لطالما شكلت مهمة المدير الفني لمنتخب البرازيل لكرة القدم واحدة من أصعب المهام في عالم قطعة الجلد المدور وخاصة أن الشعب البرازيلي وبما تشكله اللعبة الشعبية الأولى لديه لا يقبل أنصاف الحلول فإما الألقاب أو لا شيء، حيث يعتبر عشاق الكرة هناك وهم مولعون بهذه اللعبة أن المركز الثاني يساوي الأخير، وربما تغيرت الأمور قليلاً في السنوات الأخيرة ولاسيما أن السيليساو لم ينجح بالوصول إلى اللقب العالمي خلال العقدين الأخيرين وهاهو الاتحاد البرازيلي يؤجل مشروع المدرب الدائم حتى العام القادم بانتظار تغيير جذري تاريخي يتمثل بتعيين أول مدرب أجنبي للمنتخب الأول والذي لم يعد مخفياً أنه سيكون الإيطالي كارلو أنشيلوتي.
إخفاقات متواصلة
منذ رحيل لويس فيليبي سكولاري عقب تتويجه باللقب العالمي في مونديال 2002 يواجه البرازيليون مأزقاً حقيقياً عند اختيار أي مدرب جديد وكأن مدرسة التدريب في بلاد كرة السامبا لم تعد تنجب الأسماء القادرة على مجاراة نظيراتها في القارة الأوروبية وحتى الإفريقية على ما يبدو فها هو السيليساو يخسر في ثلاث من المواجهات أمام أبناء القارة السمراء ومنها مرة في المونديال الفائت، ولم يعد القائمون على شؤون الكرة البرازيلية يثقون بالمدرب المحلي ولذلك فإن النية تتجه للتعاقد مع الإيطالي الخبير كارلو أنشيلوتي لعله يكون كلمة السر في المونديال القادم والاستحقاقات الأخرى، والأخير لم يمانع بل صرح بالفم العريض أنه جاهز لدخول تحدٍّ جديد بعد نجاحاته الهائلة مع الأندية الأوروبية، حيث أصبح من خلالها أول مدرب يتوج بكل الألقاب المحلية الخمسة الكبيرة في القارة العجوز، لكن العقبة الوحيدة أمام ابن مدينة ريجوليو أنه مرتبط بعقد مع ريال مدريد حتى صيف 2024 وكان ينتظر استغناء إدارة النادي الملكي أو إنهاء العقد بينهما بالتراضي عقب الفشل بالاحتفاظ بلقبي الليغا ودوري الأبطال إلا أن فلورنتينو بيريز أعلن تمسكه به للموسم القادم.
ويعد أنشيلوتي أحد القلائل في عالم كرة القدم الذين نجحوا كلاعبين ومدربين كالأسطورة الهولندية كرويف أو البرازيلية زاغالو أو حتى الإيطالية كابيللو فقد توج بألقاب كثيرة وكبيرة مع ميلان قبل أن يتجه إلى عالم التدريب فقاد أندية ميلان ويوفنتوس وبايرن ميونيخ وتشيلسي وريال مدريد وباريس سان جيرمان ونجح مع كل هؤلاء بحصد الألقاب وتجربته الأقل نجاحاً كانت عندما درب نابولي وإيفرتون وبداياته مع بارما ناديه الأم، وعدا ذلك فقد جمع 25 لقباً في مسيرته التدريبية ما جعله يبلغ ذروة النجاح مع تنوع هذه الألقاب بين بطولات وكؤوس محلية وقارية وعالمية، وعندما نعلم أن كارلو أتم الرابعة والستين من العمر في الشهر الماضي نجد أنه من الطبيعي أن يميل إلى نهاية هادئة لمسيرته كمدرب من الصف الأول إلا أنه يفضل أن يخوض تجربة جديدة وأولى مع المنتخبات وسيبدأ من القمة حيث ينتظر أن يتولى منصب إدارة المنتخب البرازيلي.
فكرة قديمة ومدرب مؤقت
لم ينجح المدرب تيتي في تحقيق أحلام البرازيليين في المونديال فأخفق بتجاوز ربع النهائي للمرة الرابعة في آخر أربع نسخ على الرغم من الشكل الرائع الذي خاض به نسختي 2018 و2022 ليواصل رحلة الإخفاق بعد كارلوس البرتو بيريرا ودونغا ومانو مينيزيس وسكولاري (في حقبته الثانية) ودونغا مجدداً وتيتي وإن كان سكولاري ودونغا وقبلهما بيريرا نجحوا بالتتويج بكأس القارات في حين تيتي ودونغا وبيريرا نجحوا بالظفر بكوبا أميركا إلا أن عقدة استعادة لقب المونديال لاحقت الجميع حتى سكولاري عندما قاده في المونديال البرازيلي حل بالمركز الرابع كأفضل إنجاز خلال العقدين الأخيرين لكنه غادر تلك البطولة بفضيحة تاريخية.
وإبان حقبة سكولاري كانت الأنظار تتجه لجعل بيب غوارديولا أول مدرب أجنبي للسيليساو لكن المفاوضات لم تكتمل يومها وخاصة أن المدرب الإسباني الشاب فضل البقاء في أوروبا مع الأندية، واليوم قرر الاتحاد البرازيلي إسناد المهمة إلى المدرب المؤقت فيرناندو دينيز ابن التاسعة والأربعين واللاعب السابق المغمور في عدد من الأندية المحلية وعندما اتجه إلى التدريب عام 2009 بدأ مع أندية صغيرة وتنقل بين عدد منها حتى عام 2018 عندما أشرف على بارانينسي وحتى مطلع العام الحالي كان قد تنقل بين أندية أكثر شهرة فقد درب (ساوبالو وسانتوس وفاسكو دي غاما وفلومينينزي) قبل أن تسند له مهمة المدرب المؤقت للمنتخب الأول حيث أشرف عليه في ثلاث مباريات حتى الآن، وسيكون دينيز على مع موعد أول اختبار حقيقي من خلال 6 مباريات متتالية في التوقفات الدولية في العام الحالي ضمن تصفيات مونديال 2026 ويستقبل منتخب الأوروغواي في أهمها خلال الشهر العاشر ويحل ضيفاً على بطل العالم الأرجنتيني في الشهر التالي.
هل ينجح مينديز في مهمته؟.. أم إنه لن يتعدى مهمته الموكلة إليه كمدرب مؤقت بانتظار قدوم أنشيلوتي؟.. علماً أن التلميحات تقول إن السيليساو سيخوض منافسات كوبا أميركا على أرض الولايات المتحدة بقيادة المدرب الإيطالي.