Site icon صحيفة الوطن

سقوط «المهنية» الغربية

تضج وسائل الإعلام الغربية وما لف لفيفها من منظومات الإعلام العربي المتشابك معها، بأخبار «الرهائن» الصهاينة التي احتجزتهم المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول الماضي ضمن ملحمة «طوفان الأقصى»، على حين لا تأتي هذه الوسائل على ذكر تفاصيل ما نتج عن آلة القتل الهمجية الصهيونية التي أسفرت حتى الآن عن 40 ألفاً من أبناء الشعب العربي الفلسطيني بين شهيد وجريح جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى والعاجزين.

هذه الحالة الغربية في التعاطي الإعلامي الغربي مع ما يجري في غزة ليست جديدة ولا غريبة وطبقت في العديد من الأحداث العالمية وأبرزها في سورية حين شوهت وسائل الإعلام الغربية الحقائق وكذبت وضللت بل اختلقت أحداثاً بصنع مجسمات مدن سورية وعملت بأفظع الأساليب منسلخة انسلاخاً كاملاً عن كل معاني الحياد والمهنية ومتجاوزة كل حدود الموضوعية.

عمل الإعلام الغربي بكل إمكانياته وسعة انتشاره وما يمتلكه من تكنولوجيا وأدوات على قلب الحقائق ومحاولة إظهار الكيان الصهيوني على أنه الضحية، والشعب الفلسطيني على أنه المعتدي، فحرف العناوين الرئيسية واجتزأ العناوين الفرعية، وهذا يبدو جليّا من خلال المصطلحات والعبارات وتقييد البيانات والصور ومراقبتها وترتيب الأولويات، من منظور أن الطّرف الإسرائيلي له الحقّ في الدّفاع عن نفسه وأن هذا القتل والتدمير الممنهج عبارة عن ردة فعل، على حين عندما تتحدث بعض الوسائل الإعلامية الكبرى العالمية عمّا قامت به المقاومة الفلسطينية تصوّره على أنه عمل إرهابي، وعمل عسكري غير قانوني وغير شرعي.

امتحان آخر تسقط فيه وسائل الإعلام الغربية من جهة المهنية والموضوعية الإعلامية خدمة لإسرائيل وشرعنة إجرامها ضد شعب بأكمله ممنوع عليه أن يقاوم، وأي متابع لأبرز وسائل الإعلام الغربيّة التقليديّة يرى الانحياز المطلق في التعاطي مع الضحايا من الجانبين حيث تعطى مساحات وفترات بث مباشر وتحليلات ومقالات وتقارير مصوّرة عما يسمى «ضحايا إسرائيليين» تتحدّث عما أسموه معاناتهم خلال «عملية طوفان الأقصى»، عن قلق أقاربهم عليهم، وعن حالتهم الصحيّة والنفسيّة، وحالة عائلاتهم، بينما تقدم الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا بفعل العدوان الهمجي الصهيوني على القطاع المحاصر على أنهم أرقام ونادراً مع أسماء وصور، وإذا أوردت التقارير شيئاً عنهم يكون باختصار شديد مع ضرورة التذكير بأنّهم ضحايا لأن المقاومة تحكمهم وهي بنظرهم إرهابية.

بات الإعلام الغربي أداة قتل وتضليل وتزوير يعمل على التحريض واختلاق الأكاذيب لتحقيق الأجندات المعادية للشعوب من سيطرة فكرية وغزو ثقافي يمعن في السيطرة على العقول وتوجيهها خارج السياق الإنساني، لذلك يجب على الشعوب الحرة والمستقلة التحصن ضد هذا التضليل بالوعي والفكر والثقافة.

Exit mobile version