Site icon صحيفة الوطن

فنانون مغتربون يرسمون «في الشام روحي» … استخدام مكونات الحياة العادية للتعبير عن الانتماء

بواقع 35 لوحة وتحت عنوان «في الشام روحي» معرض فني جمع عدداً من الفنانين السوريين الذين عاشوا خارج وطنهم وعادوا مؤخراً أو ربما عادوا في زيارة قصيرة وهم (أسامة دياب وبسام الحجلي وعبير الأحمد وسلوان قطان) ليحمل المعرض بريق الفن السوري من الخارج ويقدمه لمحبيه السوريين ضمن صالة الشعب بدمشق.

البعد الثالث

رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين عرفان أبو الشامات صرح لـ«الوطن» أن الفنانين قدموا لوحات ذات مستوى عالٍ على مستوى راق جداً وتعبر عن أفكار قيمة وهي باكورة الأعمال لهذا العام ونحن نرجو استمرارية هذه الفعاليات التي ترفع وتيرة الفن التشكيلي بالمستوى العامودي فهي مهمة بكل أشكالها سواء فردية أو جماعية، وأثنى أبو الشامات على الفنانين الأربعة حيث كانت مشاركاتهم راقية جداً وهي تحافظ على المستوى الفنية العالي، وركز على أن المبادرة الأولى في سبيل استمرارية هذه النشاطات تبقى للفنان نفسه حيث يقدم أعماله ويطرحها في الساحة الفنية وتثبت وجودها من خلال أهميتها من خلال المتلقين أو من خلال الزملاء الذين يعملون في الميدان ذاته.

وتابع أبو الشامات: أنا فوجئت بما قدمه اليوم الفنان بسام الحجلي حيث استخدم «الصاج» الذي يستعين به أهل الأرياف في صناعة الخبز فقد عالجه ورسم لوحاته عليه وترجم أفكاره بالريشة والألوان وهو ما أتاح وجود البعد الثالث مباشرة في هذه اللوحات من خلال البروز الطبيعي، ويعزز هذا الرأي تلك اللوحات التي تزين جدران صالة الشعب، والتي تعبر عن توجهات مختلفة.

انتماء ووجدانية

وعن أسباب اختيار الحجوم الكبيرة للوحات تحدث الفنان بسام الحجلي لـ«الوطن»: إن لوحاته متحفية مصممة بأحجام كبيرة لتبقى خالدة عبر التاريخ ولاسيما بوجود زوار أفاضل كما هو حال معرضنا اليوم مبيناً أنه يحمل الكثير من الود لوجود فنانين مغتربين فيه ليمثلوا الهوية السورية وينقلوا لنا تطور الفن عبر الزمن واختلاف مدارسه وهو ما يؤكد وجودنا في عالم الصورة من خلال تقديم صورة مشهدية خاصة فينا كأشخاص وأفراد ننتمي للدولة السورية، وركز على أن لهذا المعرض أهمية كبيرة في تشجيع السواح لأن سورية فعلاً فيها وتنتج الخبرات العالية فجاء اليوم الفنانون المغتربون ليقدموا لبلدهم إبداعهم لأن المغترب أينما حل فهو منقوص الانتماء مهما طالت مدة إقامتها في البلد التي يعيش فيها ولكن عندما يعرض لوحاته في بلده الأم بأنه سيجد الحميمية والوجدانية بصورة أقوى وأوضح.

وأوضح الحجلي أن الجديد في لوحاته استخدامه لـ«الصاج» في لوحاته ليحمل نزعة مشهدية عالية فتمثل هذه اللوحات بوابة للفن والروح والإنسانية ليتأمل الفرد الجديد على عينه وتفكيره مبيناً أن معظمنا للوهلة الأولى ربما يستنكر العمل ولا يفهمه ولكن ما إن يطيل النظر إليه ويتأمله حتى يكتشف كم الإبداع الذي يحتضنه والروح التي تسكنه.

نقطة تحول

أما الفنانة عبير الأحمد التي شاركت بعشر لوحات فقد أكدت أن فلسفتها في الحياة تؤمن بأن الفن عليه تقديم الكثير للجمهور خصوصاً بعد الظروف العصيبة التي عاشتها سورية فلجأت إلى الطبيعة والاندماج بما حولنا والانسجام مع الكائنات الحية المحيطة بنا فبدت الألوان متفاعلة ولفتت أنها جسدت في لوحاتها إحساسنا الداخلي بحدث قادم وهو ما يشابه ما حدث في سورية معتبرة أننا مخلوقات متفاعلة ممع ما حولنا بطبيعة الأحوال ولذلك فقد بدا التأثير واضحاً علينا نحن البشر كما نجد في إحدى اللوحات، كما نوهت إلى أن بعض اللوحات تحمل الخوف وبعضها الآخر يوحي إلى الترقب وكل ذلك بدا جلياً بالانطباعات المرسومة على الوجوه.

وشددت على أن المعرض يعتبر نقطة تحول لها في رحلتها مع الفن ومن المميز فيه وجود مجموعة من الفنانين السوريين الذين شاطروني المشاعر ذاتها في الاغتراب فجميعنا تعلمنا تقنيات وأساسيات المهنة خارج سورية واليوم نحن نقدم خليطاً ممزوجاً من ثقافة غربية وعربية في هذه المشاركة، فهو يعكس محبتنا لسورية وارتباطنا فيها.

المرأة الأم والوطن والشمس

والفنان أسامة دياب المشارك في هذا المعرض أشار إلى أنه يعتمد في الكثير من لوحاته تجسيد صورة المرأة في جميع أحوالها لأنها الأم والصديقة والوطن والبلد والشمس والدنيا فهي تمثل معان كثيرة وعلينا كفنانين أن نرمز إليها بكل محاورنا وأضاف أن تجربة المعرض التي جمعت هؤلاء الفنانين ممن كانوا مقيمين خارج سورية وأمضوا سنوات كثيرة من حياتهم بعيداً عن وطنهم تعتبر مميزة وتحمل طابع الحميمية فهو لقاء رباعي نعبر من خلاله عن حبنا لبلدنا سورية ومما جذبني إليه عنوانه وفكرته، فاستخدم دياب تقنيات الزيتي والأكرليك على القماش، محاولاً من خلالهم إظهار بورتريه للمرأة الشرقية بما تملكه من عواطف وجمال وثقافة وعمق في التفكير.

توليفة مميزة

وتحدثت الفنانة التشكيلية لينا رزق لـ«الوطن» حيث أكدت أن المعرض يحمل توليفة جميلة من خلال جمع عدة أسماء لفنانين كانوا مغتربين في أصقاع الأرض واليوم تجمعهم سورية والقاسم المشترك هو إبداعهم وفنهم، وبينت أن المشاركين اعتمدوا التنوع في الأساليب ولكل منهم أسلوبه الخاص وبصمته الخاصة وهو ما يشعرنا أننا في حديقة مليئة بالأزهار وكل واحدة تتميز بلون ورائحة مميزة ولطيفة فحملت اللوحات مواضيع جديدة، وأعربت رزق عن سعادتها لأن المعرض أتاح لها التعرف على فنانتين سوريتين ولكن لم تجتمع بهن من قبل، وبينت أنه من الممتع للفنان الاطلاع على تجارب زملائه حيث إن الفن دائماً متجدد والفنان لا بد له أن يواظب على تطوير نفسه وشحذ همته والاستزادة من كل وفير.

Exit mobile version