Site icon صحيفة الوطن

العَود الأخير عن ارتجالية أوهيو وخطوات لصموئيل بيكيت … د. ميسون علي لـ«الوطن»: أصوات تسترجع الماضي وتعبر عن الألم الصامت والحنين وعذاب الفقد

برعاية وزارة الثقافة قدمت مديرية المسارح والموسيقا عرض نتاج ورشة الدراماتورجيا بعنوان «العَود الأخير» على خشبة مسرح القباني، كانت على شقين نظري وعملي، حيث تطرقت الدكتورة ميسون علي المشرفة على الورشة إلى جوهر العمل فقالت في حديث لـ«الوطن» عملنا في الورشة على نصوص الكاتب جان لوك لاغارس، ولكن أغرانا صموئيل بيكيت الذي عرف مسرحه بمسرح العبث الذي يأخذ شكل السخرية المأساوية، وخاصة نصوص الدراماتيكول القصيرة (ارتجالية أوهيو وخطوات)، حيث يدفع بيكيت بالأمور التي تسم حياة الإنسان إلى حدها الأقصى في عملية وعي الحد الفاصل كما يسميها، وقد أغرتنا هذه النصوص لأنها تقدم ما سبق في قالب مسرحي خاص.

توجهت الورشة إلى دارسي وهواة المسرح ومنهم طلاب في المعهد العالي للفنون المسرحية وعددهم خمسة عشر طالباً وطالبة، وتم التوازن بين دارسي المسرح ومن يحتاج أكثر للأدوات المسرحية، وقدم كل مشارك رؤيته للنصين ثم قامت الدكتورة ميسون بتوحيد الرؤية للإعداد النهائي لنص مسرحية «العود الأخير».

مهام الدراماتورج

مصطلح دراماتورجيا هو فن من فنون الكتابة المسرحية، ويتمثل في تصنيف النوعيات المختلفة من النصوص المسرحية ومناقشتها ودراسة العلاقة التي تربط بين هذه النوعيات المختلفة والأساليب المتنوعة لكتابتها، ومن أهم مهام الدراماتورج اختيار الممثلين واختيار النصوص المسرحية ومساعدة الكاتب في تحرير النصوص الجديدة ومساعدة المخرج في البروفات، وفي بعض الأحيان يقوم الدراماتورج بدور المؤلف ويقوم أيضاً بعمل أبحاث تاريخية واجتماعية ويجمع معلومات عن الفترات الزمانية والأماكن التي تقع فيها أحداث المسرحية، والبحث عن النصوص الجيدة المكتوبة بلغات أجنبية وترجمة ما يصلح منها للتقديم على خشبة المسرح.

وعن العرض قالت د. ميسون لـ«الوطن» حمل عنوانه الجديد (العود الأخير)، وهو يطرح أسئلة قديمة، لكن جديدة بأسلوبها حول الإنسان اليوم. السؤال عن الحاضر وعن علاقة الإنسان بالماضي والحاضر، يصبح الإنسان جسداً، يتقلص إلى ضمير وذاكرة، يعيش ربما النزع الأخير، الذي يبدو كعبور يشبه القدوم إلى الحياة، ولعل الكلام أو المنولوجات الطويلة تحاول إعادة الروح إلى الجسد.

الإنسان يتقلص إلى حدود الصوت، والعودة إلى الحياة تتم عبر الصوت الذي يعني استرجاع الحياة الماضية، فلا حياة في الحاضر.

ويكون النص كما قدمته «على وقع المسموع، ويأخذ شكل السمفونية، تتداخل الأصوات والحكايات التي تسترجع الماضي وتعبر عن الألم والانتظار الصامت والحنين وعذاب الفقد، العرض يركز على هذه التفاصيل والشحنة الإنسانية العالية، شديدة الشبه بما نعيشه اليوم في الواقع من عبثية الحياة اليومية والتكرار، والفقد والحنين للماضي واسترجاعه أكثر من الحياة في الحاضر».

