Site icon صحيفة الوطن

مع قرب ذكرى انتصارات تشرين.. التعاون العربي- السوري في ضوء التحديات العالمية

مع متابعة تفاصيل التعاون السوري- المصري في حرب تشرين وتداول المنصات الإعلامية الإسرائيلية له في الذكرى الخمسين للحرب يمكن الوصول إلى بعض الاستنتاجات ومنها:

1- حرص إسرائيل على الاعتراف بأن دخول الجيش السوري في الحرب على الجبهة الشمالية والمصري على الجبهة الجنوبية أصابها بالخلل والارتباك.

2- حجم الانتصارات السورية في بدايات الحرب كان رائعاً، وهو ما عبر عنه فيلم «جولدا» الأخير الذي يقص ويلقي الضوء على الانتصارات السورية المتميزة في هضبة الجولان.

3- اعترف الفيلم بأن الوضع على الجبهة المصرية في أول أيام الحرب كان صعباً، ولكن الوضع على الجبهة السورية كان مدمراً وخطراً، ودفع وزير الدفاع موشيه ديان إلى طلب الاستقالة من غولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية.

4- تحليل مضمون أغلبية الصحف الإسرائيلية يوضح أنها تتحدث عما حصل على الجبهتين السورية والمصرية سواء بسواء، الأمر الذي يدفعنا لضرورة الاعتراف بـ:

أ‌- أهمية التعاون الإستراتيجي العربي المشترك في مواجهة تحديات المستقبل.

ب‌- إن التعاون العربي المشترك دائماً يصيب إسرائيل أو الغرب عموماً بالقلق، وخاصة أن له نتائج متميزة.

غير أن الحديث عن القلق الإسرائيلي الدائم من التعاون السوري مع أي طرف عربي، يجب أن يكشف لنا عن حقائق تاريخية في هذا المجال، وهي حقائق لا يمكن لأحد أن ينكرها ومنها:

1- حرص المؤسسات الإعلامية المصرية على التركيز على عرض البطولة المصرية من دون التطرق والاستغراق في عرض الدور السوري في هذه الحرب.

2- ربما يأتي هذا بسبب ما تردد عن تباين وجهات النظر العسكرية بين القيادتين المصرية والسورية بعد يوم ١٢ تشرين الأول في بعض من الأمور المتعلقة بالحرب.

3- في الأحاديث التي أجريتها مع بعض المسؤولين العسكريين المصريين، وجدت إشادة بالموقف السوري العسكري، وأتذكر أن رئيس جهاز المخابرات العامة المصري الوزير فؤاد نصار رحمه الله قال لي نصاً: إن الدور السوري لم يكن بديعاً فقط ولكنه كان رائعاً ويدرس في التعاون الأمني والعسكري بين الدول.

4- وإضافة لما سبق هناك بعض النقاط التي يفترض وضعها في الاعتبار خلال العصر الحالي ومنها، تقديم عدد من الدول العربية الدعم لجماعات تخريبية وإرهابية أضرت بالوضع في سورية.

5- استضافت هذه الدول الكثير من عناصر هذه الجماعات ممن رفعوا شعارات مثل الحرية والديمقراطية ولكنها لم تكن تهدف إلا الخراب والدمار للوطن.

6- هناك الكثير من الجماعات السياسية التي قدمت لها الدولة السورية على مر السنوات الدعم والسند والملجأ والمال، وللأسف كان ردها لهذا الإحسان هو مشاركة الجماعات التخريبية في الإساءة إلى الوطن السوري.

7- ألمح الرئيس بشار الأسد صراحة في حديثه الأخير الذي اتسم بالوضوح والشفافية مع قناة «سكاي نيوز عربية» لهذه الجماعات وخص منها مثلاً بالذكر حركة حماس.

8- كان واضحاً أن الرئيس الأسد مستاء من الموقف الذي اتخذته حماس ليس لسوء الموقف فقط، ولكنه كان مندهشاً من أن الحركة قامت بذلك بعد سنوات من الدعم والتأييد السوري لها.

9- حرص الرئيس الأسد على أن يؤكد أن أي دعم سوري لأي فصيل سواء كان فلسطينياً أم عربياً هو من أجل الحق ودعم هذا الفصيل في نضاله من أجل الاستقلال وضد الاحتلال.

مع كل ما سبق بات واضحاً أن التعاون العربي مع سورية يواجه الكثير من التحديات التي تضعها بعض الأطراف لأسباب إقليمية وسياسية لتحقيق مصالح ذاتية ضيقة بدلاً من مصالح عامة واسعة.

وأقول لله وللتاريخ إن سورية دائماً كانت مرحبة بالجميع، ولا تفرق في التعاطي بين دولة وأخرى رغم كل ما مر بها من ظروف صعبة، ومن هنا يبرز التحدي.

السؤال المحوري الآن: هل لا يزال العرب يؤمنون بالتعاون المشترك؟ خاصة في ظل التغيرات الإستراتيجية التي تعيشها المنطقة في ظل:

1- تزايد الحديث عن إمكانية التطبيع السعودي- الإسرائيلي رغم وجود حكومة يمينية متشددة في إسرائيل.

2- تداعيات الاتفاقيات الإبراهيمية للسلام بين إسرائيل من جهة وكل من الإمارات والبحرين والمغرب من جهة أخرى.

3- ومن قبل هذه التداعيات اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل، واتفاقية وادي عربة للسلام بين إسرائيل والأردن.

صراحة فإن المنطقة العربية تعيش بالفعل في أجواء من التغيرات الإستراتيجية الصعبة، وهي التغيرات التي تتواصل في ظل تغيرات يعيشها العالم بلا توقف وتنعكس على الأمة العربية التي للآسف تعيش في كثير من المشكلات بسبب السياسات التي تنتهجها العديد من الدول العربية ذاتها.

Exit mobile version