تاريخي لمنتخب بلاده الذي لم يخسر في 36 مباراة متتالية، وقد أشرك في البطولة 21 لاعباً حتى الآن.

Exit mobile version