Site icon صحيفة الوطن

حفاوة شرقية دعماً لسورية

لعل دعوة جمهورية الصين الشعبية للرئيس بشار الأسد لزيارتها وإرسال طائرة رئاسية له للقيام بهذه الزيارة التي بدأت يوم الخميس الماضي، تعد حفاوة شرقية كبرى بسورية، وخطوة كبيرة جداً إلى الأمام تتجاوز دعوات وإلحاح وإصرار كثير من الحريصين على حياة معيشية أفضل واقتصاد أقوى من خلال الدعوة إلى التوجه شرقاً.

نعم كنا نتمنى أن تنجز خطوات عبر التوجه شرقاً والتعاون مع الدول الشرقية على صعيدي الاستيراد والتصدير وإعادة البناء، وكنا نرى أن العلاقة مع تلك الدول الصديقة والحليفة، تكتنز الكثير من الصدق والنزاهة والإخلاص، ما يوفر على اقتصادنا مبالغ ضخمة، وينأى بنا عن تداعيات الحصار.

وفوجئنا بالشرق الكبير مجسداً بجمهورية الصين الشعبية ذات ثاني اقتصاد في العالم، ينجز مبادرة كبرى غير مسبوقة في العلاقات الدولية معبراً عن حفاوة شرقية بالغة بسورية.

ومن دون شك هناك معان كثيرة لهذه المبادرة، جرى التعبير عنها في البيان المشترك الصادر في أعقاب لقاء القمة بين الرئيسين السوري بشار الأسد والصيني شي جين بينغ، لعل أهمها التوقيع على الشراكة الإستراتيجية للدفع بالتعاون الودي في كل المجالات على نحو شامل بما يخدم شعب البلدين بشكل أفضل.

كلنا يعرف أن الصداقة السورية الصينية قديمة (67) سنة، ودخلت امتحانات كثيرة خرجت منها بنجاح باهر على صعيدي الأمانة والوفاء مجسدة المأثور الشعبي البديع: الصديق عند الضيق.

وقفت الصين الشعبية معنا ضد الحرب الجائرة علينا، واستخدمت حق النقض الفيتو في مجلس الأمن 13 مرة وحدها أو بالمشاركة مع الحليف الروسي الموثوق، لحمايتنا من اعتداءات مدفوعة بالافتراء والأكاذيب والكيدية، كان يمكن أن تنزل بنا أفدح الخسائر البشرية والمادية.

وإذ نعنى هنا بالنتائج الاقتصادية، لتلك القمة السورية- الصينية، فإننا نأخذ بعين النظر واقعنا السوري الاقتصادي، المتعطش إلى الكهرباء، وإعادة تشغيل مصانعنا الكبرى المدمرة أو المحتاجة إلى الترميم وخطوط إنتاج جديدة، ولاسيما مصانع الجرارات والإطارات والبطاريات والغزل والنسيج والأدوات الكهربائية، وحياتنا المعيشية التواقة إلى إنتاج زراعي أغزر بشقيه النباتي والحيواني، عبر توفير احتياجات هذا الإنتاج من الأسمدة والأعلاف والآليات الزراعية….. الخ، وتوقنا إلى حلول عملية تعيد دوران عجلة الحياة، وتتيح للأجيال الجديدة العمل والسكن وبناء أسرة، ما يتطلب البدء بأسرع وقت ممكن بإعادة بناء ما هدمته الحرب الظالمة على سورية من منازل ومدارس ومؤسسات متنوعة، وطرقات وسكك حديدية…. الخ. ، وهنا نجد في البيان ما ينص على عمل سورية والصين الشعبية يداً بيد على بناء: الحزام والطريق بجودة عالية.

ومبادرة الحزام والطريق رأت النور في العام 2013، وهي مبادرة صينية إنسانية تنموية، تربط ثلاث قارات (آسيا وأوروبا وإفريقيا) بممرات تجتاز 70 بلداً واستناداً إلى دراسة دولية فإن هذه المبادرة ستخرج 32مليون إنسان من دائرة الفقر، وستعزز التجارة العالمية بنسبة تصل إلى 9,7 بالمئة للاقتصادات الواقعة على امتداد الممرات، وستزيد الدخل العالمي 2,9 بالمئة وسترفع الاستثمارات الأجنبية في الاقتصادات المنخفضة الدخل إلى نسبة 7,6 بالمئة.

صحيح ومنطقي جداً أن اتفاق الشراكة الإستراتيجية بين سورية والصين، ليس له فعل السحر ولن يغير الوقائع الاقتصادية السورية فوراً وخلال أسابيع، لكنه بما حظي به من حفاوة واهتمام، وبالنظر إلى الظروف المحيطة به، ومنها ازدياد حدة الهجمة على سورية ولاسيما على الجبهة الاقتصادية، وإشغال الحليف الروسي إلى حد كبير بحرب استنزاف، تغذيها أربعون دولة على الأقل، من ضمنها دول حلف الناتو، فإن هذا الاتفاق مع الأصدقاء الصينيين، المعروفين بالانضباط الدقيق والالتزام بالقوانين بشدة، سيشكل إغناء للبنى التحتية الإنتاجية التي تنجز الآن في سورية، مثل محطات توليد الكهرباء التقليدية والمتجددة، ومشاريع مياه الشرب، ومصانع الأدوية، وسيغير تباعاً حالتنا المعيشية نحو الأفضل.

لدينا تجارب كثيرة مع الأصدقاء الصينيين، من أشهرها أنه عندما انهار الاتحاد السوفييتي لم نجد من ينتج لنا العنفات الكهرمائية الضخمة المصممة سوفيتياً لسد تشرين، المنجز إنشائياً آنذاك (بداية التسعينيات) سوى الصين، وقد أنجزت العمل بمهارة فائقة.

Exit mobile version