صحيح أن اللقاءات الحوارية التي تشهدها المحافظات حول أداء المجالس المحلية والسبل اللازمة للارتقاء بعملها هي مهمة وتتيح المجال أمام الجميع لتشخيص الواقع على حقيقته، لكن الصحيح والمهم أيضاً أن يكون لهذه الحوارات أثر ينعكس على أداء المجالس المحلية وأن يتحقق التفاعل المؤثر بين هذه المجالس والمجتمع المحلي. والسؤال المشروع هنا: هل هذا محقق؟ وهل يشعر المجتمع بأنهم أصحاب حق ورأي في كل ما تقره المجالس؟
اللافت أيضاً الحرص على مشاركة الإعلام في الحوار وهذا مؤشر ربما افتقدناه لزمن طويل حول الفهم الصحيح لأهمية دور الإعلام في إنجاح عمل المجالس المحلية من خلال نقل المعلومة ومشاركته ومراقبته لعمل المجالس المحلية لتطوير دورها في ممارسة صلاحياتها بالتوازي مع تعزيز الثقة مع المجتمعات لأن هذه الثقة بالتأكيد ليست بأحسن حالاتها. الأمر الآخر أن قانون الإدارة المحلية منح دور الرقابة الشعبية للإعلام وبالتالي يمكن لمثل هذه اللقاءات ألا تقتصر على نقل التقارير والتغطية الإعلامية التقليدية وإنما تشخيص الواقع ووضع التصورات اللازمة لتجاوز كل ما يعوق ذلك. وتبقى المسألة الجوهرية هي نقطة القوة في عمل مجالس الإدارة المحلية وهي ما يرتبط بآلية العمل، ونأخذ مثالاً مجلس المحافظة الذي يتوقف نجاحه في رسم الخطط ومناقشتها وإقرارها وممارسة الرقابة، إضافة إلى فاعلية وتأثير الأعضاء من خلال التوصيف الحقيقي للقضايا وإمكانية معالجتها، والتأكيد على العمل كفريق واحد عبر المتابعة لوقائع العمل وتحديد ما نفذ وما لم ينفذ والمواجهة المباشرة بين أعضاء المجلس ومديري المؤسسات والدوائر والحوار الحر الذي يهدف إلى تشخيص الظواهر السلبية في العمل والتفكير معاً لتجاوز الصعوبات وتقديم المقترحات والتصورات التي تسهم في تحسين وتطوير الواقع الخدمي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وتقويم هذا الأداء وفقاً لمعطيات ومؤشرات واضحة، وكذلك قياس وتقويم مستوى أداء مؤسسات الإدارة المحلية بكل مستوياتها وأشكالها، وهي ليست بالمستحيلة رغم أنها معقدة لكنها ممكنة ومطلوبة لمعرفة القدرة على استثمار الموارد والإمكانات المتوافرة على أكمل وجه لأن دور ومهام ومسؤوليات هذه المؤسسات والمجالس يجب ألا تقتصر على عقد اجتماعات ودورات ربعية لأعضائها فقط ثم يغيب الأعضاء عن وقائع العمل طوال الوقت، فالاجتماعات الدورية وحدها لا تكفي والمطلوب أن تكون مجالس الإدارة المحلية فاعلة ومؤثرة في وقائع الحياة اليومية للناس.