Site icon صحيفة الوطن

مرض نقص الضحك

أين ظرفاء سورية؟ وهل بقي كتاب ساخرون في سورية؟ الجواب قلة نادرة باقية. فالعدد متواضع جداً وتواضع العدد قد لا يعني تواضع المستوى.

فالواضح أن موهبة السخرية في بلادنا ليست بخير.. فالسخرية تحتاج إلى إبداع خاص.. وفارق كبير بين راوي النكتة وصانع السخرية.. إذ إن راوي النكتة على ظرافته ليس إلا ناقلاً للنكتة وهي موهبة خاصة لا يتقنها الكثيرون، لكن من يمكن أن نسميه من الظرفاء هو الذي يصنع النكتة ويكون جزءاً من الموقف الطريف.

ويذكر السوريون عدداً لا بأس به من الظرفاء الذين تداول الناس أحاديثهم ونكاتهم وكان وجودهم ينشر الابتسامة، وفي كثير من الأحيان تكون هذه النكات والطرائف من نوع سخرية الموقف ويعبر أصحابها عن رأي سياسي أو اجتماعي.

وإن أردنا أن نحدد هذه الفترة التي كثر فيها ظرفاء سورية فهي التي تمتد من أواخر العهد العثماني إلى أواسط الثمانينيات، وهناك عدد ما زال يذكر بجمال ظرافته، لكن العصر الذهبي للسخرية والساخرين كان في الخمسينيات.

وقد حفل الإعلام السوري بعدد من الصحف والمجلات الساخرة تلك الفترة تناولت كل قضاياها بسخرية لاذعة وموجعة ومعبرة. ثم اضمحلت حتى أصبحت مجرد زوايا في بعض الصحف ومن ثم بقي اسم الزوايا وماتت سخريتها.

الآن.. إذا أردنا أن نتحدث عن ظرفاء سورية فإن الأسماء قليلة جداً رغم أن كل ما حولنا يدعو للسخرية إلا أن ذلك لم يساعد في إظهار شخصيات ساخرة وقادرة على أن تكون مبدعة في الظرافة والنكت الساخرة أو حتى المضحكة، وسيكون مهماً أن نحاول أن نقرأ الأسباب التي أدت إلى ما أطلق عليه مرض «فقر الضحك».

فما الذي جعل السوريين أقل ضحكاً وأقل سخرية ولماذا لا يوجد برامج إعلامية ساخرة ولا حتى مواقع إلكترونية مختصة بإثارة الابتسامات؟

كلنا يدرك أن السخرية تحتاج إلى مناخ من سعة صدر السلطات والمجتمع، ولا يكفي أن نتحدث عن الحرية السياسية فقط بل أيضاً على تقبل المجتمع وإمكانية توافر الحرية الاجتماعية.. الظرافة لا تعيش مع القيود ولا تنبت مع الخوف.

البعض يقول إن الحالة الاقتصادية والضغوط المعيشية هي جزء من جفاف الضحك.. ولا أجد هذا السبب وجيهاً فأغلب الساخرين من الفقراء وأصحاب المعاناة أساساً ومع ذلك ربما يكون للوضع المعيشي دور بعدم تذوق الطرافة.

السبب الآخر له علاقة بطبيعة الشعب السوري فهو ميال للجدية. وفي كثير من الثقافة المجتمعية ما لا يحرض على الضحك ففيه أن من كثر هزله قلت هيبته، والنظرة تكون سلبية لمن يكثر الهزل وهذا ما يضع كوابح كثيرة على إطلاق موهبة السخرية.

كل فكرة تحتاج إلى كثير من النقاش وتقبل الاختلاف لكن الذي نتفق عليه جميعاً أننا مصابون بمرض اسمه نقص الضحك.

أقوال:

• حينما ينهمر عليك عالم من الخيبات، تنتقل إما إلى الفلسفة وإما إلى السخرية.

• مقياس الرجل العظيم قدرته على السخرية من المتاعب.

• السخرية هي سلاح الأعزل المغلوب على أمره.

• أنا ساخر إذاً أنا موجوع.

Exit mobile version