Site icon صحيفة الوطن

زيارة الرئيس الصيني لمصر تثير تفاؤل الخبراء المصريين باستعادة مصر دورها عبر التوجه شرقاً

| القاهرة – فارس رياض الجيرودي

استقبلت النخب السياسية والأكاديمية المصرية الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الصيني للقاهرة والتي أعلن فيها عن توقيع مشروعات استثمارية صينية في مصر بكثير من التفاؤل والترحاب، حيث اعتبرها البعض اعترافاً بالاستقرار السياسي في مصر بعد حالة السيولة التي شهدتها البلاد إثر ثورتي 25 يناير و30 يونيو اللتين أطاحتا بحكم الرئيسين السابقين محمد حسني مبارك والإخواني محمد مرسي، على حين وضع البعض الآخر الزيارة في إطار جهود القيادة المصرية لتصحيح الخلل الذي أصاب الدبلوماسية المصرية خلال العقود الثلاثة الأخيرة منذ توقيع اتفاق كامب ديفيد وقرار الرئيس السابق السادات التوجه غرباً وإهمال العلاقات مع الشرق وبالأخص الدول النامية التي كانت شريكة لمصر في مرحلة صعود حركات التحرر الوطنية في الخمسينيات والستينيات، ومنها الصين التي أقدمت مصر على إقامة علاقات دبلوماسية معها في مثل هذا الوقت قبل ستين عاماً على الضد من الجهود الأميركية والأوروبية التي كانت ترمي لعزلها.
وفي هذا السياق قال السفير المصري جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق: إن «زيارة الرئيس الصيني إلى مصر والتي تعتبر أكبر الدول من حيث تعداد السكان في العالم وثاني أقوى اقتصاد تؤكد أن سقف التعاون بين البلدين فوق السماء».
وأضاف: إن «الزيارة تؤكد أنه مازالت هناك فرص لتحرك مصر عالمياً لحل مشكلاتها الاقتصادية وذلك رغم الأزمات المالية والاقتصادية التي يعاني منها العالم».
كما طالب مساعد وزير الخارجية السابق السلطات المصرية بضرورة الاستفادة من خبرة الصين في اختراق الأسواق، مؤكداً أن لديها أكثر من 250 ألف دارس في أميركا فقط من أجل الانفتاح على العالم.
وأشار بيومي إلى أن الصين تحولت في فترة قصيرة من دولة يحتلها الأفيون إلى أكبر دولة مصدرة في العالم، لافتاً إلى أن مصر علاقتها جيدة بالصين منذ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
من جهته قال محمد نبوي، المتحدث باسم حركة تمرد: إن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج، تعد أول زيارة لرئيس صيني منذ 12 عاماً، مشيراً إلى أن مصر قطعت شوطاً كبيراً نحو تحقيق الاستقرار وتطوير الأداء الاقتصادي لجذب الاستثمارات.
وأضاف «نبوي»: إن تلك الزيارة تعد رحلة سياسية ذات عنوان واضح، وهو أن «مصر دولة مستقرة.. والصين تبحث عن تعميق العلاقات معها». وأشار إلى أن: «الرئيس الصيني يعلم حجم الاقتصاد المصري، ولدينا ما يكفي من أسباب لجذب استثمارات صينية لتنمية وتطوير إقليم قناة السويس، والفرص المتاحة في القطاعات المختلفة، خاصة في مجالات البنية التحتية والنقل والإسكان وتوليد الكهرباء ونقلها والزراعة واستصلاح الأراضي والتعليم ومكافحة التصحر».
وأكد المتحدث باسم حركة تمرد، أن مصر من أول الدول التي اعترفت بدولة الصين، والعلاقات بين البلدين ترجع إلى أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، مضيفاً: إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يقوم حالياً بإقامة علاقات دولية تعتمد على الشراكة والتنمية.
