Site icon صحيفة الوطن

اغتيال «ماتي» بوساطة الشقيقات السبع!

جذب السياسي الإيطالي الشهير إنريكو ماتي الكثير من الأعداء طوال حياته، وخاصة من وصفهم بـ«الأخوات السبع»؛ وتوفي ماتي 1986 بسقوط طائرة، وسبب سقوطها قنبلة وُضعت فيها للتخلص منه، وصُنفت الحادثة بأنها جريمة اغتيال. لنعـد لما قبل أزمة النفط في سنة 1973، حيث سيطرت سبع شركات على ما يقرب من 85 بالمئة من احتياطيات النفط العالمية: (ستاندرد أويل أوف نيوجرسي- رويال داتش شل- انجلو-بيرسيان أويل كامبني- ستاندرد اويل كومباني اوف نيويورك-ستاندارد اويل اوف كاليفورنيا- جلف أويل- تكساكو).

اندمجت الشركات السبع لتشكل ثلاث شركات نفطية عـملاقة:(إكسون موبيل – شل- شيفرون). وحتى أزمة 1973، تحكمت تلك الشركات باحتياطيات النفط في جميع أنحاء العالم، وكانت تنشط في جميع قطاعات الصناعة تقريباً، بداية من أعمال التنقيب إلى الإنتاج والنقل والتوزيع والتسويق. تنافست الشركات السبع فيما بينها بشراسة لبيع نفطها، لكن في الخفاء، لم تكن كذلك على الإطلاق.

يعتقد أن الشركات السبع كانت تتوصل لتفاهمات واتفاقيات غير معلنة بعضها مع بعضها الآخر لتحقيق نظام مستقر في السوق والحفاظ على صورة الأسرة وتقريب الصفوف عندما تواجهها أي تحديات من شركات أو مؤسسات أخرى، بسبب هذا التقارب في الخفاء، ما حدا بالإيطالي إنريكو ماتي إطلاق عليها لقب «الأخوات السبع».

في سبعينيات القرن الماضي، قامت العديد من البلدان بتأميم احتياطاتها النفطية، ومنذ ذلك الحين، تحولت سيطرة الأخوات السبع إلى منظمة أوبك وشركات النفط والغاز المملوكة للدولة. وأصبحت تلك الأخوات اليوم لا تهيمن إلا على 7 بالمئة فقط من احتياطيات النفط، أما معظم النسبة الباقية، فهي في أيدي الشركات المملوكة للدول.

والآن نصل لسؤالنا: ما الشيء المشترك بين: معاجين الأسنان والكاميرا والحاسب الآلي وعجلات السيارات وعدسات العين والأطراف الصناعية؟

إنـّه النفط؛ وهنا نعـرف لماذا يحتاج العالم للمزيد منه، فإن اختفى اليوم فسنفتقد العديد من السلع والخدمات المهمة التي يعتمد إنتاجها عليه أو إحدى المواد المشتقة منه. فعلى سبيل المثال، اختفاء النفط قد يؤدي إلى وقف حركة النقل وتجمُّد المنازل وانهيار في سلاسل الإمدادات وارتفاع معدلات فقر الطاقة.

ولطالما «طنطنت» دول الغـرب كاذبةً وهي الطامعـة بنفط العـرب؛ حول عـدم أهميته الإستراتيجية؛ وحول وجود بدائل أفضل!

في حين أكد تقرير الطاقة العالمي المنشور مؤخراً من معهد الطاقة في بريطانيا أن الوقود الأحفوري بأنواعه سيمثل 82 في المئة من الطاقة في العالم، وهذا مشابه لتوقعات تقرير «منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)» الذي ينظر إلى مستقبل الطاقـة.

لماذا إذاً يتم تجاهل النفط والغاز في النقاشات التي تدور حول تحسين مستوى المعيشة ودعم الاستقرار والنمو الاقتصادي والأمن الغـذائي، إضافة إلى جهود القطاع في تطوير التقنيات وأفضل السبل لخفض الانبعاثات؟ إن قضية التغير المناخي قضية مهمة للغاية، ولكن أهميتها لا تتعارض مع أهمية القضايا الأخرى، مثل تلبية النمو العالمي المتصاعد للطاقة.

يشير أمين عـام أوبك إلى أنه على العكس تماماً، فعلى العالم أن يعمل معاً على خفض الانبعاثات، وضمان توفر جميع المنتجات والخدمات المطلوبة من أجل العيش بشكٍل مريح. ومن أجل التوصل لهذه الأهداف، قام أعضاء «أوبك» بالاستثمار لتطوير قدرات قطاع التنقيب والاستخراج وقطاع التكرير والتصنيع، وحشد التقنيات النظيفة لخفض الانبعاثات الناتجة من عمليات القطاع النفطي. كما يتم الاستثمار في الطاقة المتجددة والهيدروجين وتقنية التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.

لنأخذ السيارات الكهربائية على سبيل المثال؛ فعلى الرغم من أن سيارة «تويوتا بريوس» أصبحت أعلى السيارات الكهربائية الهجينة إنتاجاً على مستوى العالم في أواخر التسعينيات؛ فقد أشارت دراسات الرابطة الوطنية لتجار السيارات الأميركية إلى أن السيارات الهجينة والسيارات الهجينة القابلة للشحن الخارجي والسيارات التي تعمل بالبطاريات لا تمثل سوى 12.3 بالمئة من العدد الكلي في الولايات المتحدة عام 2022.

في حين أن الشعبية المتزايدة للسيارات الكهربائية أمر لا جدال فيه؛ فلا بد من التنويه بأن إجمالي مبيعات السيارات التي تعمل بالبطاريات لاتشكل سوى 19 بالمئة من إجمالي مبيعات السيارات بالصين. كما أن مبيعات سيارات البنزين والديزل في الاتحاد الأوروبي لا تمثَّل أكثر من نصف إجمالي مبيعات السيارات مؤخراً.

إنَّ عدد سكان العالم في تزايد مستمر، حيث إنه من المتوقَّع أن يزداد عدد سكان العالم بمعدل 1.6 مليار نسمة خلال الفترة الزمنية للبحث التي ستنتهي في عام 2045، كما أشارت الأمم المتحدة إلى أنه من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 10.4 مليارات نسمة بحلول عام 2100.

وهؤلاء ستزيد حاجاتهم (وبالتالي المزيد من الاعـتماد عـلى النفط)؛ مثلاً عندما يتعلق الأمر بقطاع النقل فليس من الإنصاف تجاهل اعتماد ملايين البشر حول العالم على النفط في الوقت الحالي وفي المستقبل، هذه القضية تزداد أهمية عند اقترانها بمسألة الاستثمارات اللازمة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، وخفض الانبعاثات بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية.

Exit mobile version