Site icon صحيفة الوطن

تصريحات الجنرال ميللي حول المنطقة لن تخيف دولها

في مقابلة تلفزيونية مع قناة أردنية قال قائد الجيوش الأميركية الجنرال مارك ميللي في 23 من شهر آب الجاري ونشرها موقع مجلة «أنتي وور» الأميركية الإلكترونية في 27 من الشهر نفسه: «أنا لا أتصور أن تخرج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط بل أعتقد أننا سنلتزم بالبقاء سنوات كثيرة وعقوداً كثيرة مقبلة»، وذكر ميللي أن هناك أسباباً كثيرة تتطلب البقاء، منها وجود أكبر مصادر للنفط في هذه المنطقة وحاجة العالم إليها.

ويبين الصحفي الأميركي في مجلة «معهد لبيريتاريان» كايل أنزالون في مجلة «أنتي وور» نفسها أن «الولايات المتحدة استخدمت قواتها الحربية خلال عقود كثيرة من أجل السيطرة على الشرق الأوسط وأنفقت تريليونات من الدولارات وقتلت الملايين في عشرات الحملات الحربية طوال ثلاثين عاماً ولم تحقق أهدافها حتى الآن بل ولدت نزاعات طائفية ومولت مجموعات مسلحة استخدمتها في المنطقة».

بدوره، ويل بورتر أعد في 16 أيار 2023 دراسة نشرها في مجلة المعهد نفسها كشف فيها أن «الولايات المتحدة قتلت ما يزيد على أربعة ملايين ونصف مليون من البشر منذ حربها على أفغانستان عام 2001 بعمليات مباشرة وغير مباشرة نتيجة ما ولدته من مجاعات ودمار ومواجهات بين مجموعات مسلحة كانت تستخدمها داخل دول وعبر حدود دول أخرى».

يبدو أن هذا التصريح لقائد الجيوش الأميركية في هذه الظروف التي تشهد فيها المنطقة تطوراً إيجابياً بين بعض دول المنطقة مع الصين وروسيا، وعدم تجاوبها في الوقوف مع واشنطن في حربها ضد روسيا وفي تهديدها بشن حرب على الصين، لا يهدف إلا إلى محاولة زيادة الردع الأميركي الحربي الذي تآكل في السنوات الأربع الماضية منذ استهداف قاعدة حربية إستراتيجية للقوات الأميركية في بغداد بعشرين صاروخاً من إيران وتجنب واشنطن الرد على هذه الضربة العسكرية الإيرانية، فمنذ ذلك الوقت اعترف الكيان الإسرائيلي بأن الردع الأميركي في المنطقة تراجعت قدراته وأن تل أبيب تخشى من مضاعفاته عليها.

ويلاحظ معظم المحللين للشؤون الاستراتيجية في الولايات المتحدة وأوروبا أن القوة الأميركية تواجه ضعفاً أمام روسيا على الجبهة الأوكرانية، تسببت درجته بتفضيل عدد من دول أوروبا اللجوء للمفاوضات لحل هذا النزاع على الساحة الأوروبية.

وحول التهديد العسكري الأميركي للصين في موضوع تايوان يوضح المقدم المتقاعد من الجيش الأميركي دانيال ديفيس، والمختص في قسم «تحديد الأولويات في وزارة الدفاع الأميركية» سابقاً في تحليل نشره في مجلة «أنتي وور» في 24 من شهر تموز الماضي أن «القتال الأميركي ضد الجيش الصين سيؤدي إلى شلل القوة الأميركية وزيادة ضعفها، وإضافة إلى هذه النتيجة لا يوجد عند الأميركيين مبرر يجعلهم يتحملون حرباً كهذه ضد الصين من أجل تايوان».

وفي مجمل هذه التطورات في أوروبا وأوكرانيا وفي آسيا وموضوع تايوان، يرى معظم المتابعين للتطورات العالمية أن واشنطن عجزت عن المحافظة على قدرة الردع الحاسمة في مناطق كثيرة، وبدأت القوى المناهضة لها بتهديد نفوذها وبتحدي قوتها الحربية فهذا ما تدل عليه العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتراجع قدرة الحلف الأطلسي عن منع نتائجها الميدانية على الأرض الأوكرانية وتغييرها لميزان القوى لمصلحة القوة الروسية في البحر الأسود وفي أوروبا.

وفي آسيا أصبحت الصين وحلفاؤها وفي مقدمهم كوريا الشمالية النووية يزيدون من درجة قدرة الردع، بينما تشهد واشنطن اتساع العلاقات الصينية مع دول كثيرة في الشرق الأوسط وفي إفريقيا وخاصة بعد قمة دول البريكس في جنوب إفريقيا، ويلاحظ الجميع أن توسيع معسكر البريكس بدول ست أخرى وجه ضربة قوية للقوى الغربية وزاد من قدرة الردع الصينية والروسية على جبهتي أوروبا وآسيا بشكل خاص.

Exit mobile version