Site icon صحيفة الوطن

رغم الدرس السوري.. التحالفات الإقليمية تعصف بالمنطقة

ما يجري في المنطقة حالياً هو تجسيد واضح لفكرة التحالفات الإقليمية وما تفرضه هذه التحالفات على الحكومات أو الجماعات من مطالب أو تحركات سياسية مدفوعة.

في الآونة الأخيرة تصاعدت الأحداث في مخيم «عين الحلوة» اللبناني، ولا تزال تداعيات ما يجري في هذا المخيم تتواصل، خاصة في ظل التصعيد الأمني هناك الذي يمثل نموذجاً استراتيجياً لتجمع القوى الفلسطينية وقوى معسكر المقاومة في موقع واحد، وهو ما يفرض على هذه القوى الكثير من التحديات والمطالب، وخاصة أن الواضح للعيان أن لكل قوة محاربة في المخيم قوة إقليمية ترعاها وتدافع عنها بل وتحميها وتمدها بالدعم اللازم.

تحليل مضمون عدد من المقالات وأوراق تقديرات الموقف الغربية عن الحالة الفلسطينية في ظل التصعيد الحاصل في مخيم عين الحلوة ومعه بعض من المناطق الساخنة بالداخل الفلسطيني يشير إلى:

1- إن المقاومة وعلى رأسها حركة حماس، هي التي تقود العمليات العسكرية في الداخل وتحديداً في الضفة الغربية، وهو ما يأتي من أجل صرف انتباه الاحتلال عن غزة في هذه الفترة، بالإضافة إلى رفع شعبية حركة حماس بين مختلف القوى السياسية والشعبية الفلسطينية باعتبارها حاضنة للمقاومة في الوقت الذي لا تقوم فيه السلطة الفلسطينية بذلك.

2- في المقابل فإن بعض من التقديرات ترى أن حماس تحقق بالفعل الكثير من المكاسب الاقتصادية في غزة مع هذا التصعيد، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات بشأن تعمدها التصعيد في الضفة الغربية الآن.

وتتصاعد دقة الموقف عسكرياً مع تشابك الكثير من الملفات والفصائل والجماعات ودخولها كطرف في هذا الصراع الحاصل في مخيم عين الحلوة تحديداً، وبات واضحاً أن الكثير من العناصر من جماعات مثل «جند الشام» أو «داعش» ترتبط بعلاقات مع عناصر من القيادات الفلسطينية بالمخيم.

من هنا أصبح في المخيم تقريباً فصائل تتمثل في: حركة فتح، قيادات السلطة الفلسطينية وما يتبعها من جماعات وشخصيات منتمية لها، حركة حماس، تنظيم داعش، جماعة جند الشام، فضلاً عن عناصر الأمن اللبناني.

نحن نتحدث عن ستة فصائل سياسية وعسكرية توجد في محيط واحد، الأمر الذي يعني حرفياً ضياع هيبة الدولة تماماً والأهم دخول القضية الفلسطينية في جوقة من الأزمات لا نهاية لها.

في هذا الصدد أتذكر حديث الدولة السورية عن الحسابات الإقليمية للعناصر الإرهابية التي حاربت وقاتلت الشرعية السورية في بعض من المناطق، وتحذير القيادات السورية وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد من خطورة هذه النماذج الميليشاوية والتي:

1- لا تنمو إلا في أجواء الصراعات والقتال.

2- لا يهمها الدولة بل يهمها المنطقة أو الحيز الذي تعيش به.

3- لا يهمها الشعب ولا الاستقرار ويهمها فقط إرضاء الكفيل الذي يمدها بالمال.

4- ترسي وترسخ هذه الميليشيات مفاهيم في منتهى الخطورة في المناطق التي تسيطر عليها مثل أفضلية اقتناء السلاح عن تدشين مركز للخدمات أو عدم الاعتراف بالدولة مقابل الاعتراف بالفصيل الميليشاوي كبديل عنها.

بعض من القوى التي تطلق على نفسها عناصر المعارضة السورية في الخارج، كانت تصاب بالعصبية أو التشنج عندما ترد عليها القوى الشرعية السورية في دمشق بهذا الخصوص، مثل: ما الذي أقامته هذه الميليشيات من مشاريع إنسانية في المناطق التي تسيطر عليها؟

في مقابل اهتمام الدولة السورية بهذا الجانب، حتى أن الرئيس الأسد شارك وعائلته في افتتاح بعض من هذه المشاريع الإنسانية دعماً للمواطن السوري.

وها هو العالم الآن ينفتح من جديد على سورية التي بات احتضانها فرض عين، ودعمت السعودية والإمارات الحضور الدبلوماسي السوري بعد أن عرفت هذه الدول مخاطر وحساسية الجماعات الأصولية التخريبية التي عاثت فساداً بالبلاد.

عموماً أرست سورية تقليداً ومنحت العالم العربي درساً واقعياً وماثلاً في أزمتها السياسية الأخيرة، يتجسد في مخاطر الميليشيا المتمردة على الدولة، ومساوئ هذه الميليشيا المرتزقة التي لا يهمها إلا المال والحصول على الجنسيات في العالم، وأقول لله سنموت جميعاً ويبقى الوطن.

حفظ اللـه سورية، وحفظ جميع دولنا العربية، من ذئاب المرتزقة ودعاة الميليشاوية في شرقنا الأوسط.

Exit mobile version