Site icon صحيفة الوطن

هل تدق طبول الحرب بين مصر وإسرائيل؟

ظهيرة يوم السبت الموافق الثالث والعشرين من كانون الأول الجاري كشفت شبكة «قدس» الإخبارية عن تبادل الرسائل العسكرية بين مصر وإسرائيل، وهي الرسائل التي كان مفادها 3 أركان رئيسة:

1- أبلغت إسرائيل مصر نيتها احتلال منطقة الحدود في محور «فيلادلفيا» وطلبت من الجنود المصريين إخلاء الحدود.

2- أخبرت إسرائيل مصر أنها غير مسؤولة عن سلامة أي جندي مصري خلال محاولتها احتلال الحدود.

3- العملية العسكرية في المنطقة مستمرة سواء قبلت مصر أو رفضت.

التقديرات الأولية تفرض شكوكاً في مصداقية هذه الرسالة لعدة أسباب ومنها:

أ‌- اللغة المستخدمة في هذه النصوص لا تستخدمها مصر وإسرائيل في التخاطب العسكري.

ب‌- توجد قنوات تواصل إستراتيجية مصرية وإسرائيلية للتباحث المشترك فيما بينهما.

ت‌- السفارة المصرية في إسرائيل تمارس عملها بصورة اعتيادية، ومن الممكن إبلاغ مصر بأي رسالة سياسية أو أمنية مباشرة دون الحاجة لهذا الأسلوب في التخاطب.

ومع إنكار بعض من الدوائر لمصداقية هذه الرسالة تعززت في المقابل فرضية المصداقية لهذه الرسالة بسبب:

1- تداول وسائل الإعلام الإسرائيلية لها ومنها «القناة 12» التي عرضتها على الهواء.

2- بعض من الصحف الإسرائيلية نقلت تفاصيل الرسالة ونشرتها.

3- بات من الواضح أن الرسالة تمثل فصلاً من فصول برودة العلاقات بين مصر وإسرائيل.

غير أن ما جرى تداوله من معلومات تتعلق بوجود عملية عسكرية إسرائيلية في رفح عززته بعض من الفرضيات ومنها:

1- إن إسرائيل بالفعل سبق أن قامت بضرب منطقة معبر رفح الحدودية، ولكنها اعتذرت عن ذلك.

2- ضربت إسرائيل منطقة معبر كرم أبو سالم أو كيرم شالوم، وهو ما أسفر عن استشهاد عدد من العاملين بالمعبر بالفعل.

3- أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانييل هغاري من قبل أن العملية العسكرية الإسرائيلية ستصل إلى منطقة رفح وخاصة في ظل التطورات الحالية.

حديث هغاري الذي يشير إلى تواصل العمليات حتى منطقة رفح، نابع من خطة أمنية إسرائيلية تحاول ترويجها، وهي على خلاف الواقع، بأن حركة حماس بقيادة يحيى السنوار هي من تدفع بالمدنيين الفلسطينيين إلى المنطقة الحدودية مع مصر، وليس جيش الاحتلال، من أجل الضغط على مصر بقوة لتهجير الفلسطينيين وسط مزاعم بأن بعضاً من قيادات حماس الذين أشرفوا على عملية «طوفان الأقصى» في السـابع من تشـرين الأول في غـلاف غـزة، يسعون إلى الهروب وسط السـكان، ما يزيد من حساسـية الوضع على الأرض وخاصة مع رغبة إسرائيل في تصفيتهـم والقضاء عليهم!

ومما سبق بات من الواضح أن فرضيات المواجهة مع عناصر حماس على أرض رفح الحدودية مع مصر باتت مسألة وقت، في ظل تواصل الحرب، ما يفسر السعي المصري الحثيث حالياً إلى وقف القتال بأي صورة قبل تصاعده وإحراج مصر بضربات يمكن أن تصل بصورة أو بأخرى إلى عمق أراضيها.

تعرف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية دقة الوضع في مصر، والأزمات التي يعاني منها الاقتصاد حالياً، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وكساد الموسم السياحي بصورة شبه تامة، وتواصل الأزمة الاقتصادية بلا حل جذري حتى الآن، بالتالي فإن تداعيات قيام أي تصعيد من أي جانب بين مصر وإسرائيل مستحيلة لدى الطرفين بسبب:

1- تعرف إسرائيل أهمية الموقف المصري حتى مع تغيّر التاريخ والظروف.

2- تعرف مصر أن ثمن الحرب باهظ ولا يمكن أن تتكبده الآن.

3- لن تقبل الولايات المتحدة ولا العالم، اندلاع هذه الحرب، ما يزيد من ضمانات التهدئة.

مع كل ما سبق، بات من الضروري إيجاد مخرج لما أعلنته إسرائيل من أهدافها من هذه الحرب والمتمثل في: إعادة جميع الرهائن الإسرائيليين من قطاع غزة، وتسليم القائمين على عملية «طوفان الأقصى» لإسرائيل أو لأي طرف إقليمي أو دولي تمهيداً لمحاكمتهم، وإنهاء حكم حركة حماس في غزة تماماً واستبداله بالسلطة الوطنية بعد ذلك.

وبالتالي فإن المصلحة الإستراتيجية الإسرائيلية العليا ومعها أيضاً المصلحة المصرية، لا تتفق مع خيار الحرب، رغم تزايد دعوات المقاطعة في مصر، وتصاعد الحديث عن إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، بصورة لافتة في بعض من الدوائر، وهو ما رصدته إسرائيل ودوائرها البحثية.

عموماً كان هناك حديث متداول في الأجهزة الأمنية المصرية يشير صراحة إلى أن ما قامت به حركة حماس لن يدخل مصر في مغامرة غير محسوبة العواقب، وهو حديث صدقت عليها هيئة أمنية مصرية عليا وصدر عنها، وبات من الواضح حالياً أن الخيارات السياسية القادمة صعبة ليس فقط على إسرائيل أو مصر، ولكن على المنطقة، وهو ما يزيد من دقة التحولات ويجعل الساحة مفتوحة على مختلف الفرضيات ولكن بعيداً عن خيار الحرب.

كاتب وصحفي مصري مقيم في لندن

Exit mobile version