Site icon صحيفة الوطن

سؤال عن غرائب الكهرباء

رسالة من صديق عن قصة الكهرباء الآن في سورية وازدياد ساعات التقنين حتى إذا حذفنا ساعات نومنا فإننا عملياً نعيش بلا كهرباء. وبقدر ما زادتني ألماً أسعدتني إذ أضاءت على وجود حيز للكلام عن هذا الموضوع المهم، بمعنى أنه على الرغم من تفاقم الأزمة لسنوات عديدة واستفحالها، وعدم الوفاء بكثير من الوعود بشأنها، فإن اليأس المطلق لم يحالفها بعد، ولا تزال هماً كبيراً يأمل الكثيرون أن يجدوا لها حلاً أو جزءاً من الحل.

وهذا أمر جيد، فالروح الإيجابية –الشعبية- هي إحدى أهم السبل إلى الأفضل.

حفّزتني رسالة صديقي أن أراجع ما دونته في دفتري عن كهربائنا، لعليّ أعثر على موطئ قدم أقف عليه لأنظر إلى مستقبلنا القريب مع هذه المعضلة الكبيرة، علماً أن مثل هذا الحافز متوافر عبر وقائع كثيرة، ولعل ما هو أهم منه، أنه محضون دائماً بحماسة الإلحاح على واقع كهربائي أفضل وإعطاء الأولوية للكهرباء بصفتها المحرك الجبار للإنتاج في كل مجالات الحياة.

نعرف جميعاً أن النهضة الكبرى التي عرفها الاتحاد السوفييتي السابق، قامت على الكهرباء التي نقلته من بلد فقير جداً يقتات على زراعة بدائية في العام 1917، إلى بلد صناعي متقدم سبق الجميع إلى الفضاء الخارجي في العام 1960، وتحول إلى الزراعة الآلية والتصنيع الجبار لكل الآلات والآليات.

ولد هذا التحول الذي صنع دولة عظمى من صرخة مؤسسه: الكهرباء حضارة.

ويوماً إثر يوم يزداد دور الكهرباء في حياتنا، حتى باتت كتبنا وأقلامنا وكل تفاصيل حياتنا الإنتاجية والخدمية تعتمد على الكهرباء.

من دونها ندخل في سبات….!!

فالكهرباء بهذا المعنى ليست سلعة بل هواء لا يباع ولا يشترى، هواء يجب توفيره كي نبقى جميعاً أحياء وكي يتقدم الوطن ويتطور.

ولهذا صدمت عندما قال وزير الكهرباء مؤخراً: إننا ندعم الكهرباء السورية بـ6000 مليار ليرة وإنه سيتم مستقبلاً تسعير أي استهلاك يزيد على1500 كيلو واط بسعر التكلفة.

استعيدوا فارق السعر من مبيع المنتج.

إن إقحام الكهرباء في بلد مثل سورية، بالربح التجاري خطأ كبير، ذلك أن البلد خارج من حرب ومقبل على إعادة إعمار وتعاني أغلب مرافقه من سوء في الأداء بسبب انقطاع الكهرباء، ولهذا يجب حشد كل الإمكانات لتوفير الكهرباء أولاً، وتسديد ما تم إنفاقه، من الربح الوطني ذاته الناجم عن عودة الكهرباء وبقوة إلى كل مرافق الحياة.

لقد حدثت انتكاسة على درب الوعود بسبب أعطال في العنفة الأولى لمحطة حلب وسيتم إصلاحها خلال شهرين، في حين أن العنفة الخامسة انتهت صيانتها والمفروض أنها قيد التشغيل حالياً: (إن عودة محطة حلب الحرارية إلى الإنتاج بعنفتين ترفد الشبكة الكهربائية السورية بـ 10بالمئة من الطاقة الإجمالية).

أما محطة الرستين في اللاذقية فقد باتت الأعمال فيها بنسبة إنجاز 100 بالمئة للمجموعة الغازية الأولى و98 بالمئة للثانية وسيتم وضعهما في الخدمة قريباً وحتى منتصف العام القادم تاريخ تشغيل العنفة الثالثة البخارية ستضيف محطة الرستين 526 ميغاواط للشبكة الكهربائية السورية، والرقم مهم ذلك أن كامل إنتاجنا حالياً 2500ميغا واط تقريباً وتم الانتهاء من تأهيل الجزء الأول من محطة الديرعلي ووضع في الخدمة.

وفي 2-5- 2023 تم الإعلان عن خط ائتماني إيراني خاص بالكهرباء لسورية، وهذا يعني منح سورية مبلغاً كبيراً من القطع الأجنبي لمصلحة محطات التوليد والتحويل وأبراج نقل الكهرباء. ومؤخراً تقرر في اجتماع اللجنة الاقتصادية السورية الإيرانية، الاتفاق على تطوير التعاون في مجال الكهرباء.

ويستمر العمل على تشجيع الانتقال إلى الطاقات المتجددة الكهرضوئية والرياحية: فهناك قرض بـ25 مليون ليرة يسدد على 15سنة، وقرض بـ5 ملايين ليرة للسخان الشمسي و75 مليون ليرة للزراعة يسدد على 5 سنوات بلا فوائد أو رسوم.

ويستمر العمل في مشاريع الطاقة البديلة الحكومية 1500 كهرضوئية و1000 ميغا ريحية، وهناك مشروع لإقامة معمل للطاقة البديلة في عدرا الصناعية.

لعل ذلك كله يبدد القنوط واليأس، إذ لا حياة معهما، فالكهرباء هواء هذا العصر ونحن منه وننتمي إليه وهي قادمة على نحو أفضل لا محالة.

Exit mobile version