Site icon صحيفة الوطن

الإيمان بالحب والحياة في زمن عبث الموت والحرب .. «بانتظار الخريف».. حكاية وطن جريح في وجه الموت … سلاف فواخرجي: رسالة الحب والتسامح والحياة رغم كل الظروف

| وائل العدس – تصوير طارق السعدوني

بشائر الأمل ترفرف في سماء سورية رغم الحرب، ولغة الحياة لا يتكلم بها إلا الأقوياء والعظماء بمعتقداتهم وقيمهم ووطنيتهم. إنهم السوريون الذين جابهوا الصعاب وتمسكوا بأوكسير الحياة وأصروا على البقاء رغم تكالب الأعداء، هذه الرسائل المباشرة التي أراد المخرج جود سعيد إيصالها من خلال فيلمه «بانتظار الخريف» الذي افتتح بعرض أول وخاص مساء الخميس الماضي في صالة «سينما سيتي»، وهو الفيلم الذي حصد جائزة أفضل فيلم عربي في الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لهذا العام.

إنها قصة مجموعة من الفتيات آمنّ بالحب والحياة في زمن عبث الموت والحرب، ليتناول الشريط قصة قرية تودّ أن تصير وطناً بطلاً لكلّ أهلها وهنا يكبر معنى (أهل) لتترفّع عمّن ولد فيها فقط، بل هم كل من أحبّ وعاش لأجل الحب، وتتضمن القصص حكاية وطن جريح في مقاربة لما يعيشه اليوم.
الشريط من تأليف جود نفسه مع عبد اللطيف عبد الحميد وعلي وجيه، وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج السينمائي، وبطولة: سلاف فواخرجي، وعبد اللطيف عبد الحميد، وبشار إسماعيل، ورنا ريشة، وسوزان سكاف، وعلاء قاسم، وحسن دوبا، ومصطفى المصطفى، وناصر المرقبي، ولمى بدور، وغفران خضور، ومن النجوم الذين حضروا الافتتاح: دريد لحام وعائلته، وسلوم حداد، وديمة قندلفت، وميسون أبو أسعد، وفادي صبيح، وعارف الطويل، ومحمد عبد العزيز، ومي مرهج، وطلال مارديني، إضافة إلى عدد من الوزراء والسفراء والمهتمين بالشأن السينمائي.
حكاية الفيلم

يروي الفيلم الذي تدور أحداثه في صيف عام 2013 حكاية مجموعة من فتيات فريق كرة طائرة نسائي لقرية منسية يطمحن بالفوز بكأس الجمهورية بحثاً عن الفرح والحياة والنصر في قلب الموت في وطن جريح حيث تعيش فتيات الفريق واقع البلاد اليوم بكل تجلياته دون الاستكانة لحالة الترقب أو الانسحاب من الحياة انتظاراً لما ستؤول إليه الأمور فهن يدافعن عن ثقافة الحياة التي تضمن استمرار سورية في وجه ثقافات الموت.
ويتحدث الفيلم عن حكايات موازية منها حكاية القرية التي تنتمي إليها تلك الفتيات والجيل الأسبق من أبنائها ومنهم كابتن الفريق القديم.
وتبدأ أحداث الفيلم عندما كان أهالي قرية «نبال عيسى عطية» وأهالي قرية «أبوغازي» و«أبومعن» يحضرون لخوض نهائيات كأس الجمهورية للكرة الطائرة النسائية وقررت الولايات المتحدة الأميركية الاعتداء على سورية، وفي إحدى القصص يختطَف المخرج «محسن» زوج كابتن الفريق الصحفية «حلا عبد الكريم» التي تنطلق بحثاً عنه. وتتوه القرية بين بحث كل فتاة عن حبيبها، وبين رغبة في تحقيق نصر ما، يعيد للحياة فرحها المفقود.
وفي بعض المشاهد، كان الفيلم يشبه نص «بانتظار غودو»، حيث لا أحد ينتظر شيئاً، ولا يرى في الأفق أي أمل، ومع ذلك هناك اندفاع وعمل وكأنما الوعد بالخلاص مضمون.

فيلم جديد
وفي كلمة ألقاها محمد الأحمد المدير العام للمؤسسة العامة للسينما قال إنه تلمس موهبة جود سعيد بعد عودته من فرنسا عبر لقاءات سريعة ومن حديث صغير ظهرت شخصيته التي تشتعل موهبة وصدقاً.
وأضاف: «بانتظار الخريف» فيلم جديد ينضم إلى موكب الأفلام السورية التي أنتجتها المؤسسة العامة للسينما خلال الحرب الكونية الظالمة على سورية، فيلم آخر أنتجته المؤسسة، يحظى بتكريم رفيع، فها هو بعد أفلام توجت بجوائز رفيعة في محافل عربية ودولية، يسمى بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. هذا الفيلم الذي ذهب إلى مهرجان القاهرة يتيماً من دون مخرجه ومنتجه وأبطاله. وآب مكللاً بالغار.

