Site icon صحيفة الوطن

مع ختام الموسم الرمضاني 2023 … الحلقات الأخيرة من الأعمال قدمت بصورة منطقية وواقعية

موسم درامي مزدحم عاشته الدراما السورية خلال المنافسة الرمضانية لعام 2023، فطرحت أعمالاً وموضوعات جديدة قدمتها برؤى وأفكار مختلفة بعضها أصاب وحافظ على جماهيريته حتى اللحظات الأخيرة، وبعضها أخفق في ذلك.

حيث عرضت قبل أيام قليلة الحلقات الأخيرة من الأعمال التي حجزت لنفسها مكانة خاصة على المائدة الرمضانية وترقب المشاهدون أحداثها بفارغ الصبر لمعرفة مصير شخصيات عاشت معهم على مدار 30 يوماً، وبالرغم من تباين نهايات الأعمال ما بين الحزينة والسعيدة إلا أنها جاءت بمجملها بشكل واقعي ومنطقي محققة تطلعات الجماهير وآمالهم.

الزند- ذئب العاصي

على الرغم من التخبط الذي شهده مسلسل «الزند- ذئب العاصي» في منتصفه إلا أنه عاد لينهض من جديد في حلقاته الأخيرة، مقدماً نهاية واقعية بعيدة عن المثالية المصطنعة والمبالغ فيها.

إذ لم تصور الحلقة الأخيرة من العمل أبطاله على أنهم خيرون بالمطلق وعرت النفس البشرية مظهرة كل واحد على حقيقته وفطرته، فشاهدنا أصدقاء عاصي الذين ساندوه ووقفوا في صفه قد غدروا به وخانوه لمجرد أن أصبح له صيت واسع وسلطة، كما لم نشهد في «عاصي» صورة البطل النموذج والمثالي الذي يسامح ويغفر فلم يتوان للحظة عن قتلهم والتخلص منهم. وما آل إليه مصير «عاصي» بأن يكون آغا جديداً بأمر من الوالي العثماني أظهر الحب الخفي بداخل كل شخص للسلطة والجاه مهما حاول أن يكون في صف الفقراء والمستضعفين الذين عرض حياته للخطر من أجل إعطائهم حقوقهم وأراضيهم وما إن سنحت له الفرصة حتى بات قائداً عليهم.

وانتهى العمل بالقضاء على خطوط الشر الرئيسة وعلى رأسهم «نورس باشا» الإقطاعي المتجبر الذي لطالما كان نداً قوياً لـ«عاصي الزند» يحيك له المكائد ويسعى جاهداً للتخلص منه.

وقد لاقت هذه الصورة الواقعية التي قدمتها الحلقة الأخيرة أصداءً إيجابية واسعة وحققت رضا الجماهير وإعجابها بها لكونها احترمت عقلية المشاهد، لكن بقي هناك سؤال واحد عالق في أذهانهم وهو مصير «كرم أفندي» إن كان فعلاً لا يزال على قيد الحياة، فلم تعرض الحلقة أي شيء عنه ولا نعلم إن كان في هذا ثغرة في النص أم أنه ترك لخيال المشاهد وفكره.

زقاق الجن

كما نجح مسلسل «زقاق الجن» تأليف محمد العاص، إخراج تامر إسحاق، في تقديم النهاية التي تليق بشخصياته.

فانتهى العمل بانكسار قوة وجبروت «أبو نذير» على يد خادمته ثريا التي تتزوجه لتسترد حق عائلتها لأنه كان سبباً في دمارها وتشردها، فيخسر كل ما يملكه من ثروة وجاه ويتخلى عنه أفراد عائلته الذين عكر حياتهم بظلمه وقسوته. كما تم الكشف عن القصة المأساوية لقاتل الأطفال «لطيف» الذي كرس حياته للانتقام ممن قتلوا والده عندما كان طفلاً صغيراً فلاقى حتفه على يد «شيماء» التي جسدتها الفنانة أمل عرفة وأظهرت إبداعاً واضحاً في مشهدها الأخير وهي تنقذ «مازن» من قبضة المجرم وترى فيه وجه ابن أخيها الذي مات سابقاً على يده.

على الرغم من قسوة الحلقة الأخيرة إلا أنها كانت من النهايات الجيدة والواضحة التي حلت ألغاز جميع الشخصيات وأوردت إجابات عن جميع الأسئلة العالقة بحبكة قوية ومترابطة لم تخلف وراءها أي ثغرة أو حلقة ناقصة.

وتمكن مسلسل «زقاق الجن» من كسر نمطية أعمال البيئة الشامية فقدم رواية بوليسية تدور في إحدى الحارات الدمشقية، فنجح في جذب أنظار المشاهدين حتى آخر حلقاته التي ناسبت توقعاتهم.

مربى العز

اختتم مسلسل «مربى العز» تأليف علي معين صالح، إخراج رشا شربتجي حلقاته الأخيرة بجرعة عالية من المشاعر الدافئة التي رسمت الابتسامة على وجه كل من شاهدها.

فقدم العمل نهاية سعيدة تكللت بعودة الشبان الثلاثة إلى عائلاتهم وانهزام خط الشر الرئيسي «جواهر» وأخويها الذين كانوا سبباً في تشردهم طوال السنوات الماضية.

وأبدعت الفنانة سوزان نجم الدين في آخر مشاهدها بتصوير حالة انكسار «جواهر» التي تفقد عقلها نتيجة لما حل بها، وأدت هذا المشهد بكل إتقان مظهرة قدراتها التمثيلة العالية فكانت مسك الختام.

ويعتبر مسلسل «مربى العز» واحداً من أهم أعمال الموسم التي تندرج في إطار البيئة الشامية والتي قدمت حكاية اجتماعية تدور في ثلاث حارات دمشقية، تروي قصصاً عن مكارم الأخلاق وتتضمن صراعاً دائماً بين الخير والشر دخلت بها قلوب المشاهدين الذين تفاعلوا معه منذ عرض حلقاته الأولى، فلم يخيب هذا العمل توقعاتهم وجاءهم بالنهاية الجميلة والسعيدة التي كانوا يتمنونها.

العربجي

لم يغلق مسلسل العربجي تأليف عثمان جحى- مؤيد النابلسي، إخراج سيف سبيعي، كتاب أحداثه في حلقته الأخيرة التي تضمنت خطوطاً جديدة ستشعل فتيل حكاية قادمة في جزء جديد.

حيث تطورت العلاقات بين الشخصيات بشكل كبير في نهاية العمل فاجتمعت قوى الشر «أبو حمزة ودرية خانم» في صف واحد، وبات «حمزة» عدواً لوالده بعد أن كان عوناً له في كل خطواته، وعلاقة حب تلوح بالأفق بين «الداية بدور» و«عبدو العربجي» بعد كل الصدامات والخلافات التي وقعت بينهما.

هذه التحولات المميزة وغير المتوقعة أثارت حماسة وإعجاب المشاهدين الذين انتظروا طويلاً بدء رحلة انتقام عبدو العربجي من كل الذين ظلموه وكانوا سبباً في تشرد عائلته ومقتل زوجته وابنته، والتي بدا من الواضح أنها ستنطلق بشكل أكثر قسوة وعنفاً في جزئه الثاني الذي لم يتحدث عنه بعض صناع العمل.

وقدم العمل حكاية شائقة لا تعود إلى زمان ومكان محددين لكنها أشبه ما تكون بأعمال البيئة الشامية؟ ولكن بقالب جديد كسر نمطيتها المعهودة من حيث الأزياء والإكسسوار وملابس المرأة التي لم تركز على تغطية الوجه، كما أعطيت مساحة أكبر من حيث السلطة والنفوذ كما هو الحال في شخصية «درية خانم» التي جسدتها بكل قوة وإبداع الفنانة نادين خوري. وتكامل العناصر الفنية للعمل من الرؤية الإخراجية والديكور والموسيقا التصويرية جعل منه ملحمة درامية مميزة كان لها حضور مؤثر بين الجماهير المحلية والعربية.

Exit mobile version