Site icon صحيفة الوطن

الثقافة وصوتها الأعلى

عندما نتحدث عن مسميات الثقافة بشكلها الاتجاهي، شكلها الأرحب اتساعاً، الأصدق منهجاً، هذه المسميات تبدو وكأنها في جُل عليائها، في جُل انتمائها.

وتُوضع بين قاب قوسين أو أعلى هكذا نريدُ أن نقرأ الثقافة، ونريدُ المعرفة أشكالاً مختلفة الأطياف، تتباهى بثقافة الاختلاف، ثقافة التذوّق الفكري ذي الألوان المتعددة. ‏

التي تُصيغ آلية النداء الثقافيّ وتأخذ به إلى ماهيات التوحد الدلالي، ذي الصبغات غير محدودة الاتّجاه المعرفي. ‏

ومن ثمّ يُصاغُ ذاك الشيء الثقافي الموحد، والذي يأخذنا إلى مستفردة العزف بأنامل الأدب القديم الحديث، تلك الأنامل المستوحدة الشجن، التي تبحث عن مستجدات لا جديد لها إلا في الأدب، وأدب فوق محدودية أيّ كلام هو الأدنى أو الأعلى، الأمر معرفته سيان الالتقاء في قاب المعرفة المطلقة، في قاب الانشغال الأدبي الأمثل، الأمر سيان ولا يختلف عليه اثنان. ‏

عندما نكتب بين هذه الأقواس أو تلك أشياء عظيمة الرقي، عندما نضع ألقاباً، وندنو من شيء ثقافيّ يستحق التوقف عنده، نكون في علياء ما نتمنى أن نكون، في الانتماء الشاسع إلى العطاء الأدبي المميز. ‏

ويتبلور السؤال الآتي: أيمكن أن نخطو على مسار قراءة الحرف، وتبيان كل علامة من علاماته، تكون مزدهرة الحال والأحوال؟! أيمكن أن نخطو فوق أحجية كل شيء، حتى فوق لغات الانتباه المنطقي الثقافيّ..

وقد تتتالى الأسئلة، وكأنها قوس قزح ملون بإشكالية البقاء الدائم ضمن أطر الذائقة الأدبية العليا، وما يتمخّض عن تلك الإشكالية، وما يستتر، وتستتر به من تلك الضمائر الأدبيّة التي تُرفع بجديد ما يكتب في هذا المضمار الأدبيّ أو ذاك..

هذه الضمائر إن صحت تسميتها بالمعنى الإعجازي، أو حتى بمعنى تأويل الشيء إلى ما ينبغي أن يؤول إليه، ومن المعروف أن التأويلات الأدبية من فرضيات عقلنة الفكرة الأدبية، وكذلك عقلنة فكرة الانقياد المشروط وراء جوازم الشيء المنطقي المؤرخ على شكل الرواية والشعر والشيء القصصي. ‏

كل هذه الجوازم أو حزميات الشيء الثقافي الموحّد المستوحد، يجب أن تكون مجدية الاقتراب والتقرب من هذا النهج، الذي نريد أو ذاك. ‏

يقال ذاك قاب الثقافة أو أدنى، أو حتى أجمل وأوسع علماً ممّا يُكتبُ بين أقواس الحياة، وحتى بين مسمّيات التلاعب اللفظي المفتعل بين إشارات الاستقراء الواقعي وحتميات الاستنتاج التخيّليّ الذي يمتد بين قاب كل ما يخصّ الآداب، ويدنو من مسمّيات تلك الآداب الفاعلة والمنفعلة به. ‏

تلك الآداب هي التي تشكّل بحد ذاتها نموذجاً عن تجارب معرفية، لا يمكن إلا التوقف على شط معرفتها والاستفادة من تجاربها، ومن ثمّ، من اتجاهات لا يمكن ترك إعجاب بهذه المسماة أو تلك، من دون الولوج إلى البنى التراكمية والداخلية، التي تشكل بالمعنى اللفظي قوالب مسمياتها، ومن ثمّ، دراسة كل التفاصيل الجوهرية، التي تقوم عليها، هذه التفاصيل، لا يمكن إلا أن تكون اهتماماً جوهريّاً قائماً بحد ذاته، على علم الانتقائية، علم الإتيان بأفكار ذات قيم وموازين صحيحة البنى المعاييرية، والانتماء إلى أزمنة الثقافة، عندما بين قابَي السمو المعرفي أو حتى أدنى منه، بذلك المعنى الذي يقول دنا من الشيء أي حاول الاقتراب منه، من آليّات تفكيره، ومن ثمّ، الوجود بين مسوّغات وجوده الدائمة العطاء. ‏

والذي قد يُشكّل الثقافة وصوتها الأعلى ويجعلنا نتحدث عن الشيء الأجمل، عن حضارة الانتقاء المعرفيّ، إن صح التعبير، ربما نكتبُ عن الثقافة ومعرفة حالها الموجود فنياً ولغوياً ومعرفياً، بشكل يجلّ أدق التفاصيل، ويوحّد مفاهيمها بين قابيّ القوسين أو أعلى، أو ربما بين قابيّ الجمال أو أدنى، وهنا يوجد الكثير ممّن يحبّذ السؤال الآتي: أيعرف الأدب حدا أدنى؟! وهذا السؤال بحد ذاته ليس صحيحاً، على اعتبار أن الأدب بحر متلاطم المعارف، ويجب أن نبحر به لكي نعرف شيئاً من تجليات اسمه الأبهى، وشيئاً من تجليات الثقافة وقاب قوسيها أو أعلى، لأنها هي العُلا وذلك الصوت الأسمى والأعلى على حدٍ سواء.

Exit mobile version