قضايا وآراء

قرار واشنطن لن يكون صك غفران

| هديل محي الدين علي

إذا كان مطبقاً بشكل حقيقي فلن يكون صك غفران عن عقود من العدوان على الشعب السوري، فكيف إذا كان مضللاً وزائفاً؟!

إعلان وزارة الخزانة الأميركية إصدارها تصريحاً يسمح لمدة 180 يوماً بإجراء جميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال والتي كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات على سورية، لن يستطيع تبييض صفحة واشنطن التي اسودت من قبح سياساتها لدرجة أصبحت من المسلمات السياسية أن الولايات المتحدة تتخذ شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية ستاراً لها لغزو وحصار الشعوب التي لا تنساق وراء أجندتها في فرض هيمنتها القائمة على الاستغلال والقتل والتجويع.

دمشق قالت على الملأ إن القرار المضلل الذي أصدرته الإدارة الأميركية بشأن التجميد الجزئي والمؤقت لبعض التدابير القسرية والانفرادية القاتلة التي تفرضها على الشعب السوري ليس سوى نسخة مكررة لقرارات صورية سابقة تهدف لإعطاء انطباع إنساني كاذب، خاصة أن القرار أتى بعد أربعة أيام على كارثة الزلزال الذي ضرب محافظات حلب واللاذقية وحماة وإدلب فلو كانت النيات صادقة وهو أمر من رابع المستحيلات ولغايات إنسانية بحتة فلماذا تأخر؟ ولماذا لم يراع مرحلة إعادة إعمار ما هدمه الزلزال كمرحلة ثانية؟ الجواب بائن وواضح وجلي، بأن هذا القرار يهدف لتضليل الرأي العام العالمي، في محاولة للتبرؤ من دماء الضحايا الأبرياء الذين قضوا تحت الركام نتيجة نقص المعدات والآليات والمحروقات ومستلزمات عمليات الإنقاذ التي لم تعد موجودة بفعل حرب إرهابية استمرت اثنتي عشرة سنة، كانت ولا تزال واشنطن أول من دعمها وأجج النار فيها.

نعلم علم اليقين أن الإدارة الأميركية لا تريد بهذا القرار سوى الخداع الذي مارسته لعقود في العديد من دول العالم ولاتزال، من كوبا وفنزويلا إلى فيتنام والجزيرة الكورية مرورا بالمنطقة العربية التي عانت ما عانته من هذا التضليل في فلسطين المحتلة والعراق الجريح واليمن المكلوم وليس انتهاء بسورية العروبة التي لا تزال تقاوم كل هذا النهج الأميركي الذي ينساق خلفه كل الدعاة المزيفين للشعارات البراقة عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

لن تنال واشنطن صك غفران من السوريين الذين ضمدوا جراحهم بأنفسهم وعبروا عن أروع صور التلاحم والتعاضد والتكافل، فقسموا الزاد والكساء، وأظهروا حقيقة معدنهم النفيس، كما أظهروا حقيقة أعدائهم الذين ما انفكوا عن التحشيد والتزوير والتضليل.

حب السوريين لوطنهم ولبعضهم تجلى في الصورة التي تليق بسورية، فأشعل في نفوس الأخوة جذوة الأمة، إلا من خلا من ذرة مروءة، فكانت جسور العرب تيمم وجهها شطر مطاري حلب ودمشق، فالكارثة التي ألمت بسورية لمت الشمل العربي من جديد وعكست التاريخ الحقيقي لأبناء المنطقة.

طوبى للزنود السمر التي أغاثت وأطعمت وأدفأت، طوبى لكل سوري حمل هم أخيه وسارع كالغيث برداً وسلاماً، طوبى لكل عربي كسر قيود الغرباء، طوبى للأصدقاء الذين لم يتوقفوا عن دعم سورية منذ عقود وما بدلوا تبديلاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن