Site icon صحيفة الوطن

خلاف بيّن المصرف المركزي وجهاز الرقابة المالية.. والحسم عند الحلقي المركزي: جهاز الرقابة المالية مقصر في أدائه الجهاز: المركزي لم يعالج ملاحظاتنا.. والمدقق الخارجي يتأثر بالمصلحة

| محمد راكان مصطفى

تحول الاختلاف في وجهات النظر حول مقترح استعانة المصارف بمدقق حسابات خارجي إلى خلاف بين مصرف سورية المركزي والجهاز المركزي للرقابة المالية، قد صل إلى طاولة رئيس الحكومة، مؤخراً، عبر مجموعة مذكرات لكلا الطرفين تستعرض كل واحدة رأيها بالحجج والبراهين. مصدر في رئاسة الحكومة كشف لـ«الوطن» عن توجيه الجهاز المركزي للرقابة المالية مذكرة إلى رئيس الحكومة توضح أن بعض الفقرات في الدراسة القانونية والفنية المقدمة من مصرف سورية المركزي حول الجهة المختصة بممارسة الرقابة المالية على المصارف العامة وعلى المصرف المركزي وفق ما هو معمول به علمياً، والتي تتعلق بعمل المؤسسات. وأشار الجهاز إلى مخالفة كل من المصرف التجاري والمصرف الصناعي لأحكام مراسيم إحداثهما، بعدم تعيين مدقق خارجي، علماً بأن المادة المتعلقة بالمدقق الخارجي في المادة 18 بمرسوم إحداث المصرف الصناعي والمادة 16 بمرسوم إحداث المصرف التجاري تنص بأنه على المصرف التعاقد مع مدقق حسابات مستقل أو أكثر من ضمن قائمة معتمدة من مجلس النقد والتسليف، ويقر من مجلس الإدارة ويوافق عليه وزير المالية وتحدد تعويضاته بقرار منه. وبيّن الكتاب أنه على اعتبار أن المادة ربطت تعيين المدقق الخارجي بموافقة وزير المالية، فقد بيّنت المراسلات الخاصة بهذا الموضوع لدى المصارف العامة في القطر عدم الموافقة من وزير المالية لعدم الحاجة، إضافة إلى ارتفاع التكاليف. علماً بأن مديري المصارف العامة أكدوا في مقترحاتهم اعتبار الجهاز المركزي للرقابة المالية بمثابة مدقق خارجي على أساس أن المصارف العامة ملك للدولة وأن الجهاز المركزي للرقابة المالية هو الجهة المعنية بتدقيق حسابات المصارف، كما أن تقرير المدقق الخارجي بالنسبة للشركات الخاصة يقدم للهيئة العامة التي تعتبر ممثلة للمالكين لهذه الشركة للتصديق على البيانات المالية. المركزي يدافع عن المدقق الخارجي فنياً، بيّنت دراسة حاكم مصرف سورية المركزي المقدمة لرئيس الحكومة أن عملية التدقيق التي يجريها الجهاز المركزي للرقابة المالية لا تعتبر بديلاً من عملية التدقيق المطلوب تنفيذها في المصارف من مدقق الحسابات الخارجي، وأن وظيفة التدقيق الخارجي هدفها تقديم رأي فني محايد، ذي مصداقية وعدالة وشفافية للبيانات المالية وفق معايير المحاسبة الدولية، إضافة إلى متابعة وتقييم أنظمة الضبط الداخلي والأمور التي تؤثر على استمرارية المصرف ورفع تقارير عن ذلك للسلطة الرقابية. الجهاز يرد على المركزي جهاز الرقابة المالية رد على ذلك بأنه لا يمكن الركون إلى حيادية ومصداقية المدقق الخارجي، على اعتبار أن الموضوعية واستقلالية القرار تتأثر بالمصالح المادية التي تربط المدقق الخارجي بالمصرف المتعاقد معه، على حين استند الجهاز بالنسبة لموضوع البيانات المالية التي يقدمها المدقق الخارجي ولا يقدمها الجهاز الى كتاب مدير المصرف التجاري السوري وإلى مفوضية الحكومة لدى المصارف في مصرف سورية المركزي، الذي نقل بموجبه قرار مجلس إدارة المصرف التجاري بعدم اعتماد مدقق حسابات خارجي أو أكثر للمصرف والاكتفاء بتدقيق الجهاز المركزي للرقابة المالية نظراً لشمول مهام الجهاز بالنسبة لمؤسسات القطاع العام مع مهام المدقق الخارجي وإنه بموجب المادة 4 الفقرة ط من المرسوم التشريعي رقم 64 من قانون الجهاز المركزي للرقابة المالية لعام 2003، فإن الجهاز يقوم بمراجعة الميزانيات الختامية لمؤسسات وشركات القطاع العام الاقتصادية للتعرف إلى حقيقة المركز المالي وفقاً لمبادئ المحاسبة السليمة، وإبداء الملاحظات بشأن الأخطاء والمخالفات والقصور في تطبيق القوانين والأنظمة، إضافة إلى مراقبة الكفاية والأداء والتحقق من أن استخدام الموارد المالية تم بأعلى درجة من الكفاية، وأنه تم توضيح ذلك من خلال التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للرقابة المالية لعام 2015 حيث تم اعتماد مجموعة من المعاير لقياس أداء المصارف من أهمها قانون النقد الأساسي رقم 22 لعام 2002 والقانون رقم 2 لعام 2005 الخاص بالشركات والمؤسسات العامة والمرسوم 419 لعام 2010 المتضمن النظام المحاسبي للمصارف الذي ينسجم مع المعايير الدولية، وإعداد الموازنة العامة للمصرف بخصوص النفقات الجارية والاستثمارية، إضافة إلى جميع القرارات الصادرة عن مصرف سورية المركزي ومجلس النقد والتسليف بخصوص إعداد القوائم المالية وغيرها من القرارات والمراسيم والقوانين. كما استعرض رد الجهاز الموجه إلى رئاسة الحكومة مقارنة بين العمل الذي يقوم بها المدقق الخارجي ومع ما يقوم به مدققو الجهاز مع مؤسسات القطاع العام معتبراً أن الجهاز المركزي للرقابة المالية يمارس العمل الذي يقوم به المدقق الخارجي بما ينسجم مع معايير تدقيق الدولة، مع أشارته إلى أن كل الفقرات والمواد من المرسوم 14 لعام 2003 سمحت لمفتش الجهاز بمتابعة نفس المهام التي يقوم بها المدقق الخارجي بما ينسجم مع معاير التدقيق في الدولة كما أنه تم تطبيق ذات المعاير التي يتبعها المحاسب الخارجي في التقرير الصادر عن الجهاز لعام 2015. كما أن المادة الرابعة من المرسوم المذكور حددت اختصاصات الجهاز وكذلك المادة 28 التي حددت المخالفة المالية التي تستوجب التحقيق والمساءلة والمادة 30 من جهة اعداد تقرير خاص بالحسابات والميزانية الختامية للمؤسسة العامة ذات الطابع الاقتصادي. تهم متبادلة اتهم حاكم مصرف سورية المركزي الجهاز المركزي للرقابة المالية -في كتابه لرئيس الحكومة- بالقصور الحاد الذي تم لحظه في أداء المهام المحددة في قانون الجهاز، كما أنه يوجد تأخير كبير في تأشير البيانات المالية للمصارف العامة من قبل الجهاز، ما يعد أمراً خطيراً في ظل الظروف الراهنة، إذ يؤدي إلى ضعف فعالية العملية الرقابية المصرفية، ما يستدعي المتابعة المستمرة والحثيثة للوضع المالي لدى القطاع المصرفي مؤيداً ما ذهب إليه بجداول تبين تأريخ آخر تأشيرة للبيانات المالية للمصارف العامة. جهاز الرقابة المالية رد على اتهامات الحاكم بعدم دقة التواريخ الواردة في الجدول، موضحاً أن الجهاز المركزي لا يؤشر البيانات المالية وإنما يصدق على حسابات المصارف العامة الختامية وقوائمها المالية بعد تدقيقها أصولاً، بحيث تم إصدار قرار قبول وأن السبب وراء التأخير بإصدار قرارات قبول المصارف العامة وخاصة المصرف المركزي يعود إلى أن الجهاز يعد سنوياً تقارير تدقيقية لجميع المصارف العامة تتضمن الملاحظات المشاهدات، ويتابع مع المصرف ردوده على هذه الملاحظات وما تمت معالجته واستدراكه أصولاً، وفي حال وجود ملاحظات غير معالجة تؤثر في المركز المالي وصحة الأرقام الواردة بالقوائم المالية يتعذر على الجهاز إصدار قرار أو كتاب للمصرف لحين المعالجة والتسوية أصولاً. وقد أشار الجهاز في رده إلى وجود مبالغ معلقة لدى المصرف المركزي لحسابات المراسلين في الخارج لغاية تاريخ 30/ 6/ 2014، وبالإضافة إلى وجود معلقات برسم القبض والدفع. وأنه في سبيل إصدار قرارات قبول المصارف يتم العمل بمستوى عالٍ وتنسيق وتعاون مع إدارة المصارف بشكل جدي من قبل الجهاز، على حين أن مصرف سورية المركزي لم يقم بمعالجة الملاحظات المسجلة على الدورات المالية منذ عام 1974 حتى تاريخه وهذا السبب وراء تأخير إصدار قرارات القبول رغم المتابعة من قبل الجهاز وتشكيل العديد من اللجان لمعالجة المؤونات والمعلقات في حساب المصرف، والتي تمت معالجة جزء منها بانتظار معالجة جميع المبالغ. وأنه إذا ما تم إطفاء تلك الحسابات، فسوف تترتب خسائر كبيرة وتخفي أخطاء كان قد وقع بها العاملون بالمصرف في معاجلة الكثير منها بسبب عدم الاستقلال المالي والمحاسبي لفروع المصرف بالمحافظات، وكذلك إهمال الإدارات المتعاقبة للمصرف لمعالجة هذه الأخطاء والتي قد تكون مقصودة، مع المطالبة بإجراء المطلوب من المصرف وتفعيل دور اللجان المشكلة لمعالجة هذه المبالغ الموقوفة والمعلقة أصولاً. في الختام، نستغرب كل هذا الأخذ والرد بين المركزي وجهاز الرقابة المالية، دون أن نخفي تساؤلنا عن احتمال وجود مستفيد من التشبث بفكرة المدقق الخارجي والتهميش النسبي لدور جهاز الرقابة المالية.

Exit mobile version