أما الخبير الاقتصادي خالد الشافعي فقد رأى أن: «زيارة الرئيس الصيني «شي جين بينج» للقاهرة تشير إلى تقدم في العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين في الفترة الأخيرة».
وأضاف خالد الشافعي: إن «الصين قوة اقتصادية كبيرة ويمكن استغلال العلاقة السياسية معها لتطوير الشق الاقتصادي ليس فقط الاهتمام بملف الاستيراد منها ولكن السعي لفتح أبواب للتصدير، مشدداً على ضرورة الاستفادة من تلك الزيارة وإبرام عدد من الاتفاقيات التي من شأنها دفع الاقتصاد المصري خطوات إلى الأمام».
وقالت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتورة، نورهان الشيخ: إن «زيارة الرئيس الصيني للأقصر تبعث برسالة للعالم مفادها أن المدينة التاريخية السياحية مدينة آمنة خالية من الإرهاب».
وأضافت نورهان: إن «مصر الآن بعد التخلص من الحكم الإخواني مختلفة في عيون العالم، وأن اختيار مدينة الأقصر لتدشين العام الثقافي المصري الصيني كان قراراً موفقًا».
وأكدت نورهان أهمية استئناف التعاون العسكري بين البلدين، خاصة أن الصين لديها جيش يستخدم أحدث الوسائل التكنولوجية في المجال العسكري، بالإضافة إلى أنها تعد من الدول القليلة في العالم حسب تعبيرها التي يمكن لمصر أن تدخل معها في شراكة اقتصادية، من دون شروط سياسية تسبب تدخل الصين في شؤون مصر الداخلية.
وتابعت أستاذ العلوم السياسية: إن الصين قوة اقتصادية كبرى، كما أنها تُعد أكبر مصدر للاستثمارات في العالم، وأكبر اقتصاد عسكري، قائلة: «الصين دولة متواضعة لا تطرح نفسها كقوة كبرى، ومسؤولوها في الخارجية والحزب الشيوعي يؤكدون أنها ما زالت دولة نامية».
وأكد الدكتور طارق فوزي رئيس المركز المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية – أن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لمصر ستلقي بظلالها على تطور العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، مؤكداً أن الرئيس الصيني سيحاول أن يتعاون مع مصر من أجل تخفيف التوتر المتصاعد بين السعودية وطهران لسلامة أمن المنطقة – قائلاً: إن «الحرب والصراع لن يحققا أي مكسب لأي طرف».
وأوضح «فوزي»: أن «الصراع بين إيران والسعودية يعتبر صراعاً سياسياً وليس صراعاً مذهبياً أو طائفياً، مؤكداً أن إيران دولة لا يستهان بها في المنطقة، واستطاعت أن تدخل النادي النووي الدولي، وأجبرت الدول الكبرى على الاعتراف بمشروعها النووي»، لافتاً إلى أن رفع العقوبات عن إيران سيساعد على إغراق السوق بالنفط، وهبوط حاد في أسعار البترول ما سيؤثر في دول الخليج بدرجة كبيرة.
لكن الشيء الوحيد الذي عكر التفاؤل المصري بشأن استعادة دفء العلاقة مع العملاق الصيني كان مساهمة الشركات الصينية في بناء سد النهضة الإثيوبي الذي يشكل خطراً داهماً على الأمن المائي المصري، حيث استنكر أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، التغطية الإعلامية والصحفية المصرية لزيارة الرئيس الصيني لمصر، مشيراً إلى أنه كان يمكن أن يتم الترحيب بالرئيس الصيني مع توجيه انتقادات للمساهمة الصينية في بناء سد النهضة، وذلك في إطار سياسة لتوزيع الأدوار.
وأوضح نور الدين: «كنت أتمنى أثناء زيارة الرئيس الصيني لمصر أن تمتلئ الصحف المصرية بمقالات وتحقيقات الهجوم على سد النهضة، وبيان كارثيته بالنسبة لمصر».

Exit mobile version