الشريك الحقيقي
بدورها أعربت سلاف فواخرجي عن سعادتها باحتفاء الجمهور بالفيلم، وحضورهم المكثف لمشاهدته، وردود أفعالهم الإيجابية على شخصية «نبال» التي لعبتها في الفيلم ووصول رسالتها للجمهور «رسالة الحب، والتسامح، والحياة رغم كل الظروف».
جرأة الملامح الشكلية للشخصية، وطرافتها التي تفاعل معها جمهور الفيلم على نحو لافت؛ رأت فيها فواخرجي نافذة جديدة لتقديم نفسها ممثلة، مؤكدة ثقتها، واطمئنانها لخيار المخرج الذي وصفته بـ«الشريك الحقيقي»، وأهدت «بانتظار الخريف» وجائزته مجدداً لـ»الذين افتدوا سورية بأرواحهم، لكي نعيش، ونعمل، ونبدع».
واعتبرت جائزة أفضل فيلم عربي التي حصدها الفيلم مؤخراً في مهرجان القاهرة السينمائي بدورته السابعة والثلاثين تكريماً لجهود كل من اشتغل على هذا الفيلم، بـ«إحساسٍ عال، وإخلاص، وحب» رغم كل الظروف، وحيّت سورية، وشعبها العظيم الذي تحيا به.
وخلال الفيلم عمدت النجمة السورية إلى تغيير مظهرها ليتناسب مع دورها الجديد، وظهرت بلوك عشوائي، حيث غيرت لون شعرها إلى الأشقر الفاقع، وبدت بوزن زائد عن وزنها الطبيعي.

تجربة استثنائية
بدوره تحدث علاء قاسم عن شخصيته فقال: «غيفارا» إنسان لقيط لا أهل له، لذلك فإن مصيره مرتبط دوماً بـ«أبو معن»، ويحب «ديمة» ويتزوجها، أما الشكل الخارجي للشخصية فيناقض مضمونها لأنها شخصية بسيطة من الداخل، وأحلامها وصراعاتها لحظية وآنية وتشبه أوضاع بعض الشباب الذين حملوا السلاح في السنوات الأخيرة كشكل من أشكال الرجولة لكنهم من الداخل جبناء، «غيفارا» يشبه كل شخصيات الضيعة.
وأكد قاسم أنه خاض تجربة استثنائية وخاصة أنه عاش التجربة السينمائية الأولى خلال مسيرته الفنية، إضافة إلى حالة الحب العظيمة التي رافقت مراحل التصوير بين كل عناصر الفريق، الأمر الذي انعكس على النتيجة النهائية.

العمل الجماعي
أما رنا ريشة فقالت إن «بانتظار الخريف» من أهم المحطات في حياتي المهنية، وأهم ما يميزه روح العمل الجماعي، وهي تجربة خاصة من نوعها وجسدت روح الفريق الواحد من المخرج للممثلين للفنيين حتى عامل القهوة، جميعهم روح واحدة وقلب واحد، إضافة إلى أنني تعرفت إلى الفنانة الراقية سلاف فواخرجي التي أضافت للعمل روح السكر.
وأوضحت: هذه تجربتي الأولى مع الأستاذ جود، وخصوصاً أن السينما صارت مكاني الحقيقي بعد فيلمين مع المخرج محمد عبد العزيز، وعدد من الأفلام القصيرة.
وتحدثت عن دورها فقالت: شخصيتي «نور» الطبيبة القوية وبنت الضابط «أبو غازي»، فتاة قاسية لكن لاحقاً نتعرف على شخصيتها الحقيقية من خلال الاعتراف بحبها لأحد شباب الضيعة، ومحبتها لكل أهالي ضيعتها.

كنز السوريين
ميسون أبو أسعد التي تابعت الفيلم قالت إن أجمل ما فيه أنه قطعة من الحياة تتوالى فيها الفرحة والحزن العميق ويولد أحدهما من الآخر، متناقضات كالحزن والفرح، كالأمل والإحباط، كالحب والكره، كانت تنسجم في ثنائيات لتشكل الحياة ولتقدم لنا جود سعيد مختلفاً عما قبل بانتظار الخريف.
وأردفت: إن إرادة الحياة التي اتضح أنها كنز السوريين العظيم هي ما ركز عليه الفيلم بلغة ذكية وكاميرا رشيقة وممثل يستمتع بالتجربة، أهنئ جود من القلب ويستحق كادر الفيلم الفني والتقني تحية كبيرة أيضاً.

Exit mobile version