Site icon صحيفة الوطن

ماذا في حقيبة الجزائري؟

| علي هاشم

خلال الأسبوع الماضي فقط، سجل وزير الاقتصاد حضوراً إعلامياً لافتاً يزيد أضعافاً عن ظهوره في أشهر الصيف الأخيرة التي قضاها منصرفاً وغائباً تماماً عن اليوميات القاسية التي يعانيها الاقتصاد الوطني.
لا يسهل توقع الأسباب التي دفعت حامل الحقيبة الأعمق أثراً في يوميات السوريين المعيشية إلى اعتكافه الطويل ذاك، لربما نظر يوماً إلى المرآة فتراءى له أحد ضحايا الشعور بالخذلان جراء الانتقادات المريرة لجوهرته الثمينة -عقلنة الدعم- التي سوقها -بشغف- كممر حتمي لوقف تدهور الاقتصاد الوطني، فقرر التغيب. أو لربما آثر ذلك بعد جولات «كباش» تقليدية ومتوقعة شهدتها أروقة الحكومة حيال مسألة «التلاعب بالدعم» وأبعاده والتمترسات الإيديولوجية المعهودة لمراكز القوى الحكومية والنظرة المختلفة لكل منها إلى خصوصية المجتمع السوري بما فيها «تقديسه للدولة الرعوية»، فكان له أن سجل رفضه بالانسحاب إبان إحدى جلسات «العصف الفكري» تلك!
قد تكون أسباب تغيبه أكثر خفة مما سبق، أو لربما أكثر جدية بكثير، إلا أن ذلك لا يبدل شيئاً حيال ما يعرفه هو تمام المعرفة من أن اعتكافه ذاك زاد من آلام الاقتصاد الوطني بدرجة أو أخرى، إذ وفق نواميس الإدارة الاقتصادية، ونظرا لطبيعة الحقيبة التي أغلقها برقم سري مكتفيا بتسيير الأعمال خلال أشهر غيبته الماضية، كان لحضوره في ساحة الفعل في هذا الوقت بالذات أن يضفي مزيداً من الثقة المطلوبة حيال قدرة الاقتصاد الوطني على التعافي والنهوض، ولو كان الوقت مناسبا لتبادل الانتقادات، لكانت أفكار المرء تداعت حول «خذلانه» للاقتصاد الوطني الذي يعاني تدهوراً مطرداً في ميزان مدفوعاته، بغض النظر عن مشروعية الأسباب التي دعته للاعتكاف لكل هذه المدة.
ها قد طوى وزير الاقتصاد اعتكافته وعاد «هماماً» مفعماً بالإيمان حيال النهوض المتمرحل للإنتاج كحل وحيد لمعاناتنا الاقتصادية، وهو بذلك بات أكثر شبها بصورته التي كان عليها ساعة ظهوره الأول كوزير للاقتصاد على شاشة التلفزيون الوطني متناولا «محاسن» جوهرته «عقلنة الدعم»، ووفق ذلك، قد يفترض المنطق دعم التوقعات بإعادة الزخم إلى عملية تفعيل الإنتاج، وقبول اليقين الذي انبعث من طريقة تناوله للقضية خلال الاجتماع الأخير مع رئيس اتحاد غرف التجارة.
إلا أن الواقع يؤكد بأن الأمر لن يكون بهذه السهولة، أقله خلال أشهر الشتاء القادمة التي تحمل معها ظروفا موضوعية استثنائية تتزايد معها العوائق التي تعترض تدفق السلع والمتطلبات اللوجستية الأخرى ذات العلاقة بالإنتاج، وبذلك، فقد يكون مكسبنا الوحيد في مجمل الأمر هو «العود الأحمد» المتأخر لوزير الاقتصاد إلى حيث يجب، لا أكثر!

Exit mobile version