عناصر المسرحية

العرض تكون من ثلاثة ممثلين يجلس أحدهم على كرسي ويمسك كتاباً ليروي منه الحكاية، وممثلة تجلس على كرسي المقعدين وتبدو ملامح التعب والمرض وكبر العمر عليها، والشخصية الثالثة كانت تمشي بطريقة روتينية رتيبة في حلقة مفرغة ومع صوت دعسات لأقدامها وإضاءة مسلطة على الشخصية المتحدثة ومعتمة على الباقي، استغرق العرض نصف ساعة.

يدرج نوع العرض للمسرح العبثي وهو أسلوب درامي تم تطويره في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي في جميع أنحاء أوروبا، وهي طريقة لعرض حالة الإنسان كمظهر خالٍ من المعنى، وبشكل عام يلجأ إلى التشكيك في الوجود البشري كما يعبر العبث عن الأشياء المناقضة والمضادة للعقل وبالتالي ممكن اعتباره شيئاً غير منتظم وصعب التواصل الملموس والفعال مع الجمهور.

هموم مختلفة

وفي سؤالنا السيدة إباء سلمان مديرة مسرح القباني أخبرتنا أن المسرح يقدم مختلف العروض المسرحية المنودراما ومسرح الطفل ومسرح العبث وغيرها الكثير، ويطرح هموماً مختلفة تلامس الناس بطرق تناسب رؤيتهم وقد تلقف المشاهدون تلك العروض باهتمام، اعتنوا بتفاصيل العناصر المسرحية من حركة وإضاءة وإيقاع وفكرة، والعرض هو نتاج ورشة العمل بإشراف الدكتورة ميسون علي أستاذة في المعهد العالي للفنون المسرحية وتم توزيع شهادات لطلاب الورشة.

صعوبة العمل

وفي مداخلة مع ممثل الدور في المسرحية بشار شيخ صالح وهو طالب سنة رابعة قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية قال: هذه تجربة غنية لأنني أول مرة أؤدي مسرح عبث، حاولنا قدر المستطاع مع الدكتورة ميسون والشباب أن نفهم إلى أين سنصل بهذا النص، لأنه عبارة عن نصين دمجناهما بنص واحد للكاتب صموئيل بيكت، وصعوبة هذا العمل بإيصال الفكرة والرسالة للمتفرج، وذلك إما بالصمت وإما بتعابير الوجه أو بالكلام وأنا جالس من دون حراك، لأننا أخذنا القارئ من نص ارتجالي لأوهايو الذي كان فيه القارئ والمستمع ودمجناها مع الخطوات التي أدتها الشخصيات المشاركة.

وهذه المسرحية إضافة كبيرة لي لأنها أول مرة نعمل مشروع عبث خارج المعهد وعلى خشبة عرض عامة، لأنه من الصعب عرض أعمال العبث، ورسالتنا في هذه المسرحية يجب أن نتحرك ولا نبقى في مكاننا ونغير روتيننا اليومي الفكري والثقافي لأن هذا النوع من المسرح يمكن أن يمتد إلى أي بعد ويفهم بأي طريقة يريدها المشاهد.

مجهود كبير

سلمى رند مشاهدة قالت: العرض هو أقرب ليكون عرض قراءات من أن يكون عرضاً مسرحياً فيه مونوتون طويل كثيراً ولكن هذا العمل الدراماتورجيا أوضح مجهودها وكنتيجة لعمل أسبوعين هي نتيجة مهمة جداً.

يمثل عرض (العود الأخير) تجربة مسرحية مهمة استلهمت النصوص العبثية الشهيرة، وهي الخبيرة التي تدرسها، لتصنع منها نصاً يحاكي الواقع الذي تعيشه بكل عبثية، وهذا الخيار الفني استطاع أن يقدم قراءة معمقة لمفهوم العبثية الذي نعيشه في عالم اليوم.

Exit mobile version