سورية

عقدا جلسة مباحثات موسعة تناولت طيفاً واسعاً من الملفات السياسية والاقتصادية والتعاون المشترك بمختلف أشكاله وتبعها محادثات مغلقة … الرئيس الأسد: سورية لطالما كانت مع الحوار إذا كان سيُفضي إلى تحقيق مصالح الشعب ووحدة وسلامة الأراضي السورية

| الوطن - وكالات

حفلت جلسة المباحثات الموسعة بين الرئيس بشار الأسد والرئيس فلاديمير بوتين أمس بمناقشة طيف واسع من الملفات السياسية والاقتصادية، والبحث في العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بمختلف أشكاله، والتطورات المستجدة على الساحتين الإقليمية والدولية، وأكد الرئيس بوتين خلال لقائه الرئيس الأسد أنه بفضل الجهود المشتركة والمساهمة الحاسمة للقوات الروسية في سورية تم تحقيق نتائج مهمة وملموسة فيما يخص مكافحة الإرهاب الدولي، مشدداً على أن روسيا كصديق مخلص تقوم بكل ما في وسعها لتخفيف معاناة الشعب السوري، على حين أكد الرئيس الأسد على أن سورية لطالما كانت مع الحوار إذا كان سيُفضي إلى تحقيق مصالح الشعب السوري ووحدة وسلامة الأراضي السورية، موضحاً أن هناك ضرورة لإعادة التوازن إلى العالم اليوم وإلا سيتجه إلى الانفجار والدمار، والزيارة اليوم ستمهد لمرحلة جديدة في العلاقات السورية الروسية.

ففي مستهل جلسة المباحثات الموسعة أمس، قال الرئيس الروسي: «فخامة الرئيس المحترم سعيد جداً برؤيتكم هنا في موسكو، وأشكركم على تلبية هذه الدعوة، نحن على اتصال دائم ونشهد تطوراً في العلاقات بين بلدينا».

وأضاف: «بفضل جهودنا المشتركة والمساهمة الحاسمة للقوات الروسية في سورية، تم تحقيق نتائج مهمة وملموسة فيما يخص مكافحة الإرهاب الدولي، وهذا يتيح فرصة لتحقيق استقرار أكثر في الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الداخلي».

وتابع: «للأسف الشديد، فإن الشعب السوري يواجه مشكلة إضافية تتمثل بكارثة الزلزال التي وقعت مؤخراً والتي تسببت بتفاقم معاناته وتزيد الوضع سوءاً، وكما تعرفون نحن كأصدقاء مخلصين نقوم بكل ما في وسعنا لتخفيف معاناة الشعب السوري، وقد قامت وزارة الطوارئ الروسية والقوات المسلحة الروسية بتقديم المساعدات وكذلك الروس المتواجدون في سورية».

وأوضح الرئيس بوتين «أنه وعلى الرغم من هذه المصاعب نشهد تطوراً في العلاقات الاقتصادية بين روسيا وسورية، وفي نتائج العام الماضي يمكننا أن نسجل زيادة في حجم التبادل التجاري بينهما».

من جانبه قال الرئيس الأسد: «أنا سعيد جداً أن أكون اليوم في موسكو ونلتقي كي نناقش الكثير من الملفات المهمة المطروحة أمام الدولتين، صحيح أن اللقاءات بين مسؤولينا لا تنقطع على مختلف المستويات ولكن التغيرات الدولية خلال العام الماضي تتطلب منا أن نلتقي وأن نضع تصورات مشتركة لهذه المرحلة».

وأضاف الرئيس الأسد: «بداية أتوجه بالشكر لكم وللحكومة الروسية ممثلة بوزارة الطوارئ على المساعدات الكبيرة التي قدمتها لمواجهة تداعيات الزلزال الذي أصاب سورية الشهر الماضي، وطبعاً لوزارة الدفاع والجيش الروسي الذي ساهم مباشرة بإنقاذ المصابين جراء الزلزال والذي كان له تأثير كبير في التخفيف عن المصابين وفي التخفيف من آثار الزلزال على المواطنين السوريين».

وأشار الرئيس الأسد إلى أن «الشعب السوري ممتن لروسيا حكومة وشعباً على مواقفها الثابتة تجاه الحرب على سورية، هذه المواقف المنطلقة من وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية وسيادة دولتها ونبذ الإرهاب ورفض وجود قوات أجنبية على أراضيها، لافتاً إلى أنه وعلى الرغم من أن روسيا اليوم في حالة حرب لكن مواقفها لم تتغير نهائياً».

ولفت الرئيس الأسد إلى أن زيارته إلى موسكو اليوم هي الأولى بعد الحرب في أوكرانيا، مجدداً موقف سورية الثابت في دعم روسيا في حربها ضد النازية القديمة الجديدة. وأضاف: «أقول النازية القديمة الجديدة لأن هذه النازية دعمها الغرب قبل الحرب العالمية الثانية واحتضن قادتها بعد الحرب والآن هو يستمر في دعمها كما كان سابقاً».

وأكد الرئيس الأسد أن هناك ضرورة لإعادة التوازن إلى العالم اليوم وإلا سيتجه إلى الانفجار والدمار.

