Site icon صحيفة الوطن

دعماً لحسن سير العدالة

سبق أن كتبت عدة مقالات عن القضاء سعياً لتقديم الرؤى والأفكار التي تساعد في حسن سير العدالة؛ فالقضاء هو الطريق إلى تحقيق العدل والإنصاف ومنع الظلم والاستغلال.

من المعلوم أن القضاة والمحامين هم جناحا العدالة، وأعتقد أن الخبراء الذين تستعين بهم المحاكم هم أيضاً جناح مهم في ميزان العدالة كما هم المحامون، ورغم أن القضاة هم الجناح الأهم في ميزان العدالة إلا أن أي خلل في عمل المحامين والخبراء يؤدي حتماً إلى الإخلال بميزان العدالة وحسن سيرها.

ومن المعلوم أيضاً أن القضاة والمحامين لهم حصانة تحميهم من الأذى ورفع دعاوى كيدية بحقهم من أحد أطراف الدعوى، وللأسف فإن الخبراء لا يتمتعون بأي حصانة تحميهم من الأذى لمجرد أن الخبير قدم خبرته بما لا يرضي أحد أطراف الدعوى، وهذا أمر لابد أن يحصل لكون الدعوى تقام بين صاحب حق مدعٍ ومغتصب حق مدعى عليه أو العكس.

ولوحظ في السنوات الماضية ازدياد الدعاوى الجزائية المرفوعة على بعض الخبراء وفقاً للمادة 402 من قانون العقوبات التي تتعلق بالتقرير الكاذب، ورغم أن نص هذه المادة واضح لا لبس فيه بأنه يطبق على التقرير الكاذب في حال الجزم بأنه منافٍ للحقيقة فإن التطبيق القضائي لهذه المادة يدل دلالة أكيدة على أن الخبير ليس له أي حصانة رغم كونه جزءاً من الجسم القضائي عند قيامه بتنفيذ مهمة الخبرة؛ حيث تقوم النيابة العامة بطلب تحريك الدعوى بناء على طلب أحد أطراف الدعوى من دون تقديم أدلة واضحة ومقنعة يتوجب على النيابة العامة تحريها حفاظاً على سمعة وكرامة الخبير وحرصاً على وقت المحاكم.

إن وجود نقص أو عيب في تقرير الخبرة لا يعطي الحق لأحد أطراف الدعوى باتهام الخبير بالتزوير والتلاعب والغش، حيث حدد القانون الإجراءات المناسبة لاستدراك ذلك؛ فالدعوى التي تفصل بناء على تقرير الخبرة تبقى خاضعة للاستئناف والطعن والمخاصمة وإعادة الخبرة أو هدرها وفقاً لما تراه المحكمة المختصة. كما أن قانون الخبراء أخضع الخبراء للمساءلة المسلكية عن طريق إدارة التفتيش القضائي تصل إلى شطب الخبير نهائياً من جدول الخبراء، وأخضعهم إلى المساءلة مدنياً وفقاً لما نصت عليه المادة 157 من قانون البينات.

إن الخبرة هي في الأساس تحقيق فني خاضع للاستيضاح من أطراف الدعوى، وهي غير ملزمة للمحكمة، والقرار النهائي في اعتماد الخبرة أو إعادتها يبقى للمحكمة التي تنظر في القضية.

لذلك يجب وضع الضوابط اللازمة لتطبيق المادة 402 من قانون العقوبات تطبيقاً سليماً يتوافق مع غاية المشرع ويحقق الحصانة المطلوبة لعمل الخبراء، ومنع إعاقة سير الدعاوي وعلى الأخص التجارية التي تبقى المحكمة التي تنظر بها هي الأقدر على تحديد إذا ما كان التقرير كاذباً أم لا.

ودعماً لحسن سير العدالة، فمن الضروري العمل على وضع «مدونة» مشتركة يتم إعدادها من مجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين تتضمن المبادئ والمعايير التي يجب على القاضي والمحامي الالتزام بها، وعدم استغلال بعض النصوص القانونية للمماطلة والمراوغة في الدعاوى انطلاقاً من أن حق المحامي بالدفاع عن أصحاب الحقوق وليس الدفاع عن الذين يغتصبون حقوق الآخرين.

Exit mobile version