Site icon صحيفة الوطن

بدء أعمال قمة «بريكس» في جوهانسبرغ وتقليل الاعتماد على العملة الأميركية وضم أعضاء جدد أهم محاورها … شي: نقف عند نقطة انطلاق جديدة … بوتين: التخلي عن الدولار لا رجعة عنه

مع انطلاق أعمال قمة دول مجموعة «بريكس» في جوهانسبوغ، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أمس الثلاثاء أن الصين وجنوب إفريقيا «تقفان عند نقطة تاريخية جديدة»، في حين أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن التخلص من الدولار في التعاملات بين دول المجموعة لا رجعة عنه.
وخلال لقائه نظيره الجنوب افريقي سيريل رامابوزا في بريتوريا قبيل انطلاق أعمال قمة «بريكس» في جوهانسبرغ، قال الرئيس الصيني «اليوم وبينما نقف عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة، فإن نقل الصداقة وتعميق التعاون وتعزيز التنسيق تشكّل التطلّعات المشتركة لبلدينا وكذلك أيضاً المهام الجليلة الملقاة على عاتقنا».
وانطلقت في وقت سابق أمس الثلاثاء أعمال قمة دول مجموعة «بريكس» بمشاركة عشرات الدول في جوهانسبورغ أكبر مدن جنوب إفريقيا التي تمت دعوتها إلى جانب ممثلين عن 20 منظمة دولية، وتستمر حتى يوم غد الخميس.
وخلال افتتاح القمة، قال الرئيس شي في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو: إن «الصين لا تسعى لأي حروب عالمية اقتصادية وتهدف إلى تحقيق المصلحة المشتركة لكل الدول، ويتوجب تعزيز الشراكة بين بريكس والعالم».
وأضاف الرئيس الصيني: إنّ مجلس الأعمال في مجموعة «بريكس» يلعب دوراً محورياً في تعزيز الشراكات بين الدول الأعضاء. وشجّع شي نموذج «بريكس بلاس» الذي يهدف إلى جعل النظام العالمي أكثر عدلاً وإنصافاً، لافتاً إلى أنّ أكثر من 20 دولة طرقت باب مجموعة «بريكس» للانضمام إليها.
ورفض الرئيس الصيني محاولة تأسيس تحالفات عسكرية، مبيناً أنّها ستسعى إلى زعزعة السلام والاستقرار العالميين. وأعلن أنّ بكين لا تسعى إلى خوض أيّ «صراعٍ مع قوى كبرى».
وعقّب بقوله: «لا نُريد حرباً باردة جديدة ولا كتلاً تتنازع فيما بينها وإنما نريد الاستقرار والازدهار وهذا منطقُ التنمية الإنسانية»، داعياً دول العالم إلى التعاون، والتفاعل معاً بناءً على قيم الحق وليس بناءً على الاستبداد.
من جهته قال الرئيس الروسي في كلمته له عبر الفيديو: إن التخلص من الدولار في التسويات بين دول «بريكس» عملية لا رجعة فيها، وأكد أن «بريكس» تعمل على تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع النمو الاقتصادي.
وأوضح بوتين أنه هناك تحديات أمام مجموعة «بريكس» من تقلبات أسعار الطاقة والتصرفات غير المسؤولة من عدة دول، وقال: «روسيا من جانبها، تعمل بنشاط على إعادة توجيه تدفقات النقل والخدمات اللوجستية، إلى شركاء أجانب موثوقين؛ بما في ذلك دول بريكس».
وأشار بوتين إلى أن روسيا قادرة على تعويض صادرات الحبوب الأوكرانية في ظل الإنتاج الجيد هذا العام، وأشار إلى أن بلاده مستعدة لتوزيع الأسمدة الروسية المحتجزة في الموانئ الغربية مجاناً، مؤكداً أن روسيا ستبقى مورداً موثوقاً للغذاء لإفريقيا.
بدوره، قال رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، خلال القمة إن مجموعة «بريكس» تلعب دوراً مهماً في إحداث توازن في ظل التقلبات العالمية، وأشار إلى أنّ النمو الاقتصادي في الهند بلغ 5 تريليونات دولار.
وكشف مودي أنّ «الهند لديها ثلث الشركات التكنولوجية في العالم، ولا سيما في تكنولوجيا أشباه الموصلات».
من جهته، أعرب الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في كلمة له خلال القمة عن تأييده فكرة إنشاء عملة موحدة لمجموعة «بريكس»، وقال: «لكي ينمو الاستثمار، يجب علينا أن نضمن نمو الثقة والقدرة على التنبؤ والاستقرار القانوني والسياسي والاجتماعي للقطاع الخاص. لذلك، أنا أؤيد تبني عملة موحدة، لا تحل محل عملاتنا الوطنية».
رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، طالب بإجراء إصلاح جوهري في النظام المالي العالمي، وقال في كلمته إنّ دول «بريكس» تُمثّل ربع الاقتصادي العالمي وخمس التبادلات التجارية و40 بالمئة من سكان العالم.
وأعلن أنّ بنك التنمية التابع لمجموعة «بريكس» مُستعدٌ لمساعدة مختلف الدول، داعياً رجال الأعمال إلى مدّ يد العون من أجل وضع أجندة للتنمية تُخرج الجميع من قبضة الفقر.
وحسب موقع قناة «روسيا اليوم» أكد نائب رئيس جنوب إفريقيا بول ماتشاتيل، قبيل انطلاق القمة الـ15 لدول «بريكس» أهميتها، وكشف عن القضايا الرئيسة التي ستبحثها.
وأشار إلى أن ممثلي دول «بريكس» سيركزون بشكل رئيسي على مناقشة تقليص اعتماد المجموعة على الدولار. وشدد على أن «بريكس» ستبحث مسألة زيادة المدفوعات بين أعضائها بالعملات الوطنية.
بدوره، أعلن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، أن دول «بريكس» ستناقش إمكانية إنشاء وحدة حساب واحدة، التي ستكون بديلاً للدولار.
وفي تصريحات لقناة «CGTN» التلفزيونية الصينية، أكد سيلوانوف أن الوضع مع عملات مثل الدولار واليورو يسبب بعض المخاطر، مثل تجميد الأصول وإنهاء التسويات، وأضاف «هذا يعني تقويض الثقة في مثل هذه العملات، لذلك في إطار تكتل «بريكس» نبحث عن فرص لإنشاء أنواع بديلة من التسويات ونظام المحاسبة».
وتابع بالقول: إن التركيز الرئيسي ينصب على تطوير العلاقات التجارية مع الدول باستخدام العملات الوطنية، حيث نرى حقا إمكانية مناقشة إنشاء أنظمة تسوية موحدة يمكن أن تكون وحدة حساب للدول الأعضاء في «بريكس».
وأوضح سيلوانوف أن الأمر لا يتعلق بعملة واحدة، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي، بل وحدة حساب كبديل للدولار.
وإضافة إلى ذلك، تبحث القمة مسألة قبول أعضاء جدد ووضع خطة اقتصادية وتجارية ومالية للتكتل، وستنظر «بريكس 2023» في طلب 23 دولة للانضمام لعضوية المجموعة، ومنها الأرجنتين ومصر وإيران والجزائر وتونس وتركيا والسعودية، كما يرى مراقبون في هذا الزخم والمشاركة، محاولة جدية لإزاحة الولايات المتحدة الأميركية عن احتكار الاقتصاد العالمي.
ويجتمع رؤساء وقادة البرازيل والصين والهند وجنوب إفريقيا، بينما سيشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر تقنية الفيديو في القمة المنعقدة تحت شعار «بريكس وإفريقيا»، ويمثل موسكو في الحدث حضور شخصي من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
ويسعى قادة الدول المنضوية في مجموعة «بريكس» لتعزيز حضورها كقوة تواجه الهيمنة الغربية على الشؤون الدولية، تمثّل بلدان «بريكس» ربع الاقتصاد العالمي في حين أبدت المزيد من الدول اهتماما بالانضمام إلى التكتل قبيل قمّته التي تستضيفها جوهانسبرغ وتستمر ثلاثة أيام.
وتتشارك بلدان «بريكس» التي تمثّل 40 بالمئة من سكان العالم على مستوى ثلاث قارات تتباين فيها مستويات النمو الاقتصادي، الرغبة في التوصل إلى نظام عالمي ترى أنه يعكس مصالحها بشكل أفضل ويعزز حضورها في مواجهة الهيمنة الغربية.
صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت بدورها، أن «اجتماع دول بريكس، حقق مستوى من الاهتمام الدولي، نادراً ما نشهده منذ «تشكل المجموعة لأول مرة منذ 14 عاماً مضت».
وحسب الصحيفة، فإن الحرب في أوكرانيا، والحرب التجارية بين بكين وواشنطن، أعادت «تنشيط الجدل حول ما إذا كانت الكتلة ستظل تحالفاً تجارياً فضفاضاً، أم ستصبح تحالفاً دولياً جديداً».
وتسعى مجموعة «بريكس» المكوّنة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا إلى منافسة مجموعة السبع «جي 7» التي تضم: كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

Exit mobile version