Site icon صحيفة الوطن

طريقة ناجعة للخلاص المعيشي

نبحث عن بصيص أمل للعبور إلى واقع معيشي أفضل، في وقت بلغ فيه السيل الزبى وطفح الكيل معيشياً، إذ الغلاء الفاحش يستفحل، ورفع الأسعار لم يعد وقفاً على الأسواق الخاصة، ففي كل يوم تقريباً تفاجئنا الحكومة عبر وزاراتها المختلفة بزيادات على أسعار سلع تنتجها أو تستوردها وأجور خدمات تقدمها، معتمدة أنها ضاعفت الرواتب والأجور، علماً أن تلك المضاعفة كانت مطلوبة لسد جزء من الفجوة الكبيرة سابقاً- بين الأجور والأسعار، وما حدث الآن أن الهوة اتسعت أكثر ووصلت حد اللامعقول في حياة ذوي الدخل المحدود ومن لا يعملون ويعيشون على إعانات الأهل أو الجمعيات الخيرية.

وكمتابع للحالة المعيشية ومهتم بالبحث عن حلول، تلقفت خبر محاضرة في المركز الثقافي العربي في دمشق (أبو رمانة) للدكتور سليمان موصلي نائب مدير سوق دمشق للأوراق المالية عن الدور التنموي لتلك السوق.

ما من شك أن التنمية سبيلنا إلى النهوض الاقتصادي، فهي تعني امتلاك منشآت منتجة في الصناعة والزراعة، وهذا الإنتاج يؤمن فرص عمل تتيح دخلاً مالياً لعدد كبير من العاطلين عن العمل، ويلبي الاحتياجات بأسعار معقولة بما أنه وطني وبكميات كبيرة ويوفر القطع الأجنبي عبر التصدير وبهذا القطع نستورد احتياجاتنا الضرورية التي لا ننتجها محلياً.

ومثلما توقعت فإن المحاضرة، قدمت شرحاً وافياً عن سوق الأوراق المالية التي بدأت عملها الفعلي في العام 2009، وأدرجت فيها حتى الآن 27 شركة واغتنت مؤخراً بأربعة إصدارات لسندات الخزينة بقيمة 502.6 مليارات ليرة سورية شكلت بديلاً آمنا للتمويل بالعجز(طباعة النقود)، بحيث لا يترتب عليه أي آثار تضخمية، بل سحبت جزءاً من الكتلة النقدية العاطلة عن العمل.

بالحديث عن التضخم المالي اقترب المحاضر من وجع ملايين السوريين مع الغلاء، إذ أفقد التضخم عملتنا جزءاً كبيراً من قدرتها الشرائية ووصلت نسبته هذه السنة إلى 79 بالمئة، وكان في العام الماضي 74 بالمئة.

تضخم تراكمي، جعل مؤسسات حماية المستهلك تبيع كيلوغرام لحم العجل بـ110 آلاف ليرة سورية..!!. وكانت حتى وقت قريب تبيعه بستين ألف ليرة سورية، وثمة من يرى أن هذا الغلاء محصلة لافتقارنا إلى العجول والأغنام والدجاج.

وهذا صحيح إذ كانت سورية تملك مليون بقرة، انخفض العدد إلى نصف مليون بسبب الحرب وتداعياتها، وكانت تملك 15مليون رأس غنم انخفض الرقم إلى 7ملايين.

وهكذا في الصناعة (إسمنت، سماد، حديد، جرارات) وفي الخدمات وأبرزها النقل داخل المدن وإلى الأرياف، وبين المحافظات.

ولئن كنت تاريخياً مقتنعاً أن بإمكاننا زيادة إنتاجنا ومضاعفته عدة مرات بامتلاك منشآت مساهمة، تبنى بأموال الشعب بمختلف فئاته (على قاعدة الحمل على الجماعة خفيف)، فإن المعلومات التي قدمها المحاضر رسخت قناعتي تلك ولاسيما بعد صدور قوانين جديدة للعمل التشاركي وقدرة سوق الأوراق على حماية الأسهم وجعلها رابحة أكثر من نسبة التضخم وأضعاف أضعاف الفائدة المصرفية.

قدم أمثلة عن ربح بنسبة 70 بالمئة في السنة، معترفاً بأن أخطاء الماضي يجب ألا تتحول إلى شماعة فما فات مات، والوضع اليوم مختلف في ظل قوانين استثمار جديدة.

سألته: من يتبنى تأسيس تلك الشركات التي تنتج وتخدم..؟ أحال السؤال إلى عراب المحاضرة ومحاوره السيد محمد حلاق بصفته عضو مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية وصاحب باع طويل في غرف التجارة والصناعة التي يرى المحاضر أنها الأداة لتأسيس هذه الشركات. رمى الكرة في ملعبهم وكان الجواب:ابتسامة مبهمة.

أرى وضع النقاط على الحروف: نحتاج إلى شركات مساهمة تتبناها مؤسسات كبرى حكومية أو خاصة، تقوى على تحفيز الناس على المشاركة فيها لحل مشاكلهم على الجانبين المباشر وغير المباشر.

لعلنا بحاجة إلى محاضرات عديدة تضيء هذه الإجابة الجوهرية: من يؤسس؟ ومن يقود؟ ومن يدير شركات مساهمة بأموال الناس؟ تستورد العجول وتبني حظائر تسمين الأغنام من جديد وتوسع المداجن الحكومية، وتعيد تشغيل مصانع الجرارات والحديد الصلب والإطارات.. الخ. وأميل إلى الاعتقاد أنه يجب على المؤسسات الحكومية أن تضطلع بهذا الدور الإنقاذي بأسرع وقت ممكن. يجب أن يعمل الوزراء والمديرون بحماسة وطنية مذهلة للنجاح على هذا المسار.

Exit mobile version