وأعرب الرئيس الأسد عن الارتياح لنتائج اجتماع اللجنة السورية- الروسية المشتركة، الذي حصل خلال الأيام الماضية والذي كان من أفضل الاجتماعات التي تمت خلال السنوات الماضية. وأضاف: أعتقد أن هذه النتائج التي توصلوا إليها هذه المرة ستمهد لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي فيها أفكار عملية وليس مجرد بيانات.

وأكد الرئيس الأسد، أن هذه الزيارة اليوم ستمهد لمرحلة جديدة في العلاقات السورية- الروسية على كل المستويات.

وفي وقت لاحق، قالت وكالة «سانا» إن الرئيس الأسد بحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة محادثات موسعة طيفاً واسعاً من الملفات السياسية والاقتصادية، وناقش الزعيمان العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بمختلف أشكاله، والتطورات المستجدة على الساحتين الإقليمية والدولية.

ففي الشأن الثنائي، تناولت المحادثات العلاقات الإستراتيجية بين البلدين والمبنية على المبادئ والمصالح والقيم المشتركة التي تجمعهما، والعمل لتعزيز هذه العلاقات بما يصب في مصلحة الشعبين في مرحلة تشهد تحولات غير مسبوقة على مستوى العالم.

ونال الشأن الاقتصادي مساحة واسعة من مباحثات الرئيسين الأسد وبوتين، حيث جرى النقاش في توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، والبحث المعمّق في الملفات الأساسية التي جرت مناقشتها في اجتماع متابعة أعمال اللجنة الحكومية السورية- الروسية المشتركة، الذي انعقد على هامش الزيارة برئاسة رئيسي اللجنة من الجانبين السوري والروسي.

وفي الشأن السياسي، تم بحث التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم، وأهمية الاستمرار في بناء تحالفات وشراكات بين الدول التي تجمعها مبادئ ومصالح مشتركة، حيث تشكّل قوة فاعلة تتحرك لمصلحة شعوبها، وتعمل لتحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي في مواجهة السياسات الغربية القائمة على نشر الفوضى والتخريب، وإشعال الحروب بهدف الاستمرار في الهيمنة وخدمة لمصالحها الضيقة.

وناقَش الرئيسان العملية الروسية العسكرية في أوكرانيا، وجدد الرئيس الأسد موقف سورية المؤيد لحق روسيا في الدفاع عن أمنها القومي، في حين اعتبر الرئيس بوتين أن العملية العسكرية الروسية هي معركة وجود، وأن الغرب حاول زعزعة استقرار روسيا السياسي والاقتصادي، إلا أن روسيا استطاعت التأقلم مع ما سبق، بل وحققت نمواً اقتصادياً رغم الحرب.

وتناولت المباحثات الرئاسية أيضاً، المبادرات الإقليمية التي تدعمها موسكو، حيث أكد الرئيس الأسد أن سورية لطالما كانت مع الحوار، إذا كان سيُفضي إلى تحقيق مصالح الشعب السوري ووحدة وسلامة الأراضي السورية، ويصل إلى نتائج واضحة ومحددة، وعلى رأسها الاستمرار بمكافحة الإرهاب وخروج القوات الأجنبية غير الشرعية الموجودة على أراضيها.

كما تم التوافق على أهمية تعزيز التعاون القائم بين البلدين في الأمم المتحدة وكل المحافل الدولية الأخرى، مع التأكيد على أن سورية تُثمن وقوف روسيا في مواجهة محاولات الضغط على دمشق، عبر ما يسميه الغرب ملف الأسلحة الكيميائية في سورية.

إقليمياً، أكد الرئيسان ترحيبهما بإعلان السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كخطوة تنعكس إيجاباً على المنطقة والعالم.

وفي نهاية جلسة المحادثات الموسعة تابع الرئيسان الأسد وبوتين محادثاتهما المغلقة، والتي اختتمت بمأدبة غداء أقامها الرئيس بوتين على شرف الرئيس الأسد.

جلسة المحادثات الموسعة ضمّت من الجانب السوري الوفد المرافق للرئيس الأسد، ومن الجانب الروسي وزير الخارجية، سيرغي لافروف ومساعد الرئيس الروسي لقضايا السياسة الخارجية يوري أوشاكوف، والسكرتير الصحفي في إدارة الرئيس الروسي ديمتري بيسكوف، ووزير الدفاع سيرغي شويغو، ووزير المالية أنطوان سيلوانوف، ورئيس الجانب الروسي من اللجنة المشتركة إيريك فايزولين، ومبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، وسفير روسيا الاتحادية لدى الجمهورية العربية السورية ألكسندر يفيموف.

وقبيل المباحثات أكدت الرئاسة الروسية، أن سيادة سورية وسلامة أراضيها يمثلان أولوية مطلقة بالنسبة لروسيا.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف للصحفيين وفقاً لوكالة «سبوتنيك» أنه خلال لقاء الرئيسين بوتين والأسد ستكون العلاقات الروسية- السورية في مقدمة مواضيع المناقشة، إضافة إلى التعاون في سياق إعادة إعمار سورية، مع التأكيد على الأولوية المطلقة لسيادة سورية وسلامتها الإقليمية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن