Site icon صحيفة الوطن

دين المال

هذا عنوان كتاب لأحد منظري الاقتصاد اسمه فالنتين تاكاسونوف. لم أقرأ الكتاب، لكن تابعت لقاء شيقاً مع مؤلفه.. والفكرة الرئيسة أن علاقة الاقتصاد بالأخلاق انهارت عملياً عندما تحول الاقتصاد إلى علم، وأن آدم سميث هو أكثر رجل مسؤول عن هدم الأسس الأخلاقية للاقتصاد. وهو من أطلق تعبير «الإنسان الاقتصادي» وصفته الأساسية الأنانية، ويفكر بمصلحته فقط. بين معترضتين الآن بدأ الحديث عن مفهوم جديد هو «ما بعد الإنسان».

أكمل معكم…

الفكرة التي يطرحها الكاتب أن العلم لا دين له.. الفيزياء بلا دين.. الرياضيات بلا دين، فالقوانين هي التي تحكمها، وعندما تحول الاقتصاد إلى علم أصبح بلا دين.

تعالوا نتحول من الجانب النظري للجانب العملي ونتحدث عن دين الاقتصاد السوري.

مثل كل اقتصاد.. الفاعلون في الاقتصاد السوري هم الحكومة ورجال المال وسلوك المستهلكين.. وبغض النظر عن الترتيب أو نسبة الفاعلية بين رجال المال والحكومة في التأثير في الاقتصاد فإن سلوك المستهلك مهما كان كبيراً فهو محدود الأثر مقارنة برجال الأعمال والحكومة.

وكي لا نتحدث عن الدين باعتباره المقدس نستعيض عنه هنا بالحديث عن علاقة الاقتصاد بالأخلاق ونتابع الأخلاقيات في الاقتصاد السوري، ونبدأ من سلوكيات رجال الأعمال السوريين خلال السنوات الأخيرة، وكيف كان لهم الدور الأكبر في معاناة الاقتصاد السوري فقسم كبير منهم لم يراع الجوانب الأخلاقية الاقتصادية وهرب مع أمواله للخارج ومن ناحية اقتصادية بحتة ضمن مفهوم الإنسان الاقتصادي يبدو الأمر مشروعاً على اعتبار أن الإنسان الاقتصادي يفكر بمصلحته فقط، لكن من حيث السلوك الأخلاقي فإن الأنانية تعبير عن سلوك غير أخلاقي بالمرة.

رجال المال الذين جمعوا ثروات في الأزمة داخل البلد يعتبرون الأكثر تأثيراً في رفع الأسعار من دون مراعاة لحال الناس، ومن الملاحظ عند الجميع أن عملية التحوط التي اتخذها التجار وخاصة في تسعير سعر الصرف كانت هي السبب الأضخم في رفع الأسعار لجميع السلع.

كلمة تاجر التي كانت تعبر عن التقوى والأمانة أصبحت مرادفة الجشع والاحتكار والغش.

تعالوا ننتقل للحكومة، فما المعايير الأخلاقية التي تتبعها الحكومة في إدارة الاقتصاد وهي التي تشتري من الموظفين سلعتهم الرئيسية وهي قوة العمل بأجور تكاد لا تذكر في حين تبيعهم السلع بأسعار السوق العالمي؟

ما المعيار الأخلاقي التي تعتمد عليه الحكومة عندما يكون الراتب الجيد لا يوازي 20 بالمئة من الحد الأدنى للمعيشة؟

نأتي أخيراً لسلوك المستهلك مستعيناً بمثال معروف، حيث يتم رفع الإيجارات بطريقة لا تراعي حالة المستأجرين والضعفاء منهم على وجه الخصوص.

ولديكم أمثلة كثيرة كيف يأخذ المستهلك حصته من الجشع عندما يتحول هو نفسه إلى صاحب خدمة أو حرفة.

المال لا دين له… الاقتصاد لا دين له.. وأيضاً السياسة لا دين لها.

ليس فقط من ناحية الأخلاق، بل أيضاً من العواطف والمشاعر والتعاطف الإنساني.

إذا كانت الأخلاق سلعة فهل يشتريها أحد؟

أقوال:

– أغلب الناس يعيشون حياة يأس هادئ.

– علم الاقتصاد.. علم بائس وكئيب.

Exit mobile version