Site icon صحيفة الوطن

الفنان السريالي صاحب التجربة التشكيلية المتميزة … مركز الفنون البصرية يحتفي بأعمال الفنان الراحل مطيع علي

تخليداً لإبداعه وتقديراً لموهبته الفريدة والمميزة افتتح المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق مساء الأحد معرضاً فنياً لأعمال الفنان مطيع علي الذي رحل عن عالمنا في تشرين الأول من العام 2022.

وفي مشهد بانورامي قدم المعرض أعمالاً من مختلف مراحل حياته وقد تميزت بمجملها بالبصمة الأنثوية التي كانت حاضرة بقوة، حيث تفرد الراحل برمزية خاصة ومبهمة عمد من خلالها إلى دمج تفاصيل الجسد الأنثوي بطبيعة قريته «القنجرة» التي أمضى فيها جل أيام حياته فاستحوذت أحجارها وينابيعها وأشجارها على مخيلته التي أطلق لها العنان ليصنع لنفسه بصمة قل نظيرها في الفن التشكيلي السوري المعاصر.

أسطورة خاصة

وبين الدكتور غياث الأخرس أن الفنان مطيع علي لم يجتز امتحان اللغة الأجنبية الذي يؤهله للدراسة في كلية الفنون الجميلة فقرر العودة إلى قريته وهناك أنجز هذه الأعمال المميزة، مؤكداً أن الغرابة في أعماله تكمن بأنه عندما تدمج لوحتين في إطار واحد تشعر كأنهما لوحة واحدة في الأساس وهذا دليل على قدراته الكبيرة في استخدام المساحة.

وأشار إلى أن المعرض يدمج بين الطابع السريالي والأسطورة الخاصة في ذهن الفنان المطروحة في جميع أعماله بغزارة وبغنى كبيرين، منوهاً إلى أنه تم اختيار اللوحات من حيث انسجامها بعضها مع بعضٍ، كما أنه سيقام معرض آخر لأعمال الراحل في النحت.

وقال: «منذ مشاهدتي لأعماله ولوحاته اتخذت القرار مباشرة بإقامة المعرض بسبب التكنيك المميز الذي اتبعه والرمزية الموجودة في أعماله التي لم أشاهدها عند أي فنان آخر ففيها نوع من الحس المرعب».

صاحب التجربة

كما قال الدكتور محمود شاهين: «تقدم الراحل مطيع علي إلى كلية الفنون الجميلة للمرة الأولى بالسبعينيات الماضية وأعاد التجربة للمرة الثانية في الثمانينيات وفي المرتين كان ينال المرتبة الأولى بالرسم والنحت على جميع المتقدمين وهذا يدل على قدرته وموهبته الكبيرة».

وأضاف: «ما يميز أعمال هذا الفنان هو حبه للمرأة بشكل كبير فمزجها بأعماله بطبيعة قريته وأشجارها وأحجارها، إضافة إلى تفرده بالتقانات التي يستخدمها حيث قدم لوحات كاملة بقلم الحبر الناشف أو السائل أو الرصاص وهذا يدل على مرونته وطول باله».

وتابع: «كان للراحل مطيع علي تجربة في النحت أيضاً استخدم فيها مواد لم يسبق أن استخدمها أي فنان آخر حيث استخلصها من طبيعة قريته، فكان يجلب بزرة اليقطين ويضعها في قالب لتنمو الثمرة بشكل غريب ومميز وكان يراقبها على مدى ستة أشهر ليصل إلى النتيجة التي يريدها».

وأكد أن مطيع علي كان فناناً متميزاً بكل ما تعنيه الكلمة، عمل على اتجاه الواقعية السريالية لكن للأسف رحل عن هذا الدنيا دون أن يعرفه أحد تاركاً وراءه مئات الأعمال، فكان صاحب التجربة التشكيلية المتميزة في التشكيل السوري المعاصر.

وأوضح أن هذا المعرض محاولة لتكريمه وإن كانت متأخرة فقد جاءت بعد أربعين سنة من آخر معرض أقامه بشكل شخصي في الثمانينيات بالمركز الثقافي الروسي وقدم فيه حينها بعضاً من تجاربه في النحت. منوهاً إلى أنه سيتبع هذه المحاولة معارض أخرى ليعوضوا قليلاً الغبن الذي لحق بهذا الفنان الموهوب خلال أيام حياته.

الفنان مطيع علي

ولد الفنان مطيع علي عام 1951 في قرية «القنجرة» بريف اللاذقية، قاده شغفه التشكيلي إلى قسم الحفر بكلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق مرتين، أولها في منتصف السبعينيات والأخرى في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ليكون الأول على المقبولين في المرتين وأنهى رحلته دون أن يتمكن من المتابعة لعدم تجاوزه مقرر اللغة الفرنسية.

وأثمرت تجربة التشكيلي على ما يزيد على 380 عملاً فنياً تشكيلياً ومجموعة كبيرة من الأعمال النحتية وخلق توليفة فطرية امتزجت فيها الطبيعة المحيطة به من أشجار وصخور وينابيع وحيوانات بالجسد الأنثوي أظهرها في معرضه الفردي الأول في المركز الثقافي العربي في السبعينيات إلا أنه فاجأ الجمهور بمعرضه الأخير في المركز الثقافي الروسي عام 1983 باستخدامات جديدة ومبتكرة لنبات اليقطين الذي جعل منه خامة تعبيرية جديدة.

Exit mobile version