Site icon صحيفة الوطن

توقيت خاطئ لقرار صائب

يبدو أن حكومتنا باتت تستمتع بمفاجئتنا، فبعد اعتياد وزارة التموين على مدى سنوات استصدار قرارات رفع الأسعار قرب منتصف الليل، لتتحول بعد ذلك وزارات أخرى إلى السرية في القرارات، محاولة مفاجئة المواطن بالقرار عند محاولة حصوله على الخدمة، وهذا حال رسم الطابع الذي جهدت المالية عدم الإعلان عنه، وإن كان من الممكن ألا يكون الأول إلا أنه أول ما تم اكتشافه في عامنا الجاري.

الأمر الذي -على ما يبدو- لقي استحسان وزارة الصحة التي حبذت مفاجأتنا بقرارات رفع الأسعار عند دفعنا لسعر الدواء، وتبعتها بذلك وزارة التربية التي عممت فجأة بالتزامن مع إعلان وزيرها لإلغاء الدورة التكميلية قراراها بأن تصبح الامتحانات للثانويّة العامّة والثانويّة الشرعيّة والثانويّة المهنيّة مؤتمتة!

لكل مفاجئة من مفاجآت وزارتنا وقع مؤلم على مكونات مجتمعنا، إلا أن الأكثر إيلاماً أن تستهدف هذه المرة المكون الأجمل فينا وزهرة مستقبلنا، الذي بات ليله يقلب الكفين ويبكي على ما أضاعه من أشهر في التحضير للامتحانات القادمة.

السادة في وزارة التربية بعيداً عن كل المبررات التي وإن سلّمنا أنها صحيحة وتصب في مصلحة الطلبة وتؤمن العدالة لهم، إلا أن الأكثر عدلاً أن تكون هذه القرارات قد جاءت مع بداية العام الدراسي، أو أن يتم العمل بها مطلع العام القادم.

حقيقة وصلني بالأمس تساؤلات حائرة من طلاب أعرف بيقين بذلهم كل الجهد للحصول على درجات عالية تمكنهم تحقيق أحلامهم بالحصول على مقعدهم في كلية الطب أو في الهندسة المعلوماتية أو غيرها واليوم سمعت تذمراً وسخطاً من أولياء أمور آخرين، وجميعهم اتفقوا على أنه إلى جانب ضعف الأداء من بعض المدرسين، تسبب قرار تغير نمط الأسئلة بضياع أشهر من الدراسة أدراج الرياح.

ربما كان على وزارة التربية الاكتفاء هذا العام بالروائز التي تعمل عليها لتقويم العملية التربوية والوصول بها إلى المأمول.

ومن باب الإنصاف فإن ما تم نقله عن وزير التربية في لقائه عن العمل على إصدار تشريع للمحاسبة الشديدة لمن يسهلون عملية الغش الامتحاني، هو إلى جانب أولويته مهم وخاصة في واقع ما يتم تداوله خلال فترة الامتحان من تصرفات أفرزتها ظروف الحرب التي مرت على البلاد من تساهل وتسهيل في بعض الأحيان لعمليات الغش.

مع ضرورة أن يتم في الوقت نفسه العمل على تأمين تعويض يتناسب مع جهد المراقبين والمتطلبات المعيشية لحضهم على القيام بعملهم بصورة أمينة، والحال ذاته ينطبق على المصححين الذين من الضروري عدم الاكتفاء بما تم تقديمه مؤخراً لهم وبذل الجهود لزيادة تعويضاتهم بما يتناسب مع جهودهم، بعد ذلك يمكن وضع العقوبات الرادعة للمتهاون بعملية التصحيح والتي من شأنها أن تدمر مستقبل فلذات أكبادنا.

بعد كل ذلك فإن الأكثر إيلاماً هو أنه لم يأت على خاطر أي ممن تواصلت معهم ليأسهم حتى من طلب أن تغير الوزارة رأيها، وإيمانهم أن حكوماتنا لا تهتم لرغباتنا، ورغم ذلك، أتمنى على وزارة التربية وإن كانت قراراتها صائبة أن تقوم على أقل تقدير بتأجيل البدء بنظام أتمتة الأسئلة، وأن يتم البدء بها مطلع العام القادم بعد تقديم التدريب والتأهيل اللازمين للمدرسين للتعامل مع هذا النظام، وأن تنظر بعين العطف لفلذات قلوبنا.

Exit mobile version