Site icon صحيفة الوطن

من يستثمر هذا الشغف؟

تناقلت وسائل الإعلام المحلية والعربية الصور القادمة إلينا من مدينة دير الزور في شرق البلاد التي مازال قلبها ينبض بالحياة، وهي تستقبل فريق الفتوة الفائز بلقب الدوري الكروي، تلك الصور التي لا تحدث سوى في البلدان الأوروبية عندما تحتفي بفرقها ومنتخباتها بصورة حضارية وبشغف لا يدانيه أي شغف آخر.

دير الزور التي خرجت عن بكرة أبيها لتعانق الفرح متناسية جراحها المزمنة، متعالية عن كل الوجع الذي يلفها، لأنها تدرك أن الحياة مستمرة مادام الشغف موجوداً.

ليست هذه الصور هي الأولى لمدينة تعشق كرة القدم حتى الثمالة، بل تكررت الصور قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن وبشكل أوسع ولكن لم تكن حينها وسائل التواصل موجودة ولا الكاميرات الرقمية ولا كل هذه التقانة.

ماذا بوسعها أن تفعل كرة القدم أكثر مما تفعله اليوم؟

تنشر الفرح وتجمع القلوب وتزرع المحبة وتنثر أطيب الرياحين لتبلسم القلوب التي أشقتها الحياة بعد مرور اثني عشر عاماً على الحرب المجنونة التي أتت على الأخضر واليابس ولكنها لم تقض على هذا الشغف المزروع في بواطن القلوب وآن له أن ينبت من جديد ويلون الحياة بما يليق بهذه القامات التي انتصبت شامخة لتلامس الحياة وتقول لهواة الحقد والبغضاء والدماء إننا هاهنا عائدون من بوابة الرياضة، التي فيها مئات الأبواب يدخل منها كل صباح شعاع الأمل الذي لم يغب.

هل أدركتم أيها السادة ماهية الرياضة وأهمية كرة القدم في حياة الشعوب؟

هل عرفتم أي رسائل تحملها للعالم كله؟

هل تلمستم ما القيمة المجتمعية التي تقدمها كرة القدم وما تأثير ذلك في الحياة؟

أشك أنكم قد تمعنتم بتلك الصور التي قرأها العالم كله، وأنتم لم تقرؤوها كما يجب!

لو أنكم دققتم في التفاصيل واستخرجتم منها العبر والدروس، لكنتم قد فعلتم المستحيل لتكون كرة القدم بوابة الحياة لهذه البلاد التي تريد أن تنهض من جديد..

لو أنكم تعرفون ما فعلت كرة القدم في شعوب العالم وما قدمته لنا خلال السنوات العشر الفائتة، لشعرتم بالخجل وتواريتم وراء الحجب، لأنكم لم تقدموا لهذه الجماهير العاشقة ما يعينهم على تجاوز هذه الأزمات…!

استثمروا هذا الشغف بكرة القدم وكونوا على قدر المسؤولية إن كنتم للحياة راغبين.

Exit mobile version