Site icon صحيفة الوطن

الموساد والأخطار على مستقبل الكيان

في المؤتمر السنوي الذي اعتاد على عقده ما يسمى «مركز هيرتسيليا للأبحاث الإستراتيجية» وتحول اسمه إلى «معهد جامعة رايخمان للأمن والأبحاث الإستراتيجية» ألقى رئيس «منظمة التجسس الإسرائيلية والمهام السرية – الموساد» ديفيد بارنيع محاضرة ضمن البرنامج المعد، أول من أمس الأحد في العاشر من شهر أيلول الجاري أكد فيها «وجود مخاوف إسرائيلية من قيام روسيا بنقل أسلحة إلى إيران تزيد من الأخطار التي تهدد حاضر إسرائيل ومستقبلها»، وأضاف: «يجب علينا أن ندرك أن شعور إيران المفرط بقوتها وأمنها يزداد نتيجة الدعم الروسي العسكري ونتيجة لما تقدمه إيران لروسيا من الطائرات المسيرة، وقد علمنا أن إيران تنوي شراء صواريخ روسية قصيرة المدى وبعيدة المدى»، وحذر من تزايد شعور إيران بثقتها بقوتها العسكرية ومن مضاعفاته على الوجود الإسرائيلي.

واعترف أن إيران تجاوزت مخاطر الأزمة الاجتماعية الداخلية التي حركتها التظاهرات، وتجاوزت أزمتها المالية بعد أن عقدت الصين معها صفقات تعوضها عن جزء كبير مما تحتاجه لميزانياتها ونفقاتها ودعمها للمنظمات الفلسطينية.

ولا شك أن ما قدمه بارنيع في هذه المحاضرة، يدل على شعور إسرائيلي بتراجع القدرة العسكرية الإسرائيلية أمام إيران ومحور المقاومة، فاستمرار هذه المخاوف وعدم قدرة إسرائيل على تجاهل تأثيرها أو التغلب على ما تفرضه من صعوبات في مواجهة إيران، يهدد وجود الكيان، ولا أحد يشك أن التطورات الإقليمية في المنطقة ومنها زيادة قدرة الردع التي شكلها محور المقاومة بعد انتصار سورية وحلفائها على الحرب التي شنت عليها طوال عشر سنوات، أصبحت هي التي سترسم تدريجياً مستقبل شعوب ودول المنطقة وبخاصة بعد تزايد قدرة الردع الصينية على المستوى العالمي وعلى مستوى دور الصين وصلاتها المتزايدة في المنطقة، فالكيان الإسرائيلي لم يعد يمثل قوة إقليمية كبرى لتنفيذ سياساته العدوانية التوسعية، وهو يفقد يوماً تلو آخر ثقة المستوطنين فيه وثقة الولايات المتحدة بقدرته على تحقيق وظيفته، ولا شك أن الصفعة التي وجهها الشعب الليبي للكيان الإسرائيلي وللولايات المتحدة بعد الكشف عن اللقاء بين وزيرة الخارجية الليبية ونظيرها الإسرائيلي، شكل هزيمة صارخة للخطط التي يحاول تنفيذها في سياسته الخارجية لشق الصف بين دول المنطقة.

بالمقابل يعترف الإسرائيليون أن الشعب الفلسطيني لم تثنه اتفاقات أوسلو عن تصعيد عملياته المسلحة ضد الجيش والمستوطنين في داخل الأراضي المحتلة، وهذا ما تسبب بمقتل 1450 إسرائيلياً في السنوات الخمس عشرة الأولى من «عهد أوسلو»، بموجب ما ذكره الصحفي الإسرائيلي أراز تيدمور في مقال في صحيفة «يسرائيل هايوم» بتاريخ 13 أيلول عام 2018، ولم يذكر آلاف الجرحى الذين أصيبوا في هذه العمليات لكنه اعترف أن الاجتياح العسكري الذي قام به رئيس وزراء الكيان الأسبق أريئيل شارون للمدن والقرى في الضفة الغربية عام 2002 واجهته المجموعات الفلسطينية المسلحة وقتلت خلاله 450 إسرائيلياً في يومين فقط، ناهيك عن إصابة المئات من الجنود بجراح، وهذا الثمن من القتلى والجرحى لم يدفعه الجيش الإسرائيلي في الاجتياح العسكري الذي قادة شارون كوزير للدفاع للبنان عام 1982، وما زال الشعب الفلسطيني ينشر المزيد من المجموعات الفدائية التي تحقق الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي والمستوطنين المسلحين وهذا ما جعل المؤرخ العسكري في جيش الكيان والموجه الأكاديمي في هيئة الأركان ياغيل هانكين وضع دراسة موسعة بعنوان «الثمن الباهظ الذي دفعناه من دمائنا بعد أوسلو»، يكشف فيه أن إسرائيل لم تكن تدرك أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة سيولدون كل هذه المقاومة طوال فترة أوسلو، ولم تتوقع أن ينخرط في صفوف المقاومة والعمليات المسلحة عدد كبير من الشبان ويوقعون الهزيمة باجتياح شارون في عام 2002، بل إن هذه المقاومة فرضت على شارون الانسحاب من دون قيد أو شرط من قطاع غزة ونزع المستوطنات بعد ثلاث سنوات من اجتياحه وارتكابه مذبحة في جنين ومخيماتها.

هذه النتائج فرضتها مقاومة الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة ولم تتوقف، وإن تقطعت بين فترة وأخرى، بل ها نحن نراها تزيد على يد جيل ما بعد مرحلة هزيمة شارون في عام 2002 في الضفة الغربية وفي عام 2005 في قطاع غزة، وها هي تتسع لتشمل كل مدن وقرى الضفة الغربية ومدينة القدس وتواصل تكبيد جيش الاحتلال والمستوطنين المسلحين الخسائر البشرية.

Exit mobile version