Site icon صحيفة الوطن

ذكريات كرة القدم السورية في عام (1) … موسم معجون بالتقلبات والفوضى والعشوائية … هل يصلح كوبر ما أفسده مرُّ السنوات؟

موسم جديد وحظ جديد في عام جديد نرجو أن يكون خيراً على كرتنا السورية في كل المجالات، ومع مطلع العام الجديد بدأ منتخبنا الأول رحلته الاستعدادية الأخيرة للنهائيات الآسيوية بلقاء قيرغيزستان في دبي وانتهى اللقاء إلى التعادل بهدف لهدف، وقد جرّب فيه المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر 22 لاعباً، فقد لعب بتشكيلة في الشوط الثاني مغايرة لتشكيلة الأول، وقد انتقد البعض هذا الأمر بقولهم: إلى متى سيبقى كوبر يجرب ومتى يصل إلى التشكيلة النهائية وخصوصاً أنه لم يبق على افتتاح البطولة إلا أيام معدودة، المباريات التجريبية ستختتم اليوم في الدوحة بلقاء ماليزيا، وسبق أن تعادلنا معها في معسكر الصين في الشهر التاسع من العام الماضي بهدفين لمثلهما.

على الصعيدين العربي والآسيوي لم يكن الموسم الماضي، موسم مسابقات أو بطولات، بل كان موسم استعداد وتجريب ومباريات ودية، وأغرق مدرب منتخبنا هيكتور كوبر المنتخب واللاعبين والجمهور بكثرة ما جرّب من أساليب وخطط ولاعبين، لدرجة أن كل الجماهير ملّت من ذلك، حتى إن البعض شكك في مقدرة هذا العجوز الأرجنتيني على إحياء منتخبنا!

التعاقد مع كوبر جرى في شباط الماضي، ورحلة الاستعداد بدأت في آذار والمباريات التي لعبناها كانت مع منتخبات تماثلنا، ولم نلعب أي مباراة قوية إلا مع منتخب اليابان وخسرنا بخماسية نظيفة، ما تؤكد هذه النتيجة أن منتخبنا (مكانك سر) وأن مثل هذه الخسارة تجرعنا مرارتها قبل سنوات دون أن نتقدم خطوة للأمام، والملاحظ أن منتخبنا في هذه المباراة لم يكن شيئاً مذكوراً فيها!

عشرة أشهر من التجريب والاختيار كافية لوضع النقاط على الحروف، وهي كافية لتوصيف المدرب الذي يفعل ما يريد ويتصرف كيفما يشأ، لأنه لم يجد الخبير المتمكن القادر على مناقشته بالأمور الفنية على الأقل، فقرار استبعاد السومة والمواس قرار فني، أي لا نقاش فيه، وقرار الاعتماد على بعض اللاعبين من الذين انتهت صلاحيتهم الكروية هو قرار فني أيضاً، ولأننا لا نملك حق المجابهة فما علينا إلا أن نقول لكوبر سمعاً وطاعة!

هذا رأي الجمهور الكروي الذي يتابع منتخبنا بحذر وترقب خشية أن يكون كل التصريحات التي يصدرها ليست إلا زوبعة في فنجان وعند أوزبكستان يكرم المدرب أو يهان!

وبالمقابل فإن أغلب الجمهور أيضاً يتمنى أن يملك كوبر العصا السحرية وأن يكون الدواء لعلاج داء منتخبنا، فلعله يصلح ما أصاب منتخبنا من آفات في السنوات القليلة الماضية.

في الفترة السابقة لم يكن الاعتراض على خسارات منتخبنا، فكل منتخب يتعرض للخسارة والمباريات الودية تحمل في نتائجها الفوز والتعادل والخسارة وهو أمر مقبول ولا غبار عليه، لكن الاعتراض كان محقاً على الأداء والمستوى الذي ظهر فيه منتخبنا وقد افتقد الهوية والشخصية الكروية.

كوبر جرّب في الأشهر الماضية أكثر من ستين لاعباً ولم يعرف منتخبنا الاستقرار حتى يومنا هذا، وقد تكون هذه ليست بالمشكلة الكبيرة لمدرب لا يعرف شيئاً عن كرتنا، لكن أن يبقى دفاعنا طوال الأشهر العشرة مهلهلاً ولا يعرف الحلول الناجعة فهو أمر غريب، والأغرب كما يقولون إن المدرب امتهن الأسلوب الدفاعي في حياته التدريبية، ونحن لا نريد هنا أن نبخس من القيمة الفنية للاعبينا المدافعين، لكن هذه حقيقة يعيها جمهورنا من خلال متابعته للاعبين في أنديتهم، لذلك كان استغرابهم فيه وجهة نظر عندما أبعد المدرب السومة وأبقى من هم دونه في المنتخب وكأن القرار لا علاقة له بالأمر الفني من قريب أو بعيد.

المشكلة التي لُمنا بها اتحاد حاتم الغايب أن نبيل معلول كان يدرب المنتخب (أون لاين) ولا يحضر إلى دمشق إلا بالمناسبات، لكن وقع بها اتحادنا الحالي مع كوبر الذي لم يحضر أيضاً هو وطاقمه الفني إلا أيام الفيفا، ونسأل: لماذا لا يقيم المدربون في دمشق؟

لدينا دائماً في الاختبارات أكثر من عشرة لاعبين محليين، ولدينا من الحراس المختارين في الأشهر العشرة السابقة خمسة أو ستة حراس، فلماذا لا تتم متابعة هؤلاء ميدانياً وإجراء بعض الحصص التدريبية لهم وسط الأسبوع.

أتمنى ما قاله عصام الحضري بتوقعاته أن منتخبنا سيصل إلى نصف النهائي أن يتحقق، ولكن كنت أتمنى أن يكون موجوداً في دمشق ليدرب الحراس وخصوصاً أن الكثير من المراقبين تحدثوا عن تراجع مستوى حراس المرمى.

وهذه حقيقة، ولا ندري ما الذي يمنع الحضري من حضوره إلى دمشق وتدريب الحراس ورفع مستواهم.

ما زالت الخبرة تنقصنا في إبرام العقود مع المدربين، وكأن هؤلاء أشطر منا، ولو أن العقود ألزمت المدربين بالحضور إلى دمشق لكان الوضع أفضل بكثير من بقائهم في ديارهم وفي جولاتهم الأخرى وهم يقبضون ثمن رفاهيتهم من خزينة كرتنا.

الاستفادة من المدربين يجب أن تكون كاملة وفوائدها ملموسة، وسابقاً اشتكى كل مدربي المنتخب الأولمبي من ضعف حراس المرمى، ولو كان الحضري حاضراً في دمشق لدرّب أكثر من عشرة حراس دفعة واحدة ولقلنا إن ما يقبضه من أجور يستحقها لأنه يجنيها من خلال عمله، أما المضحك المبكي، فإن المدرب الذي أثبت جهده وإخلاصه وأقام في ربوعنا تم صرفه لمسألة شخصية تخص أحد أعضاء الاتحاد، والمدرب هو (مارك فوته).

على العموم هو استقراء للواقع الذي نأمل أن ننتهي من كوابيسه وأن يكون العهد الجديد انطلاقاً من النهائيات الآسيوية التي نتمناها فاتحة خير لمنتخبنا ولكرتنا.

منتخبنا في عهد كوبر خاض تسع مباريات فاز في ثلاث وتعادل في مباراتين وخسر أربع مباريات.

فاز على تايلاند 3/1 وعلى الصين وكوريا الشمالية بهدف وحيد وتعادل مع ماليزيا 2/2 ومع قيرغيزستان 1/1.

وخسر أمام البحرين وفيتنام بهدف وحيد وأمام الكويت بهدفين لهدف، وأمام اليابان بخمسة أهداف نظيفة.

سجل تسعة أهداف ودخل مرماه 13 هدفاً.

التخبط والعشوائية

إذا عدنا إلى الوراء قليلاً فإن منتخبنا عاش في السنوات الأخيرة فواصل من التخبط والعشوائية دون أن يعرف الاستقرار، ويكفينا إذا تحدثنا بالأرقام لوجدنا أن منتخبنا كان عرضة للتجارب ومطية لأهل المصالح ومنذ نهاية تصفيات كأس العالم 2018 دخل منتخبنا في دوامة هذه التجارب، ولم تهتد الاتحادات المتعاقبة واللجنة المؤقتة في الوصول إلى الاستقرار أو الحلول التي ترفع من شأن المنتخب، ومن الأرقام التي نتحدث عنها بخجل أنه في السنوات الست السابقة (على سبيل المثال) أشرف على منتخبنا بحدود عشرة مدربين من مدارس مختلفة، فمن الأجانب الروماني تيتا والألماني شتانغه والأرجنتيني هيكتور كوبر، ومن العرب التونسي نبيل معلول ومن الوطنيين: فجر إبراهيم وأيمن الحكيم ونزار محروس وغسان معتوق وحسام السيد، الأرقام التي بحوزتنا تفيد بأنه تمت تجربة أكثر من مئة لاعب في هذه السنوات القليلة، لكن المخجل فعلاً أن الجميع اعتبر المنتخب بوابة للفائدة والمصلحة الشخصية والسياحة والسفر، لذلك رأينا التهافت على المنتخب كبيراً من الإداريين ومن في حكمهم من الموظفين، ووجدنا رغبة جامحة لدى أعضاء الاتحاد ليكونوا مع المنتخب في حلّه وترحاله، لذلك فإن الشأن الإداري في المنتخب كان ضعيفاً، فلم تكن الغاية من مرافقة المنتخب إلا السياحة والسفر، وهذا المرض انتشر في كل المنتخبات بلا استثناء، ومن أجل إرضاء الجميع تم اختراع تسميات كثيرة، منها: رئيس البعثة، ومدير المنتخب ومشرف المنتخب، فضلاً عن التسميات الإدارية الأخرى التي ما أنزل الله بها من سلطان!

المفهوم السائد للعمل الإداري اقتصر على تأمين الجوازات والفيز وحجز تذاكر الطيران والتجهيزات وما شابه ذلك، وهذا ليس له أي علاقة بالعمل الإداري المحترف الذي غاب عن كل منتخباتنا، لذلك فقد صال المدربون وجالوا بالمنتخب حسب أهوائهم، بل إن الكثير من اللاعبين صاروا أكبر من المنتخب ويفرضون عليه شروطهم وأفكارهم ونظرياتهم، وفي التفاصيل فقد خرج للعلن العديد من المشاكل التي دلت على ضعف القيادة وسوء العمل الإداري، ومنها شارة الكابتن، ومنها الشللية التي ظهرت بالمنتخب وغير ذلك من هذه الأمور السلبية التي تدل على أن المصلحة الشخصية كانت أهم من المصلحة العامة وأن من يدير المنتخب كانوا هواة لا يعرفون الاحتراف على مبدأ: (فاقد الشيء لا يعطيه)!

من الطبيعي أن يكون سوء العمل الإداري في طليعة الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع بمنتخبنا وباقي المنتخبات اعتباراً من المنتخب الأولمبي إلى الشباب والناشئين.

يمكننا أن نذكر أن أفضل منتخب هو منتخب تصفيات كأس العالم 2018 وكان يدربه أيمن الحكيم، والأغرب كانت الفترة التي درب فيها نزار محروس وكانت مملوءة بالخلافات لدرجة المؤامرات.

وأسوأ فترة كانت فترة حسام السيد وقد خسر منتخبنا بعهده سبع مباريات مع منتخبات ليست قوية ولم تكن بأوجها وكانت في رحلات استجمامية، والأسوأ من هذه الخسارات كانت الأفكار الكروية المشوهة التي من أجلها تأسس منتخبنا بلاعبينا المحليين.

Exit mobile version