Site icon صحيفة الوطن

في سلتنا الوطنية… أندية هاوية لا تنتج ومنتخباتنا مازالت في مهب الريح والحلول غير موجودة

إذا كان تطوير كرة السلة على هذه الشاكلة فالأفضل لنا أن نعترف بأن بوصلة عملنا خاطئة وغير دقيقة، وإذا كنا نهتم في أمور البهرجة والإثارة والندية حتى لو كانت على حساب تراجع المستوى الفني فالأفضل لنا أن نعيد حساباتنا، وإذا كنا مقتنعين بصوابية عملنا رغم النتائج الباهتة على صعيد صناعة اللاعب فإننا حتما نحلم ونخشى أن نلامس الواقع فيعيدنا إلى نفق مظلم.

ندرك جميعا أن المنطق لا يسمح لك ببحث النتيجة بعيداً عن أسبابها، كما أن الحس السليم يصر على أن تضع الحصان أمام العربة إذا كنت تريد الوصول إلى هدفك في نهاية الطريق.

حلمنا بدخول الاحتراف على سلتنا قد تحقق، ولكننا لم نستطع أن نحلم بالأفضل، لأننا كسرنا قاعدة التطلع، وبدأنا نطلق الآهات على أيام الهواية، واسمحوا لي أن أسميها أيام تخلفنا الرياضي، عندما كنا نلهث بأقدام هاوية وراء كرة لا تملك من مقومات حضورها أكثر من الهواء الذي يحشو جوفها، والحب الذي يكنه لها أبناؤها، فماذا فعل بنا الاحتراف؟

ليس الاحتراف

لن نظلم الاحتراف ونكون جناة عليه، فهو نظام نجح من عرف كيف يستثمره جيداً، وما تطور رياضة في جميع الدول المتقدمة إلا لأنها عرفت كيف تطبق الاحتراف بشكله الجديد ونجحت في تعليم اللاعب ما له وما عليه، أما واقعنا الحالي فأعطونا نادياً واحداً لم تثقله الأعباء المالية منذ دخول الاحتراف، واذكروا اسم لاعب لم يعلن حرده في ناديه بسبب فهمه الخاطئ للاحتراف، أشيروا لنا على فريق حافظ على مستواه لموسمين متتاليين بعد دخول الاحتراف..

إذاً، المشكلة في تطبيقنا للاحتراف وليس في الاحتراف نفسه، الذي يعد السبيل الوحيد لتطوير أي رياضة، لكونه يبني اللاعب على أسس رياضية علمية بحتة، لكن احترافنا لم يكتمل، وجاء منقوصاً وباهتاً، وساهم في تراجع أنديتنا، ومن يمعن النظر في طريقة إدارتنا وتعاطينا للاحتراف، يدرك بأننا لم نعرف من الاحتراف سوى تنظيم عقود اللاعبين والمدربين برواتب خيالية، وابتعدنا عن الثقافة الاحترافية الصحيحة، فبات هم اللاعب فقط ملء جيوبه بالأموال، من دون أن يعرف حقوقه وواجباته ، الشيء الذي جعل أنديتنا تئن تحت وطأة الأعباء المالية نتيجة تجاوزاتها للأنظمة المعمول بها في نظام الاحتراف الذي كان أشبه بمن اشترى سيارة آخر موديل من دون أن يجيد قيادتها، ومازلنا عند رأينا وقناعتنا بأن احترافنا لن ينجح، وسلتنا لن تتطور في ظل وجود إدارات هاوية، وغير ناضجة احترافياً من الناحيتين الفنية والإدارية، وهذا ينطبق على كل مفاصل اللعبة.

لذلك لابد من الارتقاء بالمسابقات المحلية (الدوري والكأس) وارتفاع مستوى الأندية وحينها لا بد من أن ينعكس إيجاباً على المنتخبات الوطنية، فالدوري القوي لابد أن يفرز منتخباً قوياً.

ويجب أن نعترف بأننا نفتقد النضج الاحترافي، وبأننا لم نتخلص من أميتنا السلوية، وبأن العديد من عناصر اللعبة يفتقد لأبجديات اللعبة المتطورة.

منتخبات في مهب الريح

تمر منتخبات السلة منذ سنوات طويلة في ظروف صعبة يتعلق جلها بأخطاء متراكمة من الاتحادات المتعاقبة على اللعبة، والتي ساهمت في غياب أهم مقومات تطوير عمل هذه المنتخبات، ونتائجها على الصعيدين العربي والقاري، وقد حاول الاتحاد الحالي تجميل الصورة، لكن يبدو أن محاولات العطار لن تصلح ما أفسده الدهر، فواقع منتخبات السلة لا يبشر بالخير، نتيجة العمل العشوائي الذي بدا واضحاً في مسيرة الاتحاد منذ توليه لمهامه، حيث كان له تأثير سلبي على طريقة الإعداد وتوفير الإمكانات المادية المتاحة، فبقيت هذه المنتخبات ومشاركاتها تدور في دائرة مغلقة من دون أن يكون هناك بصيص أمل للخروج من عنق الزجاجة التي وجدت نفسها فيها.

وسنمر سريعاً على معطيات الفشل في إعداد المنتخبات الوطنية، فالاتحاد الحالي يفتقر إلى الفنيين وبعض أعضائه ليسوا رياضيين، ما جعله يحلق بأجنحة غير فنية، فكانت النتيجة سقوطه في أكثر من محطة قارية على صعيد المنتخبات، فالخسارة واردة إلا أن محطات التقييم بعد كل بطولة لم تكن ناجحة لديه، فظروف الإعداد تغيرت، واللاعبون ذاتهم، وطرق الإعداد البدائية ما زالت على حالها، بالمقابل ازدادت الحجج والأعذار وتعددت الأسباب والموت واحد.

والحقيقة كانت دائماً مريرة، فرغم كل ذلك نتائج منتخباتنا لم تتغير، ولم تتطور، بل تراجعت ومنيت بخسارات قاسية، رغم وجود مدربين أجانب لكنهم دخلوا في متاهة وأدخلوا منتخبنا معهم نتيجة عدم وجود مساءلة فنية وتقييم صحيح لعملهم.

خلاصة

أيها السادة: السلة السورية تهمنا جميعاً والعمل في إعادة بنائها لا يكون من القمة وإنما من القاعدة، وإذا أردنا أن نبني بناء متيناً، فلن نستطيع استبدال التراب بالإسمنت، ولا الحديد بالبلاستيك، والأفضل وقتها ألا نبني أبداً إذا كانت مقومات البناء غير متوافرة، وغير موجودة.

Exit mobile version