Site icon صحيفة الوطن

كيف نستمر أقوياء؟

وفر المرسومان التشريعيان 11 و12 مؤخراً زيادة غير مسبوقة وصلت إلى 100 بالمئة من رواتب العاملين والمتقاعدين، قدرت بـ333 مليار ليرة سورية شهرياً و4000 مليار ليرة سنوياً.

ولئن اعتدنا أن ترفق زيادات الرواتب بعبارات مثل، ضبط الأسواق ومنع رفع أثمان السلع الأساسية على الأقل، فإن السيف سبق العذل هذه المرة، وقبل أن يقبض العاملون الزيادة بأسبوعين، وقبل أن يحصل عليها المتقاعدون بعد شهر تقريباً، لأن رواتبهم تسدد لهم بين 15و20من كل شهر، عصفت بالأسواق رياح رفع الأسعار، بقرارات حكومية لتأمين الاحتياجات المالية للزيادة، وبردود فعل سريعة ومبالغ بها كالعادة، للباعة ومقدمي الخدمات المتنوعة.

وبهذا المعنى فإن الطرفين المشار إليهما، أفقدا الخطوة المشتهاة جماهيرياً من جدواها المعيشي والاجتماعي، ما فاقم المعاناة المعيشية الصعبة والمرئية لشريحة من يعيشون على الراتب ومن ليس لهم معيل في بلاد الاغتراب.

قدم ثلاثة وزراء مسوغات (حسابية)، لعل جوهرها أن الحكومة وعلى الرغم من الزيادة- الكبرى في أسعار المشتقات النفطية- لا تزال تدعم المشتقات بـ17 ألف مليار ليرة سورية، والخبز بـ6000مليار ل. س، أي بـ23000 مليار ليرة من آخر رقم عن الدعم، أشار إليه رئيس الوزراء حسين عرنوس، وهو 27500 مليار ليرة سورية.

منذ 15 أيار الماضي -تاريخ اللقاء الحكومي المهم مع مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال، مرورا بالجلسة الاستثنائية لمجلس الشعب، وتشكيل لجنة مشتركة انبثقت عنه، جرى بحث موضوع رفع المعاناة المعيشية الحادة عن شريحة كبيرة من الشعب السوري، على أعلى المستويات وبدقة متناهية وبمشاركة خبراء كثر.

ولئن كانت النتيجة للأسف الشديد، تفاقم المعاناة عبر موجة جديدة من الغلاء الفاحش، فما ذلك إلا لأن الأجهزة التنفيذية تدير ما هو متوافر، ولا تسهم في خلق موارد تخفف من المعاناة، كتأمين زيادة الرواتب والأجور من دون رفع أسعار المشتقات النفطية، التي ترفع بدورها أسعار مئات السلع في الأسواق.

يدرك الجميع هذه الحقيقة، وهي ناجمة عن حالة سبات وعجز، بتأثير قوي من: ١- الوضع المعيشي الصعب والأجور التي فقدت معناها ولم تعد تلبي إمكانية الوصول إلى مكان العمل ٢- ترك العبء في إدارة الأزمة المعيشية بالكامل على الدولة ممثلة بقطاعها العام، من دون أن يحرك القطاع الخاص ساكناً على هذا الصعيد على الرغم من أنه يستحوذ حالياً على 90 بالمئة من الناتج المحلي السوري..!!

وإذ نكرر أننا مصممون على الاستمرار في نهجنا السياسي الصائب، فإن الحل لم يعد يكمن في تشخيص الأزمة المعيشية بل في الإجابة عن أسئلة تبدأ بأداة الاستفهام: كيف..؟

أجاب أحد المحترمين أنه علينا الآن أن نتجه بقوة إلى التعاضد الاجتماعي والتعاون والعمل الأهلي الخيري. إن أزمتنا الاقتصادية تشبه أي كارثة يتداعى أهل الخير لاحتواء سلبياتها. ثمة أهل خير يقدمون وجبة غداء للمحتاجين كل أسبوع، أرى أن يتدارسوا كيف يمكن أن تصبح يومية وألا تقتصر على منطقة واحدة بات الوصول إليها مكلفاً جداً.

ثانياً: كافحوا التهرب الضريبي بجدية، إن اقتصاد الظل يشكل حالياً 60 بالمئة من الناتج المحلي السوري، وأربابه هم أثرياء سورية اليوم، يعمل معظمهم على الأرصفة ويحصلون على أسعار وأجور ابتزازية، ويجنون أرباحاً خيالية.

ثالثاً: كفى مناشدة للناس أن يشتكوا، الكل يخاف من تبعات الشكوى على (أفظاظ مدعومين مستهترين). يجب أن تمتلك الدولة جهازها القادر على ضبط الأسعار بحزم في الأسواق. هذا أهم استثمار للدولة، سدوا العجز في أجهزة الرقابة، ولتعمل كأداء الجندي على خط النار.

رابعاً: وسط تأثر الزراعة بغلاء المستلزمات، بات إجبارياً تحديد حد أدنى لأسعار الخضر والفواكه واللحوم والبيض والألبان والأجبان لحماية المنتجين، وهم يحققون الربح من سعر المنتج النهائي بنسب منطقية مراقبة بدقة.

رابعاً- فعّلوا بالسرعة القصوى قانون الحوافز، طبقوه على كل العاملين. فهو كفيل بحل جزء كبير من الأزمة. لا مبرر لتأخير تنفيذه كل هذا الوقت الطويل.

يجب أن نخوض الحرب الاقتصادية ببسالة وحزم وانضباط. اليأس مرفوض.

نعم هناك حلول كثيرة كي نستمر أقوياء وسنستمر.

Exit